مصر مقابل إسرائيل في “العدل الدولي”.. السلام والوساطة تحت تهديدات الحرب

By العربية الآن



صراع مصر ضد إسرائيل في “العدل الدولي”.. السلام وعمليات التوسط تحت تهديد الاعتداءات

00 1715349934
دبابات إسرائيلية قرب حاجز رفح على الجانب الفلسطيني من الحدود مع مصر (الفرنساوي)
القاهرةـ لا يزال التوتر يتصاعد على الشريط الحدودي بين مصر والأراضي الفلسطينية، خاصة في رفح الفلسطينية التي تعرضت لعدوان القوات الإسرائيلية، ما أدى إلى تعرض القاهرة لمواجهة حرجة، واضطرارها للرد ببيانات دبلوماسية غاضبة.

وضمن رسائلها الغاضبة، أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانًا قبل يومين أعلنت فيه عن نيتها التدخل رسميًا لدعم القضية المرفوعة من قبل جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام المحكمة الدولية للنظر في انتهاكات إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جرائم الإبادة الجماعية والعقوبة عليها في قطاع غزة، وهذه التطورات تعتبر مؤشرًا على مدى اندلاع الصراعات والعقبات في العلاقات المشتركة.بين القاهرة وتل أبيب يظهر منحى جديد.

تساءلات جديدة تثار حول مدى تأثر موقف مصر كقوة وسيطة بين الفلسطينيين وإسرائيل، هل يؤثر القرار على اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل؟ وكيف يعزز القرار المصري الحركة القانونية في جنوب أفريقيا بخصوص ملف الإبادة الجماعية في غزة؟

دال ولكنه متأخر

أشار السفير السابق عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية المصرية السابق للاتفاقيات والمعاهدات، إلى أن البيان الصادر يحمل رسالة سياسية ودبلوماسية بارزة، كرد فعل على انتهاكات الاحتلال في رفح ومنطقة فيلادلفيا، وانتهاك إسرائيل لاتفاقيات السلام بتواجد 6 تكتلات صهيونية في المناطق المحيطة بمصر، وكذلك حظر الأسلحة الثقيلة.

وأوضح الأشعل، خلال تصريحاته للجزيرة نت، أن البيان يفضح أزمة كبيرة في العلاقات مع إسرائيل والولايات المتحدة، مؤكداً أن الآثار السياسية والدبلوماسية لموقف مصر يتجاوز بكثير تداعيات المحكمة الدولية، حيث يمثل دعماً أخلاقياً وتأكيداً على عزلة إسرائيل دولياً، خاصة وأن القاهرة تُعتبر من الدول الرئيسية المهتمة بالقضية الفلسطينية.

ونفى أستاذ القانون الدولي في الجامعة الأميركية بالقاهرة وجود أي احتمالية لمصر في رفع دعوى جديدة تتهم إسرائيل بالإبادة، نظراً لمخالفتها المادة 63 من القانون الأساسي لمحكمة العدل الدولية التي تمنع وجود دعاوى قضائية متعددة في قضية واحدة.

ثم أضاف قائلاً: “قرار الانضمام لدعوى جنوب أفريقيا يعزز وضعها أمام المحكمة، مؤكداً على وجود توافق على شنّ اسرائيل جريمة الإبادة الجماعية ومحاصرتها قانونياً”.

ومع هذا، انتقد الأشعل تأخر إعلان مصر عن الانضمام لدعوى جنوب أفريقيا، معتبراً ذلك فتحاً لباب الاتهامات للقاهرة بغايات انتقامية ضد تل أبيب، ومحاولة لاستخلاص فوائد أخلاقية وقانونية ورضا الرأي العام المصري المستاء من استمرار السكوت الرسمي، بدلاً من موقف مبدئي مصري ضد الجريمة الإسرائيلية في قطاع غزة، وفق رأيه.

وفي سياق آخر، عبّر الحقوقي والمحامي المصري البارز جمال عيد عن شكوكه حول دوافع التحرك المصري، حيث اعتبر أن هذا الموقف يبدو رمزياً بشكل أساسي، ولو كانت القاهرة جادة بحق هذه القضية، لاتخذت إجراءات أكثر فعالية ضد إسرائيل منذ زمن بعيد، وليس بعد مرور 225 يوماً على العدوان، ومن بين هذه الإجراءات طرد السفير الإسرائيلي واستدعاء السفير المصري من تل أبيب، كما كان آملًا أن تقوم مصر بفتح المعابر بجدية.

وأضاف خلال مقابلة مع الجزيرة نت: “إن كان انضمام مصر للدعوى التي تقدمت بها جنوب أفريقيا متأخرًا فهذا علامة على التراجع، فكيف تدعم مصر فلسطين وتحبس المئات من المواطنين بسبب تضامنهم مع القضية، وفقًا للمصادر الحقوقية، حيث تم حبس طلاب جامعيين مصريين آخرين”.

موقف جامح

على الجانب الآخر، أوضح أحمد فؤاد أنور، أستاذ الدراسات العبرية في جامعة الإسكندرية، أن موقف مصر يعكس غضباً شديدًا تجاه التجاوزات الإسرائيلية في رفح وسياساتها المعادية منذ بدء عدوانها على غزة، التي أدت إلى أزمات إنسانية وتعريض حياة الملايين من الفلسطينيين للخطر.

