## محكمة غزة: خطوة غير تقليدية لمحاسبة مرتكبي الإبادة
### تصريحات ريتشارد فولك حول محكمة غزة
في حديثه، أكد المقرر السابق للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في فلسطين، ريتشارد فولك، أن “محكمة غزة” تعمل خارج القيود المفروضة من المحاكم التقليدية، سواء الوطنية أو الدولية. فولك أشار في مقابلة خاصة مع الجزيرة نت إلى أن هذه المحكمة، التي تتخذ من لندن مقراً لها، تسعى للتغلب على العقبات القانونية التي تعرقل العدل.
### تأثير إسرائيل على القرارات القضائية
أوضح فولك أن إسرائيل تتأثر بشكل كبير بالأحكام السلبية التي قد تصدرها محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، وتستخدم كافة وسائل الضغط لتخفيف هذه العواقب، مشيراً إلى بعض الحملات الإعلامية التي تروج لأفكار مضللة مثل وصف الأمم المتحدة بأنها “مستنقع حقير لمعاداة السامية”.
تصريحات فولك تأتي في وقت حساس، إذ أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، متهمة إياهما بارتكاب جرائم حرب في غزة.
### انطلاق فكرة “محكمة غزة”
أفاد فولك بأن فكرة إنشاء محكمة شعبية تعود إلى سنوات مضت، ولكن لم يتم تحديدها بشكل رسمي إلا في مايو الماضي خلال منتدى في تركيا. حيث تم التخطيط لإنشاء هذه المحكمة لاستجابة للاعتداءات المستمرة على المدنيين الفلسطينيين. وشدد على أهمية الاستقلالية السياسية للمحكمة بعيداً عن أي تأثير خارجي.
### اختيار لندن كمقر ومحطة انطلاق
تم اتخاذ قرار اختيار لندن كمقر لإطلاق هذه المبادرة، حيث تأمل المحكمة أن تكون بمظهر عالمي وليس مرتبطاً بفلسطين أو تركيا فقط. كما أن تنوع المشاركين في هذا الحدث يعكس أهمية القضية التي تعكس مختلف الهويات.
### أهداف محكمة غزة
أكد فولك على وجود توافق واسع حول التوجه نحو تنظيم المحكمة بطريقة تركز على ممارسات الإبادة الجماعية وفقًا للقانون الدولي. ومن بين الأهداف الرئيسية:
1. دعم جهود محكمة العدل الدولية من خلال تقديم دراسات واضحة وسهلة القراءة.
2. العمل دون العقبات القانونية التقليدية.
3. توثيق تاريخ الأحداث في غزة بموضوعية وشمولية.
4. تطوير نموذج تعليمي بديل حول القانون الدولي.
5. معالجة القضايا القانونية بطريقة تتناسب مع الحقائق القاسية في غزة.
### تحقيق الأهداف المرجوة
وفيما يتعلق بإمكانية تحقيق هذه الأهداف، عبر فولك عن الأمل في أن تكون المحاكمة فعالة، مشددًا على أهمية الفهم النقدي لقضايا حقوق الإنسان في تقديم مقاربات قانونية عادلة تأخذ بعين الاعتبار الظروف الاستثنائية التي يواجهها الفلسطينيون.### جودة الأداء في محكمة غزة
تُظهر جودة الأداء في مختلف مراحل “محكمة غزة” توافقًا مع التطلعات والإمكانات المتنوعة. على الرغم من عدم امتلاك محكمة المجتمع المدني لأي قدرات تنفيذية مباشرة، إلا أنها تُستطيع تحفيز المبادرات التضامنية التي تمارس ضغطًا فعالاً. وقد لعبت هذه العوامل دورًا حاسمًا في حالات مثل حركة مناهضة الفصل العنصري، رغم أن الوضع الفلسطيني يختلف.
### أهمية منظمات المجتمع المدني
تُعتبر العناصر المنظمة في المجتمع المدني، مثل الجماعات الدينية والنقابات العمالية والنشاطات الطلابية المناهضة للفصل العنصري، من العوامل الأساسية في نزع الشرعية عن نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. ومن أبرز جهود النضال الفلسطيني هي حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات “بي دي إس” التي بدأت عام 2005 بجهود ائتلاف من النشطاء الفلسطينيين ومنظمات المجتمع المدني.
محكمة غزة تعزز الشرعية لهذه المبادرات، مما قد يؤدي أيضًا إلى ظهور مبادرات غير حكومية أخرى، مثل المقاطعات الثقافية والرياضية. ومع ذلك، يعتمد نجاح هذه الجهود على السياق العام، خاصة في ظل استمرار القلق من سلوك إسرائيل تجاه حقوق الفلسطينيين.
### التحديات المستقبلية
إذا نفذت إسرائيل خططها بضم الضفة الغربية وإنكار أي نية لإقامة دولة فلسطينية، فقد يتأثر الوضع بشكل كبير. وقد تقوم الحركة الصهيونية بالرد على محكمة غزة باستخدام استراتيجية “معاداة السامية” لتشتيت الانتباه عن هذه القضية.
### المنظمات المدنية المشاركة
تشمل “محكمة غزة” مجموعة متنوعة من المنظمات المدنية النشطة، مثل مركز “الحق” والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان. يتم دعم هذا العمل من خلال مجموعة عمل تتكون من ممثلين عن منظمات المجتمع المدني، مما يضمن توجيهًا سليمًا ودعمًا فعالًا طيلة فترة عمل المحكمة.
### التنسيق بين المنظمات
تسعى المحكمة لضمان مشاركة واسعة من منظمات المجتمع المدني الفلسطينية والدولية، حيث تتعاون بشكل جيد حتى الآن. وترمي هذه الجهود إلى تشكيل مجموعة عمل تؤمن وجود قنوات واضحة للتفاعل والمشاركة.
### الأمل في المبادرات
رغم التحديات الحالية، يجب ألا نفقد الأمل في هذه المبادرات. تاريخيًا، كانت هناك محاكمات مشابهة أثرت على السلوك الحكومي والآراء العامة تجاه حروب معينة، ومن الممكن أن يحقق هذا النموذج النجاح أيضًا في القضايا المرتبطة بالنضال الفلسطيني.
### التحديات القانونية
مع ذلك، إذا تعارضت الالتزامات القانونية مع المصالح الجيوسياسية، قد تكون التأثيرات رمزية. إلا أن إسرائيل تدرك جيدًا تأثير الأحكام السلبية من المحاكم الدولية، وتسعى لتخفيف هذا التأثير قدر الإمكان. هذا يشمل استخدام الدعاية لوصف الأمم المتحدة بأنها مكان يتسم بمعاداة السامية.
### الاستنتاج النهائي
في نهاية المطاف، يجب أن تُفهم المبادرات الرمزية مثل “محكمة غزة” كوسيلة ذات تأثير حقيقي، حتى لو كانت تعبيراتها القانونية تتسم بالرمزية. إن تأثير هذه المبادرات على السلوك العام والأفكار لا يمكن إنكاره، ويجب أن يُنظر إليها باعتبارها جزءًا من النضال المستمر من أجل حقوق الفلسطينيين.