هل تحققت نجاحات مطاعم ماكدونالدز في ماليزيا من خلال تفادي الحظر؟

By العربية الآن



هل تحققت نجاحات مطاعم ماكدونالدز في ماليزيا من خلال تفادي الحظر؟

34407080 1 1714487043
دعوات لمقاطعة ماكدونالدز وغيرها من المطاعم والمنتجات التي تتعاون مع إسرائيل انتشرت على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم (الأناضول)

اصيبت شركة الوجبات السريعة ماكدونالدز في ماليزيا بضربة قوية جراء الحملة الشعبية لمنتجاتها؛ نتيجة الدعم والتسويق الذي قدمته شركة ماكدونالدز في اسرائيل لجيش الاغتصاب وجيشه خلال عدوانه على قطاع غزة.

وبينما حاول وكيل ماكدونالدز في ماليزيا منذ بداية العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة تأكيد رفضه للصراع، ووقوفه الى جانب الفلسطينيين، وتأكيده ان امتياز الشركة يديره محليا بالكامل ولا علاقة له بماكدونالدز اسرائيل، بل ونشر بيان في الثامن عشر من اكتوبر/تشرين الاول 2023، يؤكد تبرعه بمليون رينجت ماليزي، ما يعادل 210 الف دولار، لصندوق الفلسطيني الانساني الذي تم اطلاقه تحت اشراف رئيس الوزراء الماليزي انور ابراهيم؛ لمساعدة المتضررين من الحرب.

ومع ذلك لم تبق ماكدونالدز ماليزيا بعيدة عن حملة المقاطعة الشاملة التي طالت منتجات وشركات اظهرت دعمها لإسرائيل وحربها، مما تسبب في تراجع كبير في مبيعات الشركة التي كانت تصبو الى افتتاح اكثر من 205 متجر جديد بحلول عام 2026، مع تراجع ملحوظ في مبيعات الربع الاخير من عام 2023 بنسبة 16.5%، وتسجيل خسائر بقيمة 7 مليارات دولار.

وانطلقت مقاطعة الماليزيين لسلسلة المطاعم السريعة من مبدأين؛ الأول: هو ان جزء من ايرادات السلسلة في ماليزيا يحول الى الشركة الاميركية الام التي لم توضح موقفها من الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة، والمبدأ الثاني: هو ان الشركة الام متواطأة مع الفرع الاسرائيلي؛ نتيحة صمتها حول دعمه لجنود الاحتلال في الحرب، وتجاهلها فرض اي عقوبات عليه او توبيخ، او ان تعلن ان سياستها العامة هي عدم الانحياز الى احد الاطراف بدل ان تترك الوكيل الاسرائيلي يتصرف على هواه.

مبنى على وتر الدين والعاطفة

امام هذا الوضع حاولت ماكدونالدز ماليزيا تبني استراتيجية توازن بين الشركة الام، تعتمد على استنفار الجماهير لاعادتهم لمنافذ المطاعم وفروعها، من خلال نشر قصص عن العمال والموظفين المحليين في فروع الشركة، والتأكيد على الاثر الاقتصادي والاجتماعي للمقاطعة على حياتهم وعوائلهم.
وعرضت ماكدونالدز ماليزيا في وسائل الاعلام مجموعة قصص انسانية تبرز الهجوم المتزايد الذي يواجهه موظفوها الذين يبلغ عددهم اكثر من 21 الف شخص، والضغط الشعبي الذي يتعرضون له خلال ارتدائهم قمصان تحمل علامة ماكدونالدز، حيث تم وصفهم باليهود، واتهامهم بتحويل الاموال لدول اخرى، ومواجهتهم لانتقادات ومضايقات متعددة.

وتحت عنوان: “لاتنتقموا منهم، انهم يسعون فقط الى كسب قوت يومهم”، تحدث المدير الاداري لماكدونالدز ماليزيا وشريك التشغيل المحلي، ازمير جعفر، عن الضغوط النفسية الشديدة التي يواجهها بعض موظفي مطاعم الوجبات السريعة بسبب المقاطعة، والتوجيهات للجمهور الماليزي؛ لتعليق المقاطعة وتخفيفها، لانها توثر بشكل كبير على الموظفين، الذين هم ازواج واطفال وموظفين يحتاجون الى العمل لتامين متطلباتهم شهريا، وكلهم مواطنين ماليزيين بنسبة 100%.

وهو الاسلوب العاطفي ذاته الذي حاولت المنتجات التابعة لحملة المقاطعة استخدامه، حتى وصلت الى تحريض الجمهور على مقاطعتها من قبل وكيل ستاربكس، معتبرا ان الخاسر الاكبر هو الاقتصاد الماليزي في هذه المقاطعة.

وعلى الرغم من ذلك لم تسفر هذه المناشدات عن اي تغيير يُذكر في حملة المقاطعة ضدها، بل تشدد الجمهور الماليزي في مقاطعته، وشهدت العلامات التجارية المحلية ازدهارا غير مسبوق امام حالة الهجر المتصاعدة للمنتجات العابرة للحدود والتي شملتها المقاطعة، ومنها ماكدونالدز وستاربكس ودومينوز بيتزا وبرغر كينغ.
وفي ظل استمرار الابادة الجماعية استمر الجمهور الماليزي في مقاطعته الصارمة، ما دفع ماكدونالدز للاستعانة بمفتي ولاية بينانغ (وان سالم وان محمد نور) لاصدار تصريحات تدعو الجمهور لاعادة النظر في مقاطعته ماكدونالدز، معتبرا انه “لا يوجد سبب لمقاطعة ماكدونالدز”، داعيا اياهم للتحليل في مقاطعتهم الى حقائق وادلة مقنعة.

ومشيرا في الوقت ذاته، الى ان ماكدونالدز تدفع الزكاة عبر مكاتب ادارة الزكاة في عدة ولايات، وان
ينبغي أن يحتوي الدفاع عن المضطهدين على عدم اضطهاد آخرين، وسبق أن دعا المفتي الجمهور الماليزي للتعاطف مع شعب فلسطين عن طريق مقاطعة الشركات والمنتجات المرتبطة بإسرائيل.

اللجوء للقضاء

وبسبب استمرار مقاطعة الماليزيين وصمودهم، اتخذت ماكدونالدز ماليزيا خطوة برفع دعوى قضائية ضد رؤساء حركة المقاطعة، مطالبة بسحب الاستثمارات وفرض عقوبات على BDS في ماليزيا. حيث حملت المسؤولية حركة المقاطعة عن الخسائر التي تكبدتها، متهمة إياها بإشاعة أكاذيب حول العدوان الإسرائيلي على غزة وتأجيج الصراعات الداخلية في المجتمع الماليزي.

وتضمنت الدعوى مطالب بعرض علني للاعتذار على جميع منصات حركة المقاطعة، ودفع تعويض يصل إلى 5% من الخسائر السنوية، بقيمة 6 مليون رينجت ماليزي، لشركة جربانج ألاف، تتضمن خسائر في الإيرادات وتعويض للموظفين المفصولين وتكاليف انتهاء صلاحية المواد.

هذه الخطوة أثارت غضب الماليزيين تجاه ماكدونالدز، وأطلقوا حملة بعنوان: “فقدان عميل مدى الحياة”، مما زاد من شعبية حركة المقاطعة BDS في ماليزيا وفي العالم، مما دفع مكتب الحركة في ماليزيا لتقديم شكره لماكدونالدز على سحب الدعوى.

الالتفاف على المقاطعة.. عالميًا

بسبب فشل إستراتيجيات ماكدونالدز ماليزيا في التغلب على حملة المقاطعة ضدها، ومع استمرار دعم العالم لفلسطين، تم نقل فروع ماكدونالدز من وكيلها الإسرائيلي، بعد نشر الأنباء عن شرائها المطاعم التي تديرها شركة إسرائيلية.
في محاولة لوقف تراجعها الاقتصادي وتقليل تأثير المقاطعة المتنامية على أسواقها، خاصة في العالم العربي والإسلامي.

من غير واضح إذا كانت هذه الخطوة كافية لإنهاء المقاطعة أو تخفيف تأثيرها، حيث يطالب الجمهور بتصريح واضح يُدين حرب إسرائيل على غزة، ويضع ماكدونالدز في موقف حساس كعلامة عالمية تتجاوز الثقافات المحلية.

الرهان ماتزال مستمرة بين تغيير الوضع على أرض الواقع ووقف الحرب على غزة، وتحدي الشركات والدول للالتزام بالمقاطعة كأداة فعالة، ليس فقط على الشركات بل على الدول الكبرى التي تتدخل في شؤون الدول الأخرى. إذا كانت قوى الدول تُقاس بقوتها العسكرية، فإن قوة الشعوب اليوم تُقاس بقدرتها على المقاطعة وتضامنها مع الشعب الفلسطيني في صموده ونضاله.

آراء الكاتب هي خاصة به ولا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر قناة الجزيرة.



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version