مسرحية “خيال صحرا”: عرض فني يجسد الرقص على خط التماس

By العربية الآن



مسرحية “خيال صحرا”.. الرقص فوق خط التماس

مسرحية خيال صحرا الجزيرة/لبنان
تلملم مسرحية “خيال صحرا” قصة الحرب التي شطرت لبنان إلى قسمين (الجزيرة)

المؤلفون يكتبون عن الفاجعة، لكننا لا نعرف إن كانوا يفعلون ذلك لتجنيب أنفسهم الألم أو لاستنزاف جراح الكتابة العميقة. نحن كمتلقين نكون غالبًا جزءًا من هذا الألم، حيث يتناول الكاتب قضايا عصره. نفقد أنفسنا في تجنب الألم، مما يفعل الكثير من الناس، ونحن نختار في كثير من الأحيان دور الضحية وسط هذه الازدواجية الحياتية.

وربما يهدف الكاتب، المتأثر بفكرة معينة تتكرر في أعماله، إلى تطهير نفسه عن طريق استكشاف معاني الفاجعة وصورته الذاتية ومجتمعه، محاولًا تقديم قضايا عصره باللغة التي يفهمها الجميع. من خلال ذلك، يسهم الفكر الذي تطرحه الكتابة في إيجاد حلول.

أفكار مسرحية “خيال صحرا”

شغف الفنان جورج خباز يظهر بشكل واضح في أعماله، فهل نجح في تقديم جديد في مسرحية “خيال صحرا”؟ العناوين التي يختارها تدفع المتلقي للتفاعل وتفتح له باب التفسير. ويبدو أن “خيال صحرا” تحمل في طياتها غموضًا وشيفرة تعبر عن القلق وصورة ضبابية للواقع، مما يجعلها تعكس عدة أبعاد، بدءًا من الذات المرهقة إلى الصور الكثيرة لوطن عربي مضطرب.

يطرح خباز صورة مُعبرة عن أرضه، مختزلًا العلاقة بين الأنا والآخر في تصورات عن الوطن، حيث تحتل الصحراء معانٍ عميقة. يتساءل إن كان البحث عن الذات ينتهي، وما إذا كانت الأنا تقدّر صورتها بشكل واضح.

الحرب والهوية

مسكونًا بالموسيقى، يلملم خباز قصة الحرب التي شطرت لبنان إلى قسمين. يقف عدوّان عند خط التماس، يحمل كل منهما سلاحه وخلفيته الثقافية، ولكل منهما طموحاته ودوافعه. في هذه الأجواء، تسود حالة من الموت والزمن المعلق، ومع لحظة الهدنة التي شهدتها بيروت، تتاح الفرصة لكل منهم لرواية قصته وحالته الإنسانية.

يكشف خباز عن أسباب الحرب، حيث يعكس تشابهات بين الشخصين، رغم التناقضات الظاهرة. كلاهما يشعر بالضعف وكلاهما يحمل آمالاً وأحلامًا تتجاوز واقعهما. تبدأ الرقصات كفعل حلم مشترك يعبّر عن تجاوز الفجوات والعوائق.

في لحظة الحلم، يتوحد الأبطال في رقصة تحررهم من قيود الواقع، تفصلهم عن الحدود وتتيح لهم التعبير عن ذواتهم بحرية. ينتهي الحلم ويعودان إلى الواقع، حيث تكشف الأبعاد المعقدة للوطن والتاريخ.

الواقع اللبناني في خياله

تكشف “خيال صحرا” المآسي التاريخية والوجودية في لبنان، وتسلط الضوء على الخسائر المعنوية التي يتعرض لها اللبنانيون. جاك فكرة التأصيل في الوطن، حيث يتهرب العابرون من الانهيار الدائم الذي يترافق مع حياتهم اليومية.

يتزامن عرض العمل مع ذكرى كارثة مرفأ بيروت، مما يعطي العمل دلالة خاصة، إذ يشير إلى استمرارية الفاجعة والنزاع المستمر. يدعو خباز لمواجهة هذه الثنائيات والبحث عن الخيال والبدائل وسط عالم قاسي.

في نهاية المطاف، يفتح جورج خباز أبواب الحوار مع جمهوره عن طريق تسليط الضوء على تجاربهم المشتركة وآلامهم، مقدّمًا عملًا يلامس الوجدان ويعزز من اللحمة الإنسانية في خضم التوترات السياسية والاجتماعية.

المصدر: الجزيرة



رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version