هل ستفوت فرصة جديدة لإحلال السلام في السودان بعد تعثر المحادثات في جدة؟

By العربية الآن



هل ستفوت فرصة جديدة لإحلال السلام في السودان بعد تعثر المحادثات في جدة؟

AFt 1722930301
هناك تفاصيل كثيرة تؤدي إلى إنهاء المحادثات في جدة بين الوفود الحكومية والأميركية (الفرنسية)

الخرطوم – تعثرت المفاوضات التي جرت في جدة بالمملكة العربية السعودية بين الإدارة الأميركية والحكومة السودانية بخصوص الجولة المقبلة من المحادثات التي كان من المفترض أن تعقد بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في جنيف يوم الأربعاء القادم، الأمر الذي خيب آمال السودانيين الذين كانوا يأملون في وقف قريب للصراع الطويل الذي يدور في بلدهم منذ حوالي 16 شهرًا.

وقد دعت وزارة الخارجية الأميركية الأطراف المتحاربة في السودان للجلوس على طاولة المفاوضات في 14 أغسطس/آب الحالي بحضور السعودية كبلد مستضيف بالتعاون مع سويسرا، وذلك بالإضافة إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومصر والإمارات بصفتهم مراقبين،

للبحث عن وقف الصراعات وتقديم الإعانات الإنسانية للمتضررين، توصلت واشنطن والقيادة السودانية إلى اتفاق لعقد مباحثات تحضيرية حول “مسائل الحكم”.

أعلن رئيس الوفد الحكومي السوداني للاجتماعات التشاورية مع الولايات المتحدة محمد بشير أبو نمو اليوم الأحد أن المباحثات، التي أقيمت في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، انتهت دون التوصل إلى اتفاق بخصوص مشاركة الوفد السوداني في المفاوضات.

وأوضح أن الجانب الأميركي يرغب في إشراك الجيش السوداني في محادثات جنيف، بينما ترغب الحكومة السودانية في أن تكون هي الجهة الرسمية المتعاملة مع الجهة الأخرى (الدعم السريع) في المحادثات، مشيراً إلى أن تفاصيل عدة أدتهم إلى إنهاء الحوار التشاوري.

وقال أبو نمو -وفقًا لما جاء في وكالة الأنباء السودانية- إن الاجتماعات انتهت دون التوصل إلى اتفاق بشأن مشاركة وفد السودان في محادثات جنيف، سواء كان الوفد يمثل الجيش كما يرغبون، أو يمثل الحكومة كما قررت من الآن فصاعدًا، مشيرًا إلى أن الأمر يعتمد في النهاية على قرار القيادة وتقديراتها، مبينًا أن هناك تفاصيل عديدة أدت إلى انتهاء الحوار التشاوري دون اتفاق.

تباين الآراء

تفضح مصادر مقربة من اللجنة المعنية بمفاوضات السلام -طلبت عدم كشف هوياتها- وجود ثلاث نقاط رئيسية أدت إلى توتر محادثات جدة، حيث يقر الجانب الأميركي بإقراره بعبد الفتاح البرهان رئيسًا لمجلس السيادة وزعيمًا للجيش، لكنه يصر على أن يقود الجيش مفاوضات مع الدعم السريع باعتبارهما الطرفين في الصراع، بينما يرفض وفد الحكومة ذلك.

في حديث مع الجزيرة نت، أوضحت المصادر الرسمية أن الوفد الحكومي يتمسك بتنفيذ “بيان جدة” لحماية المدنيين المصادق عليه في 11 مايو/أيار 2023، والذي يشمل خروج الدعم السريع من الممتلكات المدنية وانسحابه من المدن ووضع آليات تطبيق ذلك قبل مناقشة وقف إطلاق النار، لكن الجانب الأميركي يظهر تحفظًا على هذا الأمر.

يصر الوفد الحكومي أيضًا على أن يكون الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة هما الجهات المشرفة على المحادثات، لكن الجانب الأميركي يرون ضرورة وجود أطراف ذات تأثير في الساحة السودانية كمراقبين للمساهمة في تيسير عملية التفاوض وضمان تنفيذ الموافق عليه، حسب نفس المصادر.

ينتظر الوفد الحكومي -وفقًا للمصادر- عودة البرهان من العاصمة الرواندية كيغالي، التي وصل إليها لحضور تنصيب الرئيس الرواندي بول كاغامي بعد فوزه بولاية جديدة، لتحديد مشاركة وفد الجيش في مفاوضات جنيف أو رفضها، مع احتمالية أن يطلب مجلس السيادة تأجيل التفاوض ومنحهم الفرصة للتشاور.

من جهته، أوضح المبعوث الأميركي إلى السودان توم برييلو أنهم دعوا البرهان وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) وفق صفتيهما العسكرية دون إعطاء أي شرعية لأي من الطرفين.

وأضاف، في تصريحات تلفزيونية، أن رغبتهم فقط هي عقد اجتماع بين الجانبين للاتفاق على وقف العنف، قائلاً “نأمل بأن يتمكنوا من الوصول إلى هذا الاتفاق بدون أي تأخير.”

التقديم على أعلى مستوى، بناء على شخص يتمتع بقدرة على اتخاذ القرارات، بمعنى شخص مؤهل للوصول إلى نتائج فعّالة، وإيجاد حلول لكافة الأزمات، والبدء في تطبيق الاتفاقيات السابقة”.

وأضاف المبعوث الأمريكي “نسعى إلى جلب الطرفين إلى جنيف، وإذا لم تحدث ذلك سنستمر في التفاوض مع الشركاء الدوليين، ونسعى لإيجاد حلول تقنية لمشاكل المساعدات الإنسانية”.

تعليقات سياسية

خالد عمر يوسف، نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني وعضو بتنسيقية تحالف القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، قد وصف تصريح رئيس الوفد الحكومي محمد بشير أبو نمو، بعد ختام محادثات جدة دون تحقيق اتفاق، بأنه خيبة أمل للملايين من السودانيين الذين فقدوا منازلهم وجل حياتهم جراء الحرب، واستغرب إعلان أبو نمو عبر وسائل الإعلام بعدم المشاركة في مفاوضات جدة.

وفي تغريدة على منصة “إكس”، أشار يوسف إلى أن هذا الإعلان يأتي ضمن سياق للضغط على قيادة القوات المسلحة لعدم المشاركة في التفاوض، مؤكدا أن هذا يتزامن مع حملة جارية من عناصر النظام السابق عبر وسائل الإعلام ومنابر المساجد من أجل استمرار الصراع ورفض الحلول السلمية والتفاوضية، متهما بعض الأطراف في معسكر الجيش بعدم القبول بالتسوية السلمية.

في سياق متصل، انتقد زعيم حزب الأمة ورئيس تحالف التراضي الوطني مبارك الفاضل المهدي، رئيس الوفد الحكومي، وأشار إلى أنه عضو في “حركة تحرير السودان” بقيادة حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، مشيرا إلى أن مصلحته ومصلحة حركته تتمثل في استمرار الصراع، حسب تعبيره.

وفي تصريح على منصة “إكس”، دعا المهدي القائد العسكري إلى “اتخاذ قرار الشجاعة” وإرسال وفده إلى جنيف، معتبرا مناسبا ذلك لصالح استمرار عملية السلام، معبرا عن اعتقاده بأن تصريح أبو نمو يهدف لإحراج رئيس المجلس العسكري وتقييد خياراته في الذهاب إلى جنيف.

وفي سياقه، اعتبر الباحث السياسي سر الختم خيري أن تصريح رئيس الوفد الحكومي حول محادثات جدة ترك الأبواب مفتوحة، مشيرا إلى أنه في حال قرر مجلس السيادة عدم المشاركة في مفاوضات جنيف، سيكون ذلك استنادا إلى توصية الوفد.

وبحسب حديث الباحث لـ الجزيرة نت، فإن تصريح أبو نمو يمثل رسالة طمأنة للقوى المعارضة التي ترفض مفاوضات جنيف دون اتخاذ قرار نهائي، مع فرصة لتجربة ردود الأفعال الداخلية والخارجية، مشيرا إلى احتمال تجاوز مجلس السيادة لتوصية الوفد الحكومي والتواصل المباشر مع واشنطن أو من خلال وسطاء لتجاوز الاختلافات الحالية بينهما.

المصدر : الجزيرة



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version