هل سيتنافس مودي ذاته في انتخابات الهند بعد أن حاصرته المعارضة؟

By العربية الآن



هل سيتنافس مودي ذاته في انتخابات الهند بعد أن حاصرته المعارضة؟

2152778714 1715813235
تتّهم المعارضة في الهند رئيس الوزراء ناريندرا مودي بأنه خطّط بدقّة مع وزير داخليّته أميت شاه لمحاصرة الخصوم السياسيّين، وذلك لكي يُدخل حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم الانتخابات الحاليّة، حيث يُعتَقَل زعماء المعارضة أو يُنتَابُهم الخوف كل ليلة من أن تَدهمهم الوكالات الأمنيّة لتَفتيش بُيوتهم ومكاتبهم ثم دَعوتهم للاستجواب في مكاتبها ليُنتهي الأمر بتَوجيههم إلى السجن.

تتّهم الأحزاب المعارضة في الهند رئيس الوزراء ناريندرا مودي بعزمه تنفيذ خطة مُحكمة مع وزير داخليته أميت شاه لمحاصرة الخصوم السياسيين، بهدف إدخال حزب بهاراتيا جاناتا، الحاكم، في الانتخابات الحالية. ويُعتقل قادة المعارضة أو يُخيفون كل ليلة من احتمال دهمهم من قبل الجهات الأمنية لتفتيش منازلهم ومكاتبهم، ثم يُستدعون للاستجواب في مكاتبها، لينتهي بهم الأمر في السجن.

تأسست تلك الجهات أساسًا لمكافحة التهرب الضريبي وغسيل الأموال والفساد والإرهاب، إلا أن الأحزاب المعارضة تقول إنها أصبحت أداة بيد مودي يستخدمها لتعزيز نفوذه وترويع الخصوم السياسيين.

ومن الممكن أن تُؤكَد هذه الاتهامات، إذ في مارس/آذار 2023 تم إصدار قرار قضائي بسرعة ضد قادة الأحزاب المعارضة، بما في ذلك راهول غاندي، زعيم حزب المؤتمر العريق.

وقضت المحكمة بسجن راهول غاندي لمدة سنتين بسبب تصريح انتقادي لرئيس الوزراء مودي، وهو ما كان كافيًا لسحب عضويته البرلمانية، حيث كان من الممكن لرئيس البرلمان أن يوبخه أو يُعلِّق عضويته لفترةٍ من الأيام

قبل ٢ أو ٣ اسابيع فقط، استفادت حكومة مودي من الفرصة لتصدر هذا القرار من المحكمة العليا في كوجرات.

راهول كان لديه الفرصة للطعن ضد هذا القرار، إلا أن رئيس البرلمان قام بسرعة باقصاءه من البرلمان، فاضطر راهول للجوء إلى المحكمة العليا في دلهي التي ألغت قرار المحكمة في كوجرات وأعادته للبرلمان.

زاد الصحفي والخبير السياسي ظفر الإسلام خان في تصريحاته للجزيرة نت على أن راهول غاندي يسلط الضوء داخل البرلمان وخارجه على قضايا تتعلق بالفساد والفظاعة التي تنطوي عليها حكومة مودي.

راهول غاندي يحيي أنصاره في كيرلا (رويترز)

تجاهل الخصوم

يتهم ناشطون في مجال حقوق الإنسان والمعارضة حكومة مودي بتسخير القضاء لتحقيق غايات سياسية. وبحسب منظمة “فريدوم هاوس” الأميركية غير الحكومية، فإن حزب بهاراتيا جاناتا “يستغل المؤسسات الحكومية بشكل متزايد لمهاجمة المعارضين السياسيين”.

يشير ظفر الإسلام خان إلى حالة أخرى تعكس تقويض الحكومة للمعارضة، حيث تتعلق بتوجيه اتهامات للنائبة ماهوا مويترا التي كانت تكشف عن أخطاء الحكومة بشجاعة وبدليل كبير، ولكن تم إقصاؤها من البرلمان في بداية ديسمبر ٢٠٣٢.