وأكد أنور أن هذا الموقف يعكس أيضًا غضبًا نتيجة تعريض الجنود المصريين للخطر بسبب وجود أسلحة ثقيلة بالقرب من الحدود، وهو ما يتعارض مع اتفاقية السلام، كما قد يؤثر في قرارات مثل إلغاء الاجتماع العسكري بين القاهرة وتل أبيب خلال الأسبوع الماضي.

دبابات مصرية بالقرب من معبر رفح الحدودي بمحافظة شمال سيناء (الفرنسية)

حكومة بنيامين نتنياهو، وتحاصرها قانونيًا في ظل المعرفة القانونية التي تمتلكها مصر، وحضورها كشاهد في هذا الدعوى.

نفى أن يكون هناك تبعات سلبية لهذه الخطوة على دور مصر كوسيط أساسي في التفاوضات لوقف إطلاق النار في غزة، نظرا لأهمية دور القاهرة وحرص تل أبيب جنبا إلى جنب مع واشنطن على استمرارية هذا الدور.

قلل أنور من أهمية وجود تأثيرات لهذا الانضمام على اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، مشيرًا إلى الحرص الإسرائيلي على استمرار تلك المعاهدة واستقرار العلاقات مع مصر، حيث تُعَد تلك العلاقات نموذجًا يسعى إسرائيل لتعميمه مع دول المنطقة.

ولفت إلى هذا في الاعتذارات المتكررة التي تقدمها تل أبيب للقاهرة عن أي خطأ قد يقوم بها، وجهودها لإرضاء مصر بكل الوسائل، إضافة إلى أهمية أن السلام يمثل خيارا استراتيجيًّا للقاهرة، وهو ما أكده مصر بشكل متكرر.

ومع ذلك، لم يستبعد أستاذ الدراسات العبرية بجامعة الإسكندرية، أن تتقدم مصر بخطوات أكثر تشددا إذا استمر تل أبيب في اجتياح رفح وإلحاق الأذى بالمدنيين الفلسطينيين، واستمرار إغلاق معبر رفح من قبل الجانب الفلسطيني، وعدم التعاطي بشكل إيجابي مع جهود تحقيق التهدئة أو التوصل إلى صفقة تبادل الأسرى.

رسالة دعم رمزية

أما السياسي المصري ونائب رئيس حزب المحافظين، مجدي حمدان، فاعتبر أن الخطوة تتماشى مع موقف مصر التاريخي تجاه القضية الفلسطينية، الذي لم يتغير، وتُظهر رسالة رفض مصرية قوية للمجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال في قطاع غزة وخصوصًا في رفح، كما تأتي هذه الخطوة كجزء من جهود مصرية للضغط على نتنياهو للانسحاب من معبر رفح والمشاركة بشكل إيجابي في جهود تحقيق التهدئة.

ورغم اعتراف حمدان بتأخر انضمام مصر للدعوى التي أقامتها جنوب أفريقيا، فإن هذه الخطوة يُعتبر رسالة دعم قوية لموقف جنوب أفريقيا وتعزيزًا له أمام المحكمة الدولية، وتؤكد وجود تأييد إقليمي ودولي من دول ترفض الإبادة الجماعية في غزة، ما قد يدفع المحكمة الدولية لاتخاذ مواقف قوية ضد الإجرام الإسرائيلي.

يشير حمدان، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن هذا الإعلان يُؤكد على حالة الخصومة بين العلاقات المصرية الإسرائيلية، خاصة بعد تجاوز إسرائيل لكل الخطوط الحمراء، ويتوقع أن مصر لن تكتفي بهذه الخطوة، بل قد تتبنى مواقف أكثر تشددًا تجاه ما يحدث في غزة، لكنه يستبعد تأثر دور مصر كوسيط في التفاوض الحالي بين حماس والاحتلال.

ويُؤكد أن الدور المصري لا يمكن تجاهله، خاصة مع الإدراك الدولي لقيمة الموقف المصري والتصميم المصري على مواصلة الوساطة لوقف العدوان.

كما يتوقع ألا يُؤثر موقف مصر على اتفاقية السلام مع إسرائيل، لأن ذلك يخدم مصالح الاحتلال وحلفائه، الذين لن يسمحوا بأي تأثير على هذه الاتفاقية.

ويُقدّر رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، جمال سلامة، الموقف المصري، إلا أنه اعتبر أن هذا الإجراء لا يتعدى كونه خطوة رمزية معنوية، خاصةً أن قرارات المحكمة الدولية غير ملزمة ما لم يصدر قرار من مجلس الأمن يدعمها.

وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن الخطوة المصرية تُعتبر رسالة قوية وغاضبة تجاه الإجرام الإسرائيلي، مؤكدا أن مصر لن تبقى مكتوفة الأيدي تجاه ما يحدث على حدودها.

وأوضح أن القاهرة ترغب في تنبيه نتنياهو بأن استمراره في الحرب وفشله في مفاوضات التهدئة وعدم توصله إلى صفقة تبادل واستمراره في التصعيد العسكري لن يمر دون عقاب.

المصدر : الجزيرة



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version