استيراد النفايات المطاطية للمغرب.. هل هي حقا خطيرة جدا؟
أثار قرار الحكومة المغربية بشأن استيراد النفايات المطاطية جدلاً واسعاً في البلاد، وذلك بعد مرور تسع سنوات على تعليق هذه العمليات لأغراض تحويلية مثل صناعة الإسمنت.
وبينما تؤكد السلطات أن هذه النفايات غير ضارة بالبيئة لأنها تُستخدم فور وصولها وتساهم في توفير فرص العمل، يعبر حقوقيون بيئيون مغاربة عن قلقهم من تأثيرات سلبية محتملة على البيئة وصحة الإنسان، حيث تتفق الدراسات العلمية على وجود ضرر ناجم عن حرق هذه النفايات.
ما هي النفايات المطاطية؟
المطاط الاصطناعي هو مادة تستخرج من مادة طبيعية معالجّة وتتعامل الدول الاستوائية مع المطاط الطبيعي كموارد. قبل الحرب العالمية الثانية، كان المطاط الطبيعي يلبي احتياجات السوق، ولكن تزايد الطلب أدى إلى إنتاج المطاط الاصطناعي، ما أوجد نفاياته في كافة أنحاء العالم.
وفقا لمصطفى بنرامل، رئيس جمعية المنارات الإيكولوجية، فإن مطاط الأستيرين بوتاديين هو الأكثر شيوعاً في إطار المركبات بسبب تكلفته المنخفضة وخصائصه الممتازة. وتُضاف له مكونات كالألوان ومقاومات الاحتراق التي تزيد من تكوين الدخان والأبخرة السامة عند احتراقه.
تظهر دراسة نشرتها مجلة “سينس أوف ذا توتال إينفيرونمنت” أن انبعاثات الإطارات يمكن أن تنتقل عبر البيئات المختلفة، مما ينتج عنه معادن ثقيلة وبلاستيكيات ملوثة.
وتبين أن جزيئات الإطارات المنبعثة تعتبر ملوثات واسعة الانتشار، حيث يتم إنتاج حوالي 3 مليارات إطار سنوياً، 800 مليون منها تتحول إلى نفايات.
يتميز المطاط بعدم تحلله بسرعة ويحتاج من 400 إلى 500 سنة ليتحلل طبيعياً، مما يجعله يشكل عبئاً على الطبيعة.
أثر عابر على الإنسان والغذاء
تشير الأبحاث إلى أن حرق هذه النفايات يؤثر على صحة الإنسان بالإضافة إلى البيئة. فالنفايات المطاطية تنتج كميات كبيرة من الدخان والرماد، مما يؤدي إلى انبعاثات سامة كالكربون والمواد الكيميائية الخطرة.
يؤكد بنرامل أن هذه الملوثات يمكن أن تنتقل لمسافات طويلة وتؤثر في المحاصيل الغذائية، مما يؤدي إلى تلوث السلسلة الغذائية.
ويضيف أن الفئات الأكثر تأثراً تشمل الأطفال والحوامل والمسنين وذوي الأمراض المزمنة، الذين يعتبرون الأكثر ضعفاً أمام هذه الملوثات.
كما أن تخزين الإطارات في مكبات النفايات يعزز انتشار القوارض والحشرات، مما يزيد من الخطر البيئي.
مخاوف منطقية
عبر الرأي العام المغربي عن مخاوفه إزاء استيراد النفايات المطاطية، وتأجج النقاشات عندما أوقفت الحكومة الاستيراد. يعتقد الناشط محمد التفراوتي أن مخاوف المواطنين مبررة لوجود مخاطر على البيئة والصحة.
يتساءل التفراوتي عن مدى توافق الاتفاقيات الدولية مع القوانين البيئية المغربية، محذراً من مغبة التأثيرات السلبية على التنمية المستدامة مقابل دفع تكاليف الطاقة.
يشدد على أهمية الدراسات العلمية والإجراءات الحكومية العملية للتخفيف من تأثير النفايات المطاطية، مشيراً لضرورة تطبيق تقنيات حديثة في مصانع الإسمنت كجزء من الحل.
هل من حل؟
يؤكد الدكتور سفيان التل أن الحل يكون بعدم استيراد هذه النفايات لتجنب تحويل الدول إلى مراكز نفايات خطرة، مشدداً على الحاجة لدراسات إعادة التدوير التي أجريت في عدة دول مثل اليابان.
يحث على وضع تشريعات واضحة لحماية البيئة، والبحث عن حلول لإعادة استخدام تلك النفايات، مما يضمن عدم تأثيرها سلباً على الكائنات الحية.
رابط المصدر