هل سيقوم البنك الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بشكل أكبر من المتوقع؟
ترتفع الأنظار في الأسواق العالمية نحو مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، وسط تكهنات بشان مقدار التخفيض المرتقب في أسعار الفائدة. على مدى السنوات الماضية، كان البنك يركز على مكافحة التضخم المرتفع، لكن الأحداث الأخيرة تُظهر أنه يقترب من اتخاذ خطوة كبيرة تتعلق بتخفيض الفائدة، مع ظهور مؤشرات على تباطؤ في سوق العمل الأميركي.
الآن، ليس السؤال حول هل سيكون هناك تخفيض، بل عن مدى هذا التخفيض.
ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في تقريرها الأخير أن بيانات الوظائف لشهر أغسطس/آب أظهرت فقدان الزخم في سوق العمل، مما يعزز الإشارات بأن الفيدرالي قد يقوم بخفض الفائدة بأكثر من 50 نقطة أساس، وهو أمر كان يبدو بعيدًا قبل شهر، مقارنة مع التخفيض التقليدي الذي يبلغ 25 نقطة أساس.
كما أيدت التصريحات الصادرة عن كريستوفر والر، أحد أعضاء مجلس الاحتياطي، هذه التوقعات حين ذكر أن “القلق الآن يتجه أكثر نحو جانب التوظيف”، ضمن الإطار العام لالتزام الفيدرالي بإدارة السياسة النقدية.
مفترق طرق
ورغم الاستقرار النسبي في سوق العمل، حيث لم تتأثر جميع القطاعات بشكل متساوٍ، فإن قطاعات مثل التكنولوجيا والمالية شهدت تخفيضات كبيرة، مما زاد من الضغط على الفيدرالي لاتخاذ الخطوة اللازمة. العديد من الشركات تؤخر خططها للتوسع أو الاستثمار نظرًا لارتفاع تكاليف الاقتراض، مما يثير قلق المستثمرين. ويضاف إلى ذلك حالة من عدم اليقين السياسي المرتبطة بالانتخابات الرئاسية المقبلة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
يواجه الفيدرالي -بحسب وول ستريت جورنال- تحديًا في إدارة هبوط سلس للاقتصاد دون التأثير سلبًا على سوق العمل أو الاستثمارات. ومع ذلك، فإن التخوف من أن تخفيض الفائدة قد يؤدي إلى عواقب عكسية إذا تم اتخاذه بسرعة دون الانتباه للأبعاد الاقتصادية والسياسية بشكل دقيق لا يزال قائمًا.
اختلافات بين ترامب وهاريس
تشير الصحيفة أيضًا إلى أن السباق الرئاسي لعام 2024 يزيد من تعقيد الوضع. حيث تتوقع شركة غولدمان ساكس أن السياسات الاقتصادية التي طرحها الرئيس السابق دونالد ترامب، مثل فرض رسوم جديدة، قد تضعف النمو الأميركي رغم تعهداته بخفض الضرائب على الشركات.
يقترح ترامب تخفيض ضريبة الشركات من 21% إلى 15% على الشركات التي تقوم بتصنيع منتجاتها في الولايات المتحدة، وهو ما قد يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد ولكنه يعتمد بشكل رئيسي على موافقة الكونغرس.
من جهة أخرى، تعهدت كامالا هاريس، نