هكذا يخترق شبكات التواصل الاجتماعي إلى أحلامك على أنت تعلم
تحاول تسجيل الدخول إلى حسابك على تويتر، لكن تنسى كلمة المرور، ثم تحاول استعادتها دون جدوى، وفجأة تفقد السيطرة على جميع حساباتك الإلكترونية، بينما شخص ما يضع تغريدات مسيئة حولك دون أن تتمكن من الرد.
والأسوأ من ذلك أن نجمك المفضل يحظرك. ما سبق هو سيناريو خيالي لكوابيس تدور حولها مخاوف من شبكات التواصل الاجتماعي، إذ أصبحت الأحلام المرتبطة بها أمرا شائعا في أحلامنا، ولا عجب في ذلك حيث أصبحت هواتفنا أكثر تطفؤا في تفاصيل حياتنا اليومية، حتى إننا أحيانا ننزلق في النوم وهواتفنا ما زالت تحتضن اليد. فهل تتبع شبكات التواصل الاجتماعي أحلامنا؟
تأثير شبكات التواصل الاجتماعي على الأحلام
تمت دراسة تأثير الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي على حياتنا اليومية من مختلف الزوايا، بما في ذلك النوم وجودته، ولكن تم التركيز على أثر وسائل التواصل الاجتماعي على الأحلام بشكل أقل، نظرًا لتعقيد دراستها والاعتماد على ذكريات الأفراد بدلاً من بيانات قابلة للملاحظة والقياس مباشرة.
نُشرت دراسة جديدة في آذار/مارس الماضي بعنوان “كوابيس وسائل التواصل الاجتماعي: هل هي تفسير محتمل لنقص النوم وانخفاض الرضا العاطفي في عصر وسائل التواصل الاجتماعي”، استكشفت العلاقة بين استخدام منصات التواصل الاجتماعي وجودة النوم والصحة العقلية والأحلام المزعجة.
تم إنشاء مقياس للكشف عن الكوابيس المرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي مكون من 14 عنصرًا بخصائص سيكومترية قوية، شارك في الدراسة 595 شخصًا وركزت على الكوابيس المتصلة بمواضيع العجز وفقدان السيطرة والإيذاء والأخطاء في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
ربطت نتائج البحث بين الكوابيس المتصلة بوسائل التواصل الاجتماعي وزيادة مستوى القلق، وانخفاض جودة النوم، واكتشف الباحثون أن استمرارية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كانت مؤشرًا هامًا لتكرار هذه الكوابيس.
أيضًا، يُؤثر نوع المحتوى الذي تُتابعه على أحلامك، فإذا قصر استخدامك لوسائل التواصل الاجتماعي على تواصلك مع العائلة والأصدقاء، فقد تكون أقل عرضة للأحلام السيئة مقارنةً بشخص يستخدمها للجدالات أو المحتوى المؤلم والصراعات السياسية.
ووفقًا لتوضيح من “رضا شابهانج”، الباحث في علم النفس بجامعة فلندرز في أستراليا، والمؤلف الرئيسي للبحث، فمع زيادة استهلاكنا لوسائل التواصل الاجتماعي وتداخلها مع حياتنا اليومية، قد يُمتد تأثيرها إلى أحلامنا وليس فقط على أوقات اليقظة.
استمرارية الحلم
يمكن توصيل نتائج هذه البحث بأبحاث سابقة تدعم ما يُعرف بفرضية الاستمرارية، التي تُفترض أننا نميل للحُلم بما نختبره أو نُفكر فيه خلال اليقظة، حيث تدمج الأحلام عناصر من الذاكرة والتجربة.
من جهة أُخرى، كشفت دراسة نُشرت في عام 2008 أن المُشاركين كبار السن الذين نشؤوا وهم يُشاهدون التلفاز بالأبيض والأسود يحلمون أحلاماً رمادية وبلا ألوان أكثر من الذين يُشاهدون التلفاز الملون. ويُشير ذلك إلى الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام في التأثير على أحلامنا.
قد تكون الأبحاث المتعلقة بتأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الأحلام حديثة نسبيًا، ولكن تلك المُتعلقة بتأثير ألعاب الفيديو أصبحت مُؤكّدة، بفضل جهود كثيرة من العلماء، بمن فيهم جاين جاكنباخ عالمة نفس في جامعة جرانت ماك إيوان بكندا، التي تعود دراستُها للعلاقة بين ألعاب الفيديو والأحلام إلى تسعينيات القرن الماضي. وأشارت دراستها إلى تكرار الأحلام المتعلقة بألعاب الفيديو ورؤية اللاعبين لأحلام تتعلق بألعابهم، مع تفاصيل حية وقدرة على التحكم في بعض جوانب الحلم.
لماذا تصاحبنا الهواتف إلى الفراش؟
الخوف من أن يفوتنا شيء، والذي يُعرف بمتلازمة “فومو” FOMO (الحروف الأولى من عبارة “Fearing Of Missing Out”)، مصطلح يمكن أن يُفسر هذه العلاقة القوية بالهواتف.
وعادةً ما يجد كثيرون أنفسهم أسرى لهذه المشاعر ولا يتمكنون من تَرك هواتفهم حتى في الفراش، في تلك اللحظات التي يُفترض فيها أن يَهدأ العقل استعدادًا للنوم. لكنها تتحول بدلاً من ذلك إلى ساعات طويلة من التصفح وسائل التواصل، والتنقل بين الفيديوهات القصيرة والمحتوى الجذاب ذو الوتيرة السريعة الذي يُؤدي بك إلى دماغ أكثر يقظة.
وتأثير هذا السلوك لا ينعكس فقط على الكوابيس والأحلام المزعجة؛ بل يُؤدي الضوء الأزرق الناتج عن شاشة هاتفك إلى اضطراب إيقاع الساعة البيولوجية، إذ يحفز الخلايا العقدية الحساسة للضوء الأزرق،يؤدي هذا إلى تثبيط الهرمون الميلاتونين الذي يسبب النعاس.
من ناحية أخرى، قد يؤدي احتفاظ الهاتف في غرفة النوم، مع كل التنبيهات الصوتية والاهتزازات الناتجة عنه، إلى تعطيل نومك، مما ينتج عنه نقص في ساعات النوم.
انعكاس ذلك يؤثر على أدائك اليومي، سواء في العمل أو الدراسة، كما يؤدي إلى مشاكل صحية مثل ضعف الجهاز المناعي وزيادة احتمالية الإصابة بأمراض القلب، وضعف القدرات العقلية وتدهور صحة الأيض وزيادة معدلات البدانة والمخاطر المصاحبة لها كالسكري.
كيف يمكنك منع وسائل التواصل الاجتماعي من التأثير على نومك؟
يوصى بتجنب استخدام الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي قبل النوم بمدة تتراوح بين نصف ساعة وساعة.
كن حريصًا أيضًا على تحديد أوقات النوم والاستيقاظ يوميًا حتى خلال الإجازات. وتجنب استخدام غرفة النوم لأغراض أخرى مثل العمل أو تناول الطعام، أو مشاهدة التلفاز. وتأكد من جعل بيئة النوم باردة وهادئة ومريحة.
قد تكون مشاهدة القليل من الفيديوهات القصيرة طريقتك المفضلة للاسترخاء بعد يوم حافل، ولكن تذكر أن تأثير ذلك على النوم عكسي، وقد يحرمك من ساعات النوم الهامة التي يحتاجها عقلك وجسدك.