تقدمت ماهوا مويترا بدعوى إلى المحكمة العليا ضد هذا القرار ولم يتخذ الحكم بعد. وحتى لو كان لصالحها، لن تستفيد منه لأن البرلمان الحالي قد انتهى وسيعقد البرلمان الجديد بأعضاء جدد بعد الرابع من يونيو/حزيران المقبل.

زعم خصوم مودي أنهم لم يقتصروا عن هذه الإجراءات، بل قاموا بتجاهل المعارضة من البرلمان. في ديسمبر ٢٠٢٣، قام رئيس البرلمان الذي ينتمي إلى حزبه بإلغاء عضوية ١٤١ نائبا، جميعهم من أحزاب المعارضة وخصوصاً من حزب المؤتمر، وستظل إلغاء العضويات سارية حتى نهاية الدورة الحالية للبرلمان، مما منح مودي الفرصة لتمرير قوانينه في غياب المعارضة.

وحسب المعارضين، زاد مودي الأمور بشراء ولاء أكثر من ٤٤٤ عضوا في البرلمان والمجالس التشريعية المحلية. “يقوم بالضغط على بعض النواب للانضمام إلى معسكره من خلال توجيه تهم لهم وسحبها في مقابل الالتحاق بصفوفه، لذلك أطلق عليه حزب مودي اسم “الغسالة” التي تنظف سجلات أي شخص ينضم إليه”.

على الجانب الآخر، ينفي الحزب الحاكم تلك الاتهامات، بل يتهم مودي المعارضة بتلقي تمويل غير قانوني من رجلي الأعمال موكيش أمباني وجوتام أداني لتمويل حملتها الانتخابية.

قالت هيئة الدفاع عن أحزاب المعارضة إن ٩٥٪ من عمليات مداهمة الوكالات الأمنية في عهد مودي كانت ضد زعماء المعارضة، حيث انضم بعضهم إلى حزبه لسحب التهم، بينما يلاحق البعض الآخر في المعتقلات أو يواجهون دعاوى قضائية رفعت ضدهم من قبل الوكالات الأمنية.

شرطة دلهي أثناء إسكات الاحتجاجات ضد تعديد بعض المسلمين على الجنسية (وكالة الأناضول)

وجهات نظر غير موثقة

ومن بين أخطر تلك الحوادث اعتقال رئيسي حكومتي ولايتين، حيث تم اعتقال وزير رئيس الولاية “جهارخاند” هيمانت سورين وهو وزير كبير في الحكومة بتهمة الفساد في الأول من فبراير/شباط 2024، وهو تصرف استغلالي قدمت له استقالته منصبه قبل التوقيف.

وتتضمن الاتهامات ضد سورين استخدام أموال غير مشروعة لاقتناء ثلاجة وتلفاز، بينما كان بإمكانه الاستحواذ على العديد من هذه الأجهزة شهرياً براتبه الحكومي.

أما القضية الأخرى، فكانت بحق أرويند كيجريوال وهو وزير كبير في حكومة دلهي، تم اعتقاله في 21 مارس/آذار 2024 بتهمة الفساد دون استقالة من منصبه.

وبعد الإفراج المؤقت عنه من قبل المحكمة العليا للمشاركة في الانتخابات العامة، أكد كيجريوال “أن نتيجة الانتخابات ستحدد مصير الديمقراطية في الهند.”

وقبل كيجريوال، تم اعتقال نائب كبير وزير دلهي منيش سسوديا ووزير الصحة في نفس الحكومة ساتيندار جين. وتم احتجازهما في السجن لأشهر دون تقديم دليل قاطع على تورطهما في قضايا الفساد.

محاكمات ضريبية

ويدعي ظفر الإسلام خان أن حكومة مودي لم تقتصر على هذه الضغوط، بل اتخذت إجراءات غير مسبوقة ضد حزب المؤتمر، حيث أُرسلت فاتورة ضريبية تقدر بمبلغ 3567 مليون روبية (43 مليون دولار) نتيجة تأخر بعض مؤسساته في تقديم الإقرارات الضريبية لعدة سنوات تعود بعضها إلى القرن العشرين.

وتم حجز وتجميد المبالغ المطلوبة من حسابات حزب المؤتمر من قبل الجهاز الضريبي، على الرغم من أن الغرامة العادية للتأخر في الدفع الضريبي لا تتجاوز 10 آلاف روبية (120 دولاراً).

حدث هذا قبل بدء الحملات الانتخابية بأسابيع، في وقت يحتاج فيه كل حزب إلى أموال كافية لتمويل نشاطاته الدعائية، مما أدى إلى أزمة داخلية في حزب المعارضة على حد قول راهول غاندى، الذي أكد عدم توفر الأموال حتى لشراء تذاكر القطار الأرخص والمتاح في الهند.

وتشير التقارير إلى أن حزب بهاراتيا جاناتا بقيادة مودي قد استولى بشكل كبير على ما يعرف بـ “السندات الانتخابية” رغم قرار المحكمة العليا بإلغائها في 15 فبراير/شباط الماضي بسبب نقص الشفافية في التمويل، دون إعادة هذه الأموال للمتبرعين الذين قدموا تبرعاتهم بها لتجنب المضايقات من قبل الجهات الأمنية، وفقا لادعاءات المعارضة.

وتُعتبر إدارة الجرائم المالية (ED) الجهة الأكثر نشاطاً في هذا الصدد، حيث كشفت في بيان صادر في مارس/آذار 2023 عن تسجيلها لـ5906 قضية خلال الفترة من 2005 إلى 2023، مع معدل إدانة للمتهمين يبلغ فقط 0.42٪.

وقامت إدارة الجرائم المالية أيضاً بفتح تحقيقات ضد 121 زعيم سياسي خلال الفترة من 2014 إلى 2022، حيث بلغت نسبة 95٪ منهم قادة في المعارضة، دون تسجيل أي قضية ضد أي من الداعمين للحكومة على الرغم من الفضائح الكثيرة التي واجهها مودي وقادة حزبه.

تدهور قيم الديمقراطية

شهدت السنوات العشرة الأخيرة من حكم مودي تدهور القيم الديمقراطية والسيادة القانونية، واستباحة حقوق المسلمين والليبراليين الذين يتعرضون لاتهامات من رئيس الوزراء

وادعى زعماء حزبهم أنهم أعداء الهند ويرغبون في تقسيمها.

وصلت المنظمات الدولية لحقوق الإنسان إلى استنتاج أن الهند لم تعد تمارس الديمقراطية بل هي “نظام استبدادي يعتمد على انتخابات تمثيلية”.

محللون سياسيون يرون أن انتخابات 2024 ستكون دليلا على نقص الحرية والشفافية في العملية السياسية في الهند.

بالمقابل، ينفي مودي مزاعم قمعه لمعارضيه، ويشدد على أنه لا يسيء استخدام السلطة لتسوية حسابات سياسية مع خصومه.

وردت رويترز -الثلاثاء الماضي- عن مودي وهو يدافع عن نفسه ضد الانتقادات التي وجهت له بشأن تحريضه على الانقسام بين الهندوس والمسلمين من أجل الفوز في الانتخابات البرلمانية.

وفي مقابلة مع شبكة “سي إن إن”، أكد مودي أهمية عدم استغلال القضايا الدينية في الخطاب السياسي، وأنه لن يقوم بمثل هذا السلوك طالما أنه يدير الشؤون العامة.

وأشار في تصريحاته “عندما أتحدث عن الهندوس أو المسلمين في السياسة، سيكون ذلك يومًا سأفقد فيه القدرة على قيادة الأمور العامة”.

المصدر : الجزيرة + وكالات



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version