من الأردن صوب ماليزيا.. الكون يمتنع عن التعامل مع إسرائيل والشركات المؤيدة لها

By العربية الآن



من الأردن صوب ماليزيا.. العالم يمتنع عن التعامل مع إسرائيل والشركات المؤيدة لها

المتظاهرون يحملون لافتات يدعون لمقاطعة المنتجات الداعمة لإسرائيل والشركات خلال احتجاج للتضامن مع الشعب الفلسطيني في يوجياكارتا في 11 نوفمبر 2023. - لقد قتل الآلاف من المدنيين، سواء الفلسطينيين أو الإسرائيليين، منذ 7 أكتوبر 2023، بعدما قام مقاتلون من حماس الفلسطينية المقرة في قطاع غزة بدخول جنوب إسرائيل في هجوم غير مسبوق مما أدى إلى حرب أعلنتها إسرائيل على حماس بقصف مضاد على غزة. (صورة: ديفي رحمن / أ ف ب)
المقاطعة تحولت إلى ثقافة شعبية للتعبير عن رفض الإحتلال والعدوان الإسرائيلي في مختلف أنحاء الكوكب (بالفرنسية)
تأخذ الحركة القائمة بمقاطعة منتجات الشركات والعلامات التجارية المؤيدة لإسرائيل، مثل ستاربكس وماكدونالدز وكنتاكي وكارفور وغيرها، زخمًا كبيرًا، وتحقق إنجازات عديدة في مختلف بلدان العالم وخاصة في الوطنيَّن العربي والإسلامي، حيث تحوَّلت المقاطعة إلى ثقافة شعبية للعبِّر عن رفض الاحتلال والعدوان الإسرائيلي في ربوع العالم.

ثقافة مجتمعية للمقاطعة في الأردن

بالأردن، أُغْلِقَت شركة كارفور صُبغة من فُروعها المُتَبَوِّعة في البلاد. كما أُغْلِقَ مَن نِسَبٍ يُعَسكر لشركة ستاربكس واحدٌ من فروعه في عاصمة الأردن عمّان، وأُضطَرَّت حُمَلات مقاطعة إسرائيل ومُنْتَجات الشركات المؤيدة لها كَثِيرا مِن العلامات التجارية الأمريكيَّة والغَرْبِيَّة على تَخَفِيضِ إنِتاجها، وتَقَلِيص ساعات العمل، وتَسْرِيح كَثِير مِن العُمّال لدَيها.

المقاطعة في الأردن دفع شَوكَة متاجر للقيام بحملات تسويق وعروض قياسية (الجزيرة)

وفي كافَّ الأحَبار الأُردُنيَّة، تَظهر مطاعم ومقاهٍ شَهِيرة -مِثال ماكدونالدز وكنتاكي وبرجر كنج وبيتزا هت- فارغة مِن الزائرين، غيْر أنَّها كانت مُزدَحَمة بالزُّوَّار مِن قَبل المقاطعة، كما تَتَكَدَّس بِضائع ومنتجات علامات شهيرة كانت رَائِجَة قَبل المقاطعة، كما بيبسي وكوكا كولا ونستله، في المتاجر مِن غير أن يَشْتَريها أحد، حيث تحوَّل الأُردُنيّون لِشِراء المنتجات والبضائع الوَطَنِيَّة البديلة.

مِن نحوها، تُقُول شروق طومار الناشطة الإعلامية في حركة المقاطعة-مجموعة الأردن (بي دي إس): “إن نجاح حُمَلات المقاطعة لَم يسبِق له مثيل في الأردن، حيث كان رد فعل الشَّعْب الأُردُنِي على العدوان الإسرائيلي على غزة كبير جداً، وتنامى لِيْخَرُج مِن إطار رد فعل لِيَصبَح جُزْءًا مِن الثقافة المجتمعية، مُتَحوَّلًا لمَوْقِف سِياسِي وثقافي”.

وتُضيف في تصريحات للجزيرة نت أن “المواطَن الأُردُني أصبح غَيْر مُسْتَعِد لِشِراء مُنتجات العلامات التجارية المؤيدة للكيان الصهيوني، حتى لو لَم يَتَوَفَّر لَها بديل، ونُشَهِد ذلك في كافة فئات ومُكُونات المجتمع حتى الأَطْفال مِنهم، وهذا شَيءٌ غَيْر مسبوق”.

مِن نحوه، يُؤَكِد مجد الفراج عضو تجمّع تحرِك لِدَعْم المُقاومة ومُجابهة التطبيع “أن ما قبل السابع مِن أكتوبر/تشرين الأُول ليس كَمَا بَعْده في الشارع الأُردني، حيث كانت تُوجد في السابِق حملات مقاطعة، لَكِنها كانت تأتي كهبّات شعبية في كُل مرة يُعتَدى فيها الكيان الصهيوني على الشَّعب الفلسطيني”.

شروق طومار: نجاح حملات المقاطعة لَم يُسبِق له مثيل في الأردن (الجزيرة)

ويُضيف -في تصريحات للجزيرة نت- ” أمّا بعد السابع مِن أكتوبر/تشرين الأول، فقد اختلفت الحال بشكل جوهري، حيث تجذرت ثقافة المقاطعة، وأصبح هناك وَعي كبير لدى الشارع العربي والأُردُني في ما يخص مقاطعة المُنتَجات الصهيونية أو الشركات والدول المؤيدة للعدو الصهيوني”.

وعن أَثَر المقاطعة على المنتج المحلي الأُردُني، قالت طومار: “كان للمقاطعة أثر كبير وواضح على دعم المُنتجات والبضائع الوطنية، إذ اتجهت عديد مِن الشركات المُحلية إلى تلبية احتياجات السوق ببدائل مِن المُنتَج المحلي، كما اكتشف المواطن الأُردُني أن هناك عديداً مِن المُنتَجات الوطنية البديلة المنافسة للمُنتَج الأجنبي إن لم تتفوق عليه، ولم يكن قد تنبّه لوجودها في السابق بسبب اعتماده أو تعوده على شراء المُنتج الأجنبي”.

وتَابعت “أن هناك كثيرًا مِن المُنتجين والمُصَنّعين المُحليين أصبحوا مهتمين برفع جودة مِنتجاتهم لمنافسة البديل الأجنبي، وتلبية احتياجات المواطنين والمستهلكين”.

يتحدث الفراج عن تواجد أرقام محددة لعدد فروع كارفور وستاربكس التي أغلقت في الأردن, ويشير إلى عدم وضوح هذه الشركات في تقديم المعلومات. يؤكد أن هناك 7 فروع تم إغلاقها لسلسلة متاجر كارفور، وتوجد شائعات حول إغلاق 4 فروع أخرى، وتم إغلاق فرع ستاربكس في منطقة جبل اللويبدة بعمان.

فيما يتعلق بتأثير المقاطعة على العمالة الأردنية حيث استغنت العديد من الشركات التي دخلت ضمن نطاق المقاطعة عن خدمات عدد كبير من الموظفين لديها, يقول أحمد عوض مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية في عمان: “لا توجد أرقام وإحصائيات رسمية حول عدد العمال الذي تم تسريحهم, ولكن يوجد تقديرات. في بادئ الأمر للمقاطعة، كانت هناك تقديرات من هيئات حكومية بأن حوالي 15 ألف عامل قد يفقدون وظائفهم بسبب المقاطعة”.

ويضيف عوض خلال محادثته مع الجزيرة نت أنه “بعد 7 أشهر من بداية المقاطعة, أستطيع أن أؤكد -كمراقب مستقل- أن هذه الأرقام مبالغ فيها بشكل كبير, لأن العاملين الذين تم تسريحهم من الشركات الأجنبية تم استيعابهم في السوق المحلي والشركات الوطنية التي استفادت من المقاطعة وزادت نسبة مبيعاتها. السوق نفسه قام بتنظيم نفسه, وبالرغم من وجود من تأثروا, إلا أن الأعداد قليلة جدا ولا تمثل حالة يمكن الحديث عنها”.

مجد الفراج: لا توجد أرقام دقيقة حول عدد فروع كارفور وستاربكس التي أغلقت في الأردن بسبب التعتيم (الجزيرة)

مقاطعة عربية

لم تقتصر المقاطعة على الأردن فقط، بل امتدت لتشمل معظم الدول العربية. في مصر, أفاد مصدر في إدارة شركة ماكدونالدز أن مبيعات الامتياز المصري انخفضت بنسبة 70% على الأقل خلال أكتوبر ونوفمبر الماضيين.

وفي المغرب, تشارك فئات واسعة من الشعب المغربي في ثقافة المقاطعة لمعبر عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني ولرفضه للعدوان الإسرائيلي على غزة. لاحظت “الجزيرة نت” تراجع في الإقبال على العلامات التجارية المستهدفة بالمقاطعة مقارنة بالأوضاع قبل بدء الهجمات على غزة, مما دفع شبكات العلامات التجارية العالمية لنفي دعمها لإسرائيل ولإطلاق عروض خاصة لجذب الزبائن.

وفي الكويت, يبذل الكثير من الأسر والمقيمين جهدا لتجنب شراء منتجات الشركات المدعمة للاحتلال ويبحثون عن بدائل في الأسواق المحلية، مما أثر على مبيعات عدد من تلك الشركات.

وأظهرت الجزيرة نت -بحسب تقرير سابق- اهتماما كبيرا من المستهلكين وزوار المطاعم والمقاهي بتجنب شراء المنتجات المدعومة بالمقاطعة والبحث عبر التطبيقات على هواتفهم للتحقق من إدراج منتجات معينة ضمن قائمة المقاطعة.

أحمد عوض: لا توجد أرقام وإحصائيات رسمية حول عدد العمال الذين تم تسريحهم (الجزيرة)

نجاحات عالمية للمقاطعة.. ماليزيا وإندونيسيا أنموذجا

ليست حركة المقاطعة مقتصرة على الدول العربية فقط بل تمتد لتشمل العديد من الدول في مختلف أنحاء العالم. في ماليزيا تم إغلاق 108 فروع من مطاعم كنتاكي في إطار حملة مقاطعة شعبية على سلسلة الوجبات السريعة، إلى جانب إغلاق مواقع صغيرة لبيتزا هت وستاربكس وماكدونالدز، ولا توجد حاليا خطط محددة لإعادة الافتتاح، وفق ما ذكرت منصة “ستارتفور”.

بالإضافة إلى ذلك, علقت شركتا “جنرال أتلانتيك” و”سي في سي كابيتال بارتنرز” على بيع حصص كبيرة بعدة ملايين من الدولارات فيتتولى الشركات القيادة للعلامات التجارية السريعة الأمريكية في ماليزيا وإندونيسيا بسبب الاضطرابات الناجمة عن المظاهرات والمقاطعة، بحسب ما أوردت جريدة فايننشال تايمز.

يتجنب المستهلكون في ماليزيا وإندونيسيا -اللذان يمتلكان غالبية مُسلمة- العلامات التجارية الأمريكية منذ انطلاق الهجمات الإسرائيلية على غزة في شهر تشرين الأول الماضي، وتستهدف العلامات التجارية مثل ستاربكس وكنتاكي وبيتزا هت بسبب دعمها لإسرائيل.

المقاطعة الشعبية للعلامات الأمريكية الداعمة لإسرائيل توسعت في إندونيسيا وماليزيا على خلفية الحرب على غزة (الفرنسية)

وقد علقت شركة جنرال أتلانتيك بشكل مؤقت بيع حصتها البالغة 20% في شركة “ماب بوغا أديبيركاسا” المشغلة لستاربكس في ديسمبر الماضي. ويُقدّر قيمة الحصة في الشركة، التي تُعد واحدة من أكبر مشغلي امتيازات الوجبات السريعة في إندونيسيا، بنحو 54 مليون دولار.

بالإضافة، وقفت شركة “سي في سي كابيتال بارتنرز”، وهي واحدة من أكبر شركات الأسهم الخاصة في أوروبا، عن بيع حصتها البالغة 21% في شركة “كيو إس آر براندز” في ماليزيا، وهي المُشغلة المحلية لسلاسل مطاعم كنتاكي وبيتزا هت بسبب الحملات المناهضة، وتقدر قيمة الحصة بأكثر من 1.2 مليار رينغيت ماليزي (252 مليون دولار).
تُظهر تجميدات مختلفة لحصص الأسهم العالمية على المبيعات شدة المقاطعة في المنطقة التي يتراوح عدد سكانها 250 مليون مسلم.

وفي تركيا، قام البرلمان التركي بإزالة منتجات كوكاكولا ونستله من المطاعم الخاصة به، وأشار مصدر برلماني إلى “غضب شعبي” ضد العلامتين التجاريتين، وفقاً لتقرير سابق من رويترز.

ويُقاطع العديد من الأتراك أيضًا المنتجات الإسرائيلية أو المنتجات الخاضعة لسيطرتها.

ينتشر ثقافة المقاطعة على نطاق واسع في مختلف دول العالم، وتُظهر زيادة مستمرة مع استمرار الهجمات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

تطبيق “لا شكرا”.. لمساندة المقاطعة

حقق تطبيق داعم للفلسطينيين -الذي تم إطلاقه لدعم المستهلكين في مقاطعة المنتجات المدعمة لإسرائيل- نجاحًا كبيرًا واستجابة واسعة على منصة “تيك توك”، حيث أطلق الطالب الفلسطيني للدراسات العليا، أحمد باباش، التطبيق المجاني تحت اسم “لا شكرا” في نوفمبر الماضي.

وفي غضون شهر واحد، قام 100 ألف مُستخدم بتحميل التطبيق، الذي يُسمح للمستهلكين بفحص “الباركود” للمنتج لتحديد علاقته بإسرائيل. وأشار موقع “لا شكرا” في بداية أبريل الماضي إلى أن مليون شخص قاموا بتنزيل التطبيق.

يُعمل التطبيق بشكل بسيط وسلس، حيث يُمكن للمُستخدمين فحص “الباركود” الخاص بالمنتج أو إدخال اسمه، وبعد ثوانٍ يُخبرون بمدى دعم الشركة المُصنعة لإسرائيل، ثم يرى شاشة عبارة “لا، شكرا” كنداء لعدم شراء منتجات هذه الشركات.

وتشمل القوائم الخاصة بالعلامات التجارية التي يجب مقاطعتها شركات عالمية شهيرة مثل أديداس وماكدونالدز، وشانيل، وبيتزا هت، وغير ذلك. وتشير تعليقات منصات التواصل الاجتماعي إلى اهتمام الأفراد حول العالم، من الهند إلى بلجيكا، بالتطبيق.

ذكر مُطور التطبيق أحمد باباش -خلال تصريحات لمنصة “دي دبليو”- أنه فلسطيني من غزة ويعيش حاليًا في المجر، وأشار باباش إلى خسارته لشقيقه في المجزرة الإسرائيلية في غزة، ووفاة شقيقته في عام 2020 بسبب عدم تلقي الرعاية الطبية من إسرائيل في الوقت المناسب.

وأضاف باباش: “أنا فعلت هذا تمثيلاً عن أخي وأختي اللذين فقدتهما بسبب هذا الاحتلال الوحشي، وهدفي هو محاولة منع الأضرار التي لحقت بي من حدوثها لفلسطيني آخر”.

هناك تطبيقات أخرى تنادي بالمقاطعة وتروج لها، مثل تطبيق “قضيتي”، بالإضافة إلى انتشار الدعوات للمقاطعة على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي في مختلف أنحاء العالم.

المصدر : الجزيرة



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version