هل حققت مؤتمرات “كوب” إنجازات ملموسة لصالح مناخ الأرض؟

By العربية الآن

أثر مؤتمرات “كوب” على مناخ الأرض

هل حققت مؤتمرات كوب إنجازات ملموسة لصالح مناخ الأرض؟ مؤتمرات كوب مؤتمرات كوب
تتكرر سنوياً المؤتمرات الخاصة بتغير المناخ على مدار الثلاثين عاماً الماضية بمشاركة واسعة من مختلف الدول (الأوروبية)

على مدى العقود الثلاثة الماضية، تعقد سنوياً مؤتمرات “كوب” بمشاركة واسعة من العلماء والناشطين وصناع القرار، بهدف البحث عن حلول لأزمة المناخ المتزايدة وتحديد الأهداف التي تسهم في بناء مستقبل أكثر استدامة. ولكن عدم تحقق نتائج ملموسة يدفع الكثيرين للتساؤل عن فعالية هذه المؤتمرات في تحقيق الأهداف المنشودة، لذا يجب أن نبدأ بالتاريخ.

لقد تم تجاهل قضية انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لعقود من الزمن (شترستوك)

جذور كوب

رغم أن العلاقة بين انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والاحتباس الحراري كانت موثقة منذ عام 1896 بفضل العالم السويدي سفانتي أرينيوس، إلا أن هذه القضية ظلت مهملة حتى ظهور الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في عام 1988، والتي يعد تأسيسها نقطة تحول حاسمة.

وقد قدمت هذه الهيئة تقريرها الأول في عام 1990، حيث توقعت ارتفاع درجة حرارة الأرض بين 4 و5 درجات مئوية بحلول عام 2100 إن لم يتم السيطرة على انبعاثات غازات الدفيئة. وتوصيت الهيئة بضرورة اعتماد اتفاقيات دولية مشابهة لتلك التي نظمت اتفاقية الأوزون.

وفي عام 1992، انعقدت “قمة الأرض” في ريو دي جانيرو والتي كانت بمثابة مؤتمر للأمم المتحدة يُعقد كل عشر سنوات لبحث القضايا البيئة. هذه القمة أسفرت عن توقيع ثلاثة اتفاقيات دولية هامة تتعلق بالتنوع البيولوجي والتصحر وتغير المناخ.

تُعرف الاتفاقية المتعلقة بالمناخ باسم “الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ”، التي تهدف إلى تثبيت مستوى انبعاث غازات الدفيئة في الغلاف الجوي لتجنب الاضطرابات الخطيرة في النظام المناخي.

المؤتمرات تضم أبعاد سياسية وتقنية (الفرنسية)

البعد السياسي لمؤتمرات الكوب

تعتمد الاتفاقية الجديدة على حوكمة متعددة الأطراف تضم أمانة عامة تقع في بون، ألمانيا، بالإضافة إلى هيئات فنية و”مؤتمر الأطراف” (كوب) الذي يجتمع مرة كل سنة على الأقل. لكل دولة صوت واحد في هذه المؤتمرات، ويتم اتخاذ القرارات بالتوافق.

كما تضمنت الاتفاقية مبدأ “المسؤولية المشتركة ولكن المتباينة” في مواجهة التحديات المناخية، مما يعني أن جميع الدول متعهدة بالتعاون، ولكن بمسؤوليات متفاوتة بناءً على قدراتها وظروفها الوطنية.

### تحمل الدول المتقدمة المسؤولية تجاه تغير المناخ

تتولى الدول المتقدمة مسؤولية كبيرة في مكافحة تغير المناخ، حيث مطلوب منها تقديم دعم مالي للدول النامية بهدف معالجة أثر هذا التغير. وقد تم تحديد أهداف كمية لكل دولة فيما يتعلق بانبعاثات غازات الدفيئة وما يتعين تحقيقه من تخفيضات.

### تحديات مؤتمر التغير المناخي

وفقًا للدكتور خالد عباس، مدير الأبحاث في المعهد الوطني للبحث الزراعي بالجزائر، فإن المؤتمرات حول المناخ تحمل طابعًا سياسيًا وتقنيًا. ومع ذلك، فإن البعد السياسي غالبًا ما يهيمن على المفاوضات بين الدول الكبرى المسؤولة عن انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري والدول المتضررة، التي تفتقر إلى القدرة على مواجهة المخاطر الناتجة عن هذه التغيرات.

### اتفاقية الأمم المتحدة وتاريخها

دخلت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ حيز التنفيذ في مارس 1994 بعد مصادقة عدد كافٍ من الدول، وبدأت مفاوضات المناخ مع انعقاد مؤتمر الأطراف الأول في برلين في العام التالي.

### بروتوكول كيوتو وصعوبات التنفيذ

في عام 1997، انعقد مؤتمر الأطراف الثالث في كيوتو، حيث تم اعتماد بروتوكول كيوتو الذي التزمت الدول المتقدمة بموجبه بخفض انبعاثاتها من الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 5% بحلول عام 2020. على الرغم من ذلك، عانت العملية من خيبة أمل كبيرة بسبب عدم تصديق أكبر دولتين ملوثتين، الولايات المتحدة والصين، إلا بعد دخول روسيا في الاتفاق عام 2005.

### محاولة توسيع الاتفاقيات

مع تزايد الانبعاثات من الدول النامية، لم تعد مجموعة الدول الموقعة على البروتوكول تغطي سوى ثلث الانبعاثات العالمية. حاول الاتحاد الأوروبي خلال العقد الأول من القرن الحالي توسيع بروتوكول كيوتو ليشمل الدول الناشئة، لكن محاولته باءت بالفشل في مؤتمر كوبنهاجن عام 2009.

### اتفاق باريس كخطوة إيجابية

في نوفمبر 2014، حذر التقرير الخامس للفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، من عواقب الانحباس الحراري العالمي. لذلك، كانت التوقعات بشأن مؤتمر المناخ في باريس عام 2015 مرتفعة، حيث تم التوصل إلى اتفاق تاريخي يحل محل بروتوكول كيوتو، بالإضافة إلى التزام المجتمع الدولي بتقليل الاحتباس الحراري لأقل من درجتين مئويتين.

### دخول اتفاق باريس حيز التنفيذ

دخل اتفاق باريس حيز التنفيذ في الرابع من نوفمبر 2016. رغم انسحاب الولايات المتحدة بعد الانتخابات الرئاسية في 2017، إلا أن شروط الانسحاب كانت تتيح للرئيس الجديد إلغاء قرار سلفه والحفاظ على المساهمة الأميركية في الجهود المناخية.

### التقدم خلال مؤتمر غلاسكو

وفي مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 26) في غلاسكو، قدمت معظم الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة، مساهماتها الوطنية، مما يعكس التصاعد المستمر للجهود العالمية في مجال مكافحة تغير المناخ.### حادثة ترامب تعرقل تنفيذ اتفاق باريس

خلال مؤتمر الأطراف الـ28 المنعقد في دبي، أظهر التقييم العالمي الأول لاتفاق باريس أن التنفيذ الكامل للمساهمات الوطنية المحددة من شأنه أن يقلل، في أفضل الأحوال، من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية بنسبة 10% بين عامي 2019 و2030.

### مؤتمر الأطراف الـ29 في باكو

يُعقد الآن مؤتمر الأطراف الـ29 في باكو، والذي يُعرف بمؤتمر الأطراف المالي، حيث تتركز المفاوضات على هدف جديد لتمويل المناخ، حيث يتطلع المشاركون إلى الوفاء بالحد الأدنى البالغ 100 مليار دولار سنوياً. يعود هذا الهدف إلى 15 عاماً مضت، وقد أصبح غير متماشي مع احتياجات دول الجنوب، والتي تُقدّر بمبالغ تتراوح بين 500 إلى 2500 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030، وفقاً للتقرير التحضيري لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

يتوجب على الدول الأقل نمواً، التي تعاني من متطلبات متزايدة للتكيف مع تغير المناخ والتعويض عن الأضرار الناجمة عنه، تكثيف جهودها لزيادة هدف التمويل الدولي للمناخ. تجري حالياً مفاوضات بين الأطراف المعنية لاعتماد هدف جديد للتمويل الجماعي، والذي يُقترح أن يصل إلى تريليون دولار سنوياً بحلول عام 2030. كما يتم تطوير إطار دولي لأسواق الكربون لتسهيل تداول أرصدة الكربون بين الدول وتعزيز جهود خفض الانبعاثات.

### التعهدات والاحتياجات

على الرغم من الجهود المبذولة، لم تصل التعهدات المقدمة من الدول الغنية لتفعيل صندوق الخسائر والأضرار المرتبطة بتغير المناخ سوى إلى 700 مليون دولار، بينما تقدر الاحتياجات بنحو 580 مليار دولار للتصدي للأضرار الناجمة عن التغير المناخي في الدول المعرضة لهذه المخاطر بحلول عام 2030.

### تأثير السياسة الأمريكية على نتائج المؤتمر

في تصريح له، حذر عباس من أن المحادثات الحالية تتسم بتجاذبات كبيرة، مشيراً إلى أن هناك إدارة أمريكية جديدة سبق لها الانسحاب من الاتفاقيات المناخية، مما قد يؤثر سلباً على نتائج المؤتمر الحالي، ويزيد من الضغوط على الدول المتأثرة بالتغيرات المناخية.

وفقًا لعباس، فإن نجاح هذه المؤتمرات يتطلب تأمين موارد مالية كافية لمساعدة الدول المتأثرة على الالتزام بالاتفاقيات الدولية للحد من الانبعاثات. فهذه الدول لديها إمكانيات محدودة ولا تستطيع توفير التمويل اللازم للتكيف مع التغيرات المناخية ومواجهة الظواهر الطبيعية المتطرفة، مثل الجفاف والفيضانات.

### الحاجة إلى سياسات فعالة

على الرغم من أن مؤتمرات الأطراف قد أسهمت في زيادة الوعي بخطورة التغير المناخي، إلا أن السياسات الدولية حتى الآن لم تُظهر تأثيراً ملحوظاً في خفض انبعاثات الغازات المسؤولة عن ظاهرة الاحتباس الحراري، والتي تزداد آثارها سوءًا مع مرور الوقت، كما أضاف عباس.

المصدر: الجزيرة


أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version