مغامرة العمال الفلسطينيين: عبور الجدار الفاصل وعواقبه الخطيرة

By العربية الآن


اجتياز الجدار الفاصل: مغامرة وعواقب وخيمة للعمال الفلسطينيين

فلسطينيون يتسلقون "جدار الفصل" للصلاة في المسجد الأقصى
فلسطينيون يغامرون بتسلق الجدار الإسرائيلي لدخول القدس (الأناضول)

الخليل- يواجه شباب فلسطينيون من الضفة الغربية تحديات عنيفة، بعد تراكم الديون عليهم، حيث يغامرون بحياتهم بحثا عن عمل لتأمين احتياجات عائلاتهم. عودة الكثير منهم محمولة على النعش أو بإصابات بليغة.

قبل انطلاق العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، كان هؤلاء العمال يعتمدون على عائدات العمل في مناطق الداخل الفلسطيني. ومع إغلاق المعابر، يجدون أنفسهم مضطرين لتجاوز الجدار الفاصل الذي يقام على الحدود.

تتضمن هذه المغامرات استخدام سلالم مرتفعة ومساعدة من آخرين، مما يساهم في إمكانية السقوط أو التعرض للاعتقال.

أعادت الأحداث الأخيرة وفاة عاملين الثلاثاء الماضي قرب الجدار الفاصل في قلقيلية خلال محاولتهما اجتيازه بحثًا عن عمل.

تجارب خطرة: شهادات من العمال

أجرى مراسلو الجزيرة نت لقاءات مع بعض العمال الذين خاضوا تجربة اجتياز الجدار.

الشاب سامر الشحاتيت أصيب بكسور في قدميه بعد سقوطه عن الجدار العازل (الجزيرة)

قصة سامر الشحاتيت

كان سامر الشحاتيت (38 عامًا) يعتمد على عمله في الداخل الفلسطيني لتأمين دخل شهري يصل إلى ألفي دولار. ولكنه واجه صعوبة بسبب إغلاق الاحتلال للمعابر، مما أدى إلى تراكم الديون وتهديد معيشته وعائلته المكونة من 8 أفراد.

بعد تخفيض وزنه بمساعدة والده، قرر الشحاتيت خوض تجربة المؤلمة لتجاوز الجدار، إلا أن الأمور لم تسر كما أراد. فقد سقط أثناء الهبوط بسبب انقطاع الحبل مما أدى إلى إصابته بكسرين في قدميه.

مكث في المستشفى ثمانية أيام ويتعين عليه الانتظار لثلاثة أشهر قبل أن يتمكن من السير مرة أخرى، ما يزيد من أعبائه المالية التي تحتاج لعلاج.

السؤال يطرح نفسه: كيف سيعمل العمال لتوفير احتياجاتهم وسط هذا الوضع الصعب؟
رابط المصدر

التحديات اليومية

عمال آخرون في الضفة الغربية يتحدثون عن نفس القلق والتوتر. الحاجة إلى العمل تسهم في تعريضهم للخطر يوميًا، مما يعكس أزمة إنسانية متزايدة.


تحديات العمال الفلسطينيين: قفزات محفوفة بالمخاطر

يعتبر العمل في إسرائيل أحد المصادر المهمة لكسب الرزق بالنسبة للكثير من الفلسطينيين. ومن بينهم الشاب “أحمد”، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه بالكامل. حيث يقول إنه وجد في هذا العمل فرصة لتأمين دخل مرتفع يزيد على ضعف راتب موظف حكومي متوسط في الضفة الغربية. وبفضل هذه الفرصة، تزوج وأنشأ أسرة ورزق بطفلة.

لكن الأمور تغيرت بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، حين حاول “أحمد” البحث عن عمل في الضفة ولكنه انتظر 14 شهراً بلا جدوى. تراكمت عليه الديون والتزامات أسرته، مما دفعه لخوض مغامرة القفز عن الجدار للالتحاق بمقاول من فلسطينيي 48. لكن محاولته انتهت بشكل مأساوي؛ إذ سقط من ارتفاع 4 أمتار تعرض على إثرها لكسور في العمود الفقري، ليبدأ رحلة علاجٍ طويلة من دون أي مصدر للدخل.

تصنف مثل هذه الإصابات تحت بند “إصابات الاحتلال” ويتم علاج المصابين مجانًا في المستشفيات الحكومية الفلسطينية.

أوضاع صعبة: حكاية “حمزة”

عانى “حمزة”، الذي يعيش مع أسرته المكونة من أربعة أبناء، من وضع مشابه. بدأ بعبور الجدار لكنه سقط أيضًا من ارتفاع مماثل، مما أدى لحدوث إصابة خطيرة في قدمه ورضوض في الأخرى، ليصبح عاجزًا عن الحركة تمامًا. وما زاد معاناته هو وصول دورية من جيش الاحتلال أثناء سقوطه، حيث تم اعتقاله وسحله لسيارة الجيش دون الأخذ بعين الاعتبار إصابته، ثم ألقي به قرب حاجز عسكري لنقله لاحقًا إلى المستشفى.

يقول حمزة: “لم يؤلمني السقوط بقدر ما آلمني سحلي من الجنود، شعرت كأن قدمي قطعت ولم يتبق سوى الجلد.”

مئات الفلسطينيين سقطوا خلال نزولهم عن الجدار مستخدمين الحبال (الأناضول)

إحصائيات مؤلمة: 10 شهداء

وفقا لتقديرات الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، فقد استشهد 10 عمال على الأقل خلال محاولتهم الوصول إلى أماكن عملهم، بالإضافة إلى 7 آخرين أثناء اعتقالهم، وذلك ضمن 49 فلسطينيا لقوا حتفهم في حوادث عمل منذ بداية العام الجاري 2024.

وصرح سعيد عمران، المنسق الإعلامي في الاتحاد، للجزيرة نت بأن العديد من العمال واجهوا إصابات خطيرة نتيجة السقوط عن الجدار أو التعرض لإطلاق النار أثناء محاولتهم اجتيازه. وكان آخر الشهداء هما ضياء شريف سلمي (32 عامًا) ومحمد زكي الأشقر (31 عامًا) من مدينة قلقيلية، الذين قضوا يوم الثلاثاء الماضي.

وتجري النقابة اتصالات مع الجهات الحكومية لمساعدة العمال، وقد نجحوا في إيواء عمال غزة الذين تقطعت بهم السبل منذ بداية الحرب على القطاع.

الوضع المالي والمعاناة المستمرة

تشير إحصائيات الاتحاد إلى أن الوضع المالي للسلطة صعب للغاية. وفي إطار الجهود لدعم العمال، أعلنت الحكومة عن مبادرة لتقديم قروض بلا فوائد استفاد منها حوالي 6000 عامل، وهو رقم ضئيل مقارنة بالعاطلين عن العمل.

تم تحسين الوضع المالي لفئات محددة، لكن العودة إلى العمل تبقى صعبة، ما يجعل العديد من الأسر في وضع مالي خطير.

مطالبات بالتعويضات

يمثل العمال الفلسطينيون حوالي 20% من القوى العاملة في إسرائيل. ووفقاً لمنظمة العمل الدولية، فقد انقطع عمل حوالي 205 آلاف عامل منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

كما تشير البيانات إلى فقدان أكثر من نصف مليون وظيفة في فلسطين نتيجة الحرب على غزة، مما أسفر عن خسائر مالية كبيرة تقدر بنحو 21.7 مليون دولار يوميًا.

تؤكد إحصائيات الاتحاد أن العمال يواجهون خسائر شهرية تقارب مليار و250 مليون شيكل (حوالي 350 مليون دولار) بسبب عدم قدرتهم على العودة للعمل في إسرائيل.

رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version