من الدوحة.. منظمة المجتمع العلمي العربي تحتفي بدور العلم لمواجهة الكوارث
بدعوة من منظمة المجتمع العلمي العربي (أرسكو)، انعقد حفلها السنوي يوم الأحد 15 ديسمبر/كانون الأول في الدوحة بعنوان “دور العلم في إدارة الكوارث والحد من آثارها”. شهد الحفل حضور عدد من الخبراء والمسؤولين والمتخصصين من عدة دول عربية ومنظمات دولية، وتم الكشف عن الفائز بجائزة المنظمة السنوية التي تهدف إلى تكريم أفضل البحوث في هذا المجال، بالإضافة إلى تنظيم ورشة علمية.
وفي حديثه مع الجزيرة نت، أوضح البروفيسور عصام شحرور، نائب رئيس المنظمة، أن موضوع جائزة هذا العام والورشة ركزا على دور العلم في إدارة الكوارث، بما في ذلك الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات، فضلاً عن الكوارث الناجمة عن التدخلات البشرية مثل النزاعات وتغير المناخ.
وأكد شحرور أن “تأثير هذه الكوارث يتفاقم مع الوقت”، مشيراً إلى أن “الأساليب التقليدية لم تعد فعالة في مواجهتها، مما يعزز أهمية البحث العلمي في تحسين الاستعداد لمواجهة الكوارث والتعافي منها، مع الاعتماد على الثورة الرقمية في تحليل البيانات وتعزيز الحوكمة”.
دعم المجتمع العلمي في الوطن العربي
في كلمتها الافتتاحية، أكدت الدكتورة موزة بنت محمد الربان، رئيسة منظمة المجتمع العلمي العربي، على أهمية المنظمة في تطوير مجتمع علمي عربي قادر على تعزيز الإنتاج العلمي وتوطين العلوم. وأضافت أن المنظمة تستند إلى دراسة الواقع ورؤية المستقبل، مستلهمةً من عقول علمية معروفة تسعى لبناء مستقبل مشرق للمجتمع العربي يقوم على المعرفة.
وأشارت الربان إلى أن “الوطن العربي يواجه تحديات متعددة تشمل تأثيرات تغير المناخ وزيادة الكوارث، ولا يمكن التغلب عليها إلا من خلال دعم المجتمع العلمي في الوطن العربي، الذي يمثل الثروة الوطنية الحقيقية للبلدان العربية.” كما أعلنت عن مشروع علمي جديد يحمل عنوان “إسهامات الحضارة الإسلامية في المعارف الإنسانية” لتسليط الضوء على دور الحضارة العربية الإسلامية في تطوير العلم.
وأوضح بأن المشروع يسير في مسارين: الأول يركز على إنتاج وترجمة الكتب والموسوعات العلمية، بينما يشمل الثاني تنظيم مؤتمرات وندوات دولية لمناقشة إسهامات الحضارة في العلوم. وأكدت الربان على أهمية التعاون لتحقيق أهداف المشروع، مع إمكانية تطوره ليصبح مركزاً علمياً عالمياً في المستقبل.
العالم العربي في مواجهة الكوارث
في كلمة له، قال الدكتور صلاح خالد، المدير الإقليمي لليونسكو في دول الخليج واليمن، إن…
رابط المصدر
### ارتفاع درجة الحرارة والكوارث الطبيعية
شهد العالم في السنوات الأخيرة ارتفاعًا غير مسبوق في درجات الحرارة، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الكوارث الطبيعية. فقد تعرضت المغرب لزلزال مدمر، بينما واجهت مدينة درنة في ليبيا فيضانات أدت إلى خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات.
### كوارث طبيعية متزايدة
تشير الإحصائيات إلى أن عام 2022 شهد أكثر من 380 كارثة طبيعية حول العالم، مع توقعات بزيادة هذه الأحداث بنسبة 40% بحلول عام 2030. هذه المعطيات تؤكد على أهمية تعزيز القدرة على الاستجابة والتكيف. وفي الوطن العربي، تفاقمت التحديات بسبب التغيرات المناخية، حيث تشير الدراسات إلى أن أكثر من 60 مليون شخص قد يواجهون خطر الفقر المائي بحلول عام 2030.
### تأثير الكوارث الطبيعية في اليمن
في اليمن، تسببت الكوارث مثل الفيضانات والانهيارات الأرضية والزلازل في تأثيرات مدمرة، حيث تهدد حياة السكان وتدمر البنية التحتية وتعطل الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والتعليم. وقد أدى ذلك إلى زيادة الاحتياجات الإنسانية وضغوط أكبر على جهود الإغاثة.
وفقًا للإحصائيات، تجاوز عدد الوفيات الناتجة عن الفيضانات والانهيارات الصخرية 400 شخص هذا العام. كما تأثرت المدن التاريخية مثل صنعاء القديمة ومدينة شبام حضر موت وسوق عدن التاريخي، مما يستدعي استجابات عاجلة تجمع بين التدخلات الفورية والتخطيط بعيد المدى.
![الدكتور عادل الصالحي الفائز بجائزة أرسكو هذا العام (الجزيرة)](https://www.alarabiyanow.com/wp-content/uploads/2024/12/1735273962_818_من-الدوحة-منظمة-المجتمع-العلمي-العربي-تكرّم-مساهمة-العلم-في.jpg)
### جائزة المنظمة
في اليوم العلمي، تم الإعلان عن فوز الباحث المغربي الدكتور عادل الصالحي، أستاذ في جامعة عبد المالك السعدي، بجائزة أرسكو لهذا العام. وقد حصل على الجائزة تقديرًا لبحثه المتميز حول الفيضانات ولطرحه المبتكر الذي يسلط الضوء على دور انجراف التربة في تفاقم الفيضانات في دول المغرب العربي.
شملت شروط الجائزة أن يكون الباحث من مؤسسة بحثية في العالم العربي وأن يمتلك أوراقًا بحثية منشورة. وقد تقدم للمسابقة 46 باحثًا من 15 دولة عربية، واستوفى 32 منهم الشروط المحددة.
### أهمية البحث وأثره
ركز بحث الصالحي على تأثير تعرية التربة على زيادة الفيضانات في شمال أفريقيا، مشيرًا إلى أن المنطقة العربية تواجه تحديات بيئية مثل الفيضانات المفاجئة والجفاف، مما يستدعي المزيد من البحث والدراسات.
استخدم الصالحي تقنيات حديثة مثل صور الأقمار الصناعية من ناسا لتحليل انجراف التربة في المناطق الجبلية. وتناول البحث أيضًا خطر الفيضانات في العالم العربي نتيجة تغير المناخ.
![مكونات نظام الإنذار المبكر للفيضانات المفاجئة في مدينتي صنعاء وشبام باليمن (الجزيرة)](https://www.alarabiyanow.com/wp-content/uploads/2024/12/1735273962_647_من-الدوحة-منظمة-المجتمع-العلمي-العربي-تكرّم-مساهمة-العلم-في.jpg)
### الذكاء الاصطناعي وأدوات إدارة الكوارث في المستقبل
حصل الصالحي على 16 جائزة علمية، حيث تم تكريمه من قبل وكالات جامعية مرموقة ونشر أكثر من 50 مقالاً في مجلات علمية. يتميز بإنتاجه العلمي الذي يعتمد على تقنيات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة.
في حديثه مع الجزيرة نت، أكد الدكتور الصالحي أن عمله كان نتيجة جهود تعاونية مع جامعتي برشلونة وجنوب كاليفورنيا ووكالة الفضاء الأمريكية ناسا. تمتد هذه الجهود على سنوات طويلة لتطوير قاعدة بيانات ضخمة باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وأضاف أن البحث يهدف إلى توفير معلومات قيمة للبيانات المفتوحة، مما يساعد صانعي القرار والباحثين على الحد من مخاطر الكوارث في المستقبل عبر التخطيط الحضاري المدروس.
دور التكنولوجيا في مواجهة الكوارث الزلزالية
ناقش الدكتور محمد صلاح عبد الظاهر، الأستاذ المشارك في الجامعة الأميركية في الشارقة، خلال ندوة دور التكنولوجيا الحديثة في تحسين الاستجابة للكوارث الناجمة عن الزلازل.
وأشار الدكتور صلاح إلى أهمية الأنظمة الحديثة المستخدمة في مواجهة الكوارث الطبيعية، مثل علم الزلازل، التي استفادت من أدوات متطورة مثل شبكات الاتصالات بالبيانات، وإنترنت الأشياء، والطائرات من دون طيار، بالإضافة إلى الذكاء الاصطناعي الذي يستخدم في تحليل البيانات وتطوير أنظمة الإنذار المبكر.
وفي حديثه مع الجزيرة نت، قال صلاح: “هذه الأنظمة الذكية مُعتمدة حالياً في دول مثل اليابان، التي تستعمل الذكاء الاصطناعي لرصد الموجة الابتدائية للزلزال، وهو ما يتيح إنذار المواطنين مبكراً”. وأكد أن “سباقاً عالمياً جارٍ في الوقت الحالي لرصد هذه الموجات بسرعة، مما يساعد في إنقاذ الأرواح والحد من الخسائر”.
كما استعرض صلاح الأبحاث الجارية بشأن المؤشرات التي تسبق الزلازل، مثل تشوه المجال المغناطيسي في طبقة اليونوسفير. وأكد أن دمج هذه التقنيات مع استراتيجيات وقائية يمكن أن يساهم في تقليل الأضرار وحماية حياة الناس.
إمكانات الذكاء الاصطناعي في إدارة الكوارث
في محاضرة أخرى، قدم الدكتور محمد عمران، من جامعة حمد بن خليفة في قطر، رؤيته حول كيفية استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لمواجهة الكوارث، مشيراً إلى دور التعلم الآلي وتحليل البيانات والاستشعار عن بعد في تحسين الاستعدادات لإدارة الأزمات.
وأوضح عمران من خلال أمثلة واقعية أن الذكاء الاصطناعي، بالاستفادة من بيانات وسائل التواصل الاجتماعي، ساهم في إنقاذ الأرواح وبناء مجتمعات أكثر مرونة. كما أكد أن الذكاء الاصطناعي لا يقتصر فقط على التنبؤ بالكوارث، بل يمتد إلى تحسين استجابات الطوارئ وتقييم الأضرار بشكل سريع وفعّال.
التحديات في اليمن وسبل المساعدة
حظي اليمن باهتمام خاص خلال الورشة التي نظمتها أرسكو، حيث تمت مناقشة التحديات البيئية والإنسانية نتيجة الكوارث الطبيعية والنزاعات. وأوضح المهندس ياسر عبدو الغبير، مدير عام السياسات والبرامج البيئية بوزارة المياه والبيئة اليمنية، أن اليمن يعاني من آثار تغير المناخ، مثل الفيضانات والجفاف، مما يشكل تهديداً كبيراً للموارد المائية والأمن الغذائي.
وفي ظل هذه الظروف، أطلقت الحكومة اليمنية “الإستراتيجية الوطنية للحد من مخاطر الكوارث”، والتي تهدف إلى تقليل المخاطر وتعزيز قدرة البلاد على الصمود.
وشارك الدكتور ناظم العبسي، منسق مشروع اليونسكو للحد من مخاطر الكوارث في اليمن، نبذة عن مشروع نظام الإنذار المبكر الذي يتم تنفيذه في مدينتي صنعاء القديمة وشبام القديمة. يهدف المشروع إلى حماية المجتمعات الضعيفة من الفيضانات المفاجئة من خلال إنشاء نظام إنذار مبكر متكامل.
مكونات نظام الإنذار المبكر
أوضح العبسي أن النظام يتضمن أربع مكونات رئيسية تشمل منظومة لإرسال التحذيرات عبر صافرات الإنذار، ومحطات رصد مطري، ومقياس لتدفق السيول، وخدمات الرسائل النصية. وأكد العبسي أن النظام حقق أهدافه وأنه ساهم في إنقاذ العديد من الأرواح والممتلكات.
واختتم العبسي بالإشارة إلى آماله في توسيع نظام الإنذار المبكر مستقبلاً بتوافر الدعم، مع خطة لتطبيق هذه الأنظمة في مدن يمنية أخرى.