مدارس غزة: قصص يومية من ضحايا مجازر الاحتلال

By العربية الآن



مدارس غزة.. فصول يومية من مجازر الاحتلال

لا يمر يوم إلا ويشهد الاحتلال الإسرائيلي مجزرة جديدة في مدرسة أو أكثر، حيث أصبحت هذه المدارس آخر ملاذ للنازحين في قطاع غزة. وقد دفع ذلك المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني إلى التساؤل: هل تبقى أي إنسانية؟

ومثلما تتشابه المجازر في إيقاعها الذي يحصد العشرات من الشهداء والجرحى، تتكرر ادعاءات الاحتلال بأنه يستهدف مسلحين داخل المدارس، في حين يبقى الصمت الدولي حالكًا.

في يوم الأربعاء، شهدت مدرسة صلاح الدين التابعة لوكالة الأونروا في غرب غزة مجزرة جديدة، حيث استشهد فيها 7 أشخاص وأصيب آخرون.

وذكرت شهادات عيان أن الغارات الجوية الإسرائيلية استهدفت المدرسة، وهي العاشرة التي تؤوي نازحين وطالتها هجمات الاحتلال منذ بداية أغسطس الجاري.

وقبيل هذه المجزرة بدقائق، قصفت قوات الاحتلال محيط مدرسة أبو نويرة في بلدة عبسان شرق خان يونس.

أما يوم الثلاثاء، فقد أعلن الدفاع المدني في غزة عن انتشال 12 شهيدًا إثر قصف إسرائيلي استهدف مدرسة مصطفى حافظ التي تأوي مئات النازحين في حي الرمال بغرب غزة.

وكشف شهود العيان أن القصف الإسرائيلي أسفر عن انهيار أحد مباني المدرسة التي كانت تؤوي نحو 700 نازح، من بينهم أطفال ونساء.

وعلى ضوء ذلك، اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) هذه المجزرة بمثابة “تأكيد على دموية حكومة تل أبيب المتطرفة وإصرارها على متابعة حرب الإبادة في القطاع، وعمداً لاستهداف المدنيين في مراكز الإيواء والنزوح”.

واتهمت الحركة -في بيان- الرئيس الأميركي جو بايدن وإدارته بـ”المسؤولية الكاملة عن استمرار هذه المجازر ضد شعبنا”، وذكرت أن “استمرار هذه المجازر لم يكن ليحدث لولا التواطؤ الأميركي والدعم السياسي والعسكري المقدم لحكومة الصهاينة المتطرفين”.

وطالبت المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالتحرك الجاد للقضاء على هذه الجرائم والانتهاكات المستمرة ضد المدنيين العزل، داعية “محكمة الجنايات الدولية لتوثيق هذه المجزرة وملاحقة قادة الاحتلال على هذه الجرائم غير المسبوقة”.

وخلال الأيام العشرة الأولى من أغسطس، قصفت إسرائيل 8 مدارس تأوي نازحين، مما أدى لاستشهاد أكثر من 179 فلسطينيًا بينهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى مئات الجرحى، وفق بيانات رسمية فلسطينية.

ومن أبرز مجازر أغسطس، استهداف الجيش الإسرائيلي مدرسة التابعين وسط غزة في العاشر من الشهر، حيث استشهد أكثر من 100 مدني وأصيب عشرات آخرون، بينهم أطفال ونساء.

فأين يذهبون؟

ويطرح العديد من الناس سؤالاً يتردد مع كل مجزرة تستهدف النازحين، الذين تقطعت بهم السبل: أين يذهبون؟

وقال المستشار الإعلامي لوكالة الأونروا عدنان أبو حسنة إنه لا يوجد مكان آمن في قطاع غزة، “فأين يذهب من كانوا في المدرسة التي قُصفت؟”.

وأضاف أبو حسنة أن المدارس التابعة للوكالة يُفترض أن تكون محمية بموجب القانون الدولي، مشيراً إلى أن نقص المساءلة يشكل سابقة خطيرة تشجع على الاستمرار في هذه الأفعال.

كما اعتبر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أن “قصف مدرسة صلاح الدين هو مثال آخر على عدم وجود أماكن آمنة في قطاع غزة”.

فيما أكد المفوض العام لوكالة الأونروا فيليب لازاريني أن غزة لم تعد صالحة للأطفال، مشككاً: هل تبقى أي إنسانية؟

وشدد لازاريني على أن “غزة لم تعد مكانًا صالحًا للأطفال، فهم أول ضحايا هذه الحرب القاسية. لا يجوز أن يصبح الأمر الذي لا يُحتمل هو المعيار الجديد.. كفى.. يجب أن يتوقف إطلاق النار الآن”.

مبررات متكررة

ومع كل مجزرة يرتكبها الاحتلال بحق النازحين، يسارع جيش الاحتلال إلى نشر روايته التي تدعي وجود مسلحين في المدرسة المستهدفة، وهي رواية أصبحت مكررة للغاية، ورغم ما يمتلكه الاحتلال من طائرات مراقبة، لم يقدم أي دليل على وجود هؤلاء المسلحين “المزعومين” في مراكز الإيواء.

وفي المجزرة الكبرى التي حدثت في مدرسة “التابعين”، زعم الاحتلال أن “عناصر حماس استخدموا المدرسة كمقر للقيادة وكمأوى لهجومهم ضد القوات الإسرائيلية”.

وفي هذا السياق، قال المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة إن جيش الاحتلال يسبق قصف أي مدرسة بمعلومات جاهزة دون أي أساس من الصحة، مشيراً إلى أن “الجيش الإسرائيلي له خطة لتصفية وإبادة الشعب الفلسطيني”.

وطالب الثوابتة، في حديثه للعربية الآن، المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال لوقف استهداف المدنيين في غزة.

في أعقاب مجزرة مدرسة التابعين، أجرت مؤسسة “الحق” الفلسطينية تحقيقًا أوليًا، وأظهرت أن الباحثين الميدانيين من المؤسسة لم يتعرفوا على أي معدات أو مواد تدعم ادعاءات الاحتلال بشأن وجود مركز قيادة داخل المدرسة أو احتمال استخدامها كمقر فعّال للمقاومة.

مفاوضات على وقع المجازر

تتزامن هذه المجازر مع استمرار “ماراثون المفاوضات” الذي بدأ منذ حوالي عشرة أشهر، والذي يشمل عشرات الجولات والاجتماعات ومئات التصريحات دون أي نتائج ملموسة لوقف الحرب أو حتى المجازر ضد المدنيين النازحين.

إذ ترفض إسرائيل وقف إطلاق النار، وتصّر على حقها في القصف ومواصلة وجود قواتها داخل قطاع غزة حتى بعد التوصل إلى اتفاق مع حركة حماس، وهو ما ترفضه الحركة بشكل قاطع، مؤكدين أن أي اتفاق يجب أن يتضمن وقف الحرب وانسحاب الاحتلال الكامل من القطاع.

ويعتقد المراقبون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستخدم هذه المفاوضات كوسيلة لإدارة واستمرار الحرب بدلاً من إنهائها.

دمار شامل

ودمّر الاحتلال الإسرائيلي منذ أكتوبر 2023 وحتى السابع من أغسطس 2024، أكثر من 117 مدرسة وجامعة بشكل كلي، و332 مدرسة وجامعة بشكل جزئي، حسب مركز الإحصاء الفلسطيني.

وبحسب 19 خبيرًا ومقررًا أمميًا مستقلًا تم تعيينهم من مجلس حقوق الإنسان في جنيف في أبريل 2024، فقد دمر الاحتلال أكثر من 80% من مدارس غزة، وخلال 6 أشهر فقط، قُتل أكثر من 5479 طالبًا و261 معلمًا و95 أستاذًا جامعيًا، وأصيب أكثر من 7819 طالبًا و756 معلمًا.

ولجأ سكان قطاع غزة إلى المدارس التي اعتبروها محمية بموجب القانون الدولي الإنساني، لكن الاحتلال الإسرائيلي قصفها بدلاً من حمايتها، كما تم قصف المستشفيات والأماكن المدنية، حتى المناطق التي أعلنها “مناطق آمنة”.

وقد أدان مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي للمدارس التي تأوي آلاف النازحين، حيث قصف الاحتلال خلال الفترة من 4 يوليو إلى 10 أغسطس 2024، نحو 21 مدرسة، مما أودى بحياة المئات، معظمهم من النساء والأطفال.

وفي هذا الرابط، رصد لأبرز المدارس التي قصفها الاحتلال الإسرائيلي حسب توزيع المحافظات في غزة.

المصدر : العربية الآن



رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version