ميتا تبني كابلا بحريا مستقلا يربط العالم
تخطط ميتا لزيادة استثماراتها في الذكاء الاصطناعي لدعم بنيتها التحتية، بما في ذلك بناء كابل بحري يمتد لأكثر من 40 ألف كيلومتر، مع توقعات بتجاوز إجمالي الاستثمارات 10 مليارات دولار، وفقًا لتقرير نشرته “تيك كرانش”.
### مميزات الكابل البحري المستقل
سيكون ميتا المالك والمستخدم الوحيد لهذا الكابل البحري، وهو حدث غير مسبوق للشركة ويظهر التزامها بتطوير بنيتها التحتية.
قال سونيال تاغاري، خبير الكابلات البحرية والذي كان أول من كشف عن خطط ميتا في أكتوبر الماضي، أن البداية كانت بميزانية ملياري دولار، لكنها قد ترتفع إلى أكثر من 10 مليارات دولار بسبب تعقيد المشروع الذي سيتطلب عدة سنوات من العمل.
وأكدت مصادر من ميتا أن المشروع لا يزال في مراحل بداية، وأن الخطط وضعت ولكن الأصول المادية لم تحدد بعد.
### مستقبل المشروع وخطط ميتا
تعتزم ميتا التحدث بشكل أكثر وضوحًا عن مشروعها في بداية عام 2025، حيث سيتم التأكيد على تفاصيل الكابل البحري بما في ذلك المسار والسعة وأسباب البناء.
مع وجود عدد محدود من الشركات مثل “سابكوم” (SubCom) القادرة على تنفيذ المشروع، تواجه ميتا تحديًا في العثور على الموارد اللازمة لذلك، بسبب حجز السفن للعديد من السنوات.
وقال رانولف سكاربورو، محلل في صناعة الكابلات البحرية، إن نقص سفن الكابلات يشكل عقبة رئيسية بالنسبة للمشروع.
### لماذا تسعى ميتا لإنشاء كابل بحري مستقل؟
تعتبر من أبرز الأسباب وراء إنشاء كابل بحري مستقل هو إمكانية تعزيز جودة الخدمة لحركة البيانات الخاصة بميتا، خاصة أن عائداتها من الأسواق الخارجية تفوق تلك من السوق المحلي.
تشير التقارير إلى أن المسار المخطط للكابل يمتد من الساحل الشرقي للولايات المتحدة إلى الهند عبر جنوب أفريقيا، ثم إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة عبر أستراليا على شكل حرف “واي” (W).
توضح خطط ميتا كيف أن الاستثمار في البنية التحتية البحرية قد انتقل من تحالفات بين شركات الاتصالات إلى احتكارات تكنولوجية.
ووفقًا لمحللي الاتصالات في شركة “تيليجيوغرافي”، فإن ميتا ليست جديدة في مجال مشاريع الكابلات البحرية، حيث تمتلك 16 شبكة حالية، بما في ذلك كابل “إفريقيا 2”. ومع ذلك، سيكون الكابل الجديد محصورًا بشركة ميتا فقط.
يُذكر أن شركات مثل غوغل تشارك في حوالي 33 مسارًا مختلفًا، مما يضع ميتا في مرتبة أعلى من حيث السيطرة على بنية الشبكة البحرية، بينما تمتلك أمازون ومايكروسوفت حصصًا في هذه الكابلات دون امتلاكها بالكامل.
## ميتا تستثمر في بناء كابلات بحرية مستقلة لدعم نموها العالمي
تقوم شركة ميتا، المالكة لأكبر منصات التواصل الاجتماعي، باستغلال الدعم الذي تلقته من خلال استثماراتها في الكابلات البحرية. وتزعم الشركة أن مشاريع مثل “ماريا” (Marea) في أوروبا وأخرى في جنوب شرق آسيا قد ساهمت بزيادة تزيد عن نصف تريليون دولار في اقتصادات هذه المناطق.
دافع التكنولوجيا في الاستثمارات
يشير تقرير تيك كرانش إلى دافع أعمق وراء هذه الاستثمارات، حيث أن شركات التكنولوجيا، بدلاً من شركات الاتصالات، تسعى الآن لعزيمة أكبر في وسائل توصيل المحتوى والإعلانات والخدمات للمستخدمين في جميع أنحاء العالم. يوضح سكاربورو أن هذه الشركات تحقق أرباحها من خلال تقديم منتجاتها مباشرة للمستخدمين النهائيين، مشيراً إلى أهمية ضمان تجربة ممتازة للعميل، سواء في توصيل الفيديو أو غيره. ويضيف أن الاعتماد على شركات الاتصالات التقليدية أصبح أمراً من الماضي.
أسباب جيوسياسية وراء المبادرة
تشير الأنباء أيضاً إلى أن هناك أسباباً جيوسياسية تدفع ميتا لتنفيذ مشروعها. فقد تعرضت الكابلات البحرية لأضرار نتيجة نزاعات عسكرية في الفترة الأخيرة، حيث استخدم الحوثيون في اليمن طائرات مسيرة وصواريخ باليستية ضد كابلات مهمة في البحر الأحمر الذي يربط بين أوروبا والهند. بالإضافة إلى ذلك، تم اتهام روسيا بقطع كابل بحري في بحر البلطيق، بينما ألقي اللوم على سفينة صينية في تعطيل كابل آخر. يهدف المسار الذي خططت له ميتا إلى تجنب مناطق التوتر الجيوسياسي، وفقاً لمصادر قريبة من الشركة.
تخطيط استراتيجي في الهند
يبرز تاغاري أنه سيتم تجنب جميع المخاطر المحتملة في مسارات الكابل، وتحديداً عبر البحر الأحمر وبحر الصين الجنوبي ومناطق استراتيجية أخرى. كما يُعتقد أن ميتا تأمل في تحويل نهاية مسار الكابل في الهند إلى مركز بيانات مخصص لمشاريع الذكاء الاصطناعي. بحسب تاغاري، فإن كلفة الحوسبة في الهند أقل بكثير مقارنةً بالولايات المتحدة، ما يجعلها وجهة جذابة للاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي.
في الاجتماعات الأخيرة مع كبار مسؤولين من شركة “ريليانس”، أعرب الرئيس التنفيذي لشركة “إنفيديا” عن رغبته في دعم بناء الهند بنية تحتية مستقلة في مجال الذكاء الاصطناعي، مما يعزز من فرص ميتا لتحقيق أهدافها في هذا المجال.
سوق واعدة للاستخدامات الذكية
تُعتبر الهند سوقاً ضخمة لشركة ميتا، حيث تقدر الأعداد بـ 375 مليون مستخدم لفيسبوك، و363 مليون لمستخدمي إنستغرام، و536 مليون لواتساب. وعبر تقديم ميزات جديدة مدعومة بأدوات الذكاء الاصطناعي، تبدو هذه السوق مكاناً مثاليًا لتعزيز وجود الشركة.
تستثمر ميتا بقوة في سوق مراكز البيانات الهندية التي لا تزال تحتفظ بإمكانات نمو هائلة، مما يجعل ضم الهند إلى مشروع الكابل البحري خطوة استراتيجية منطقية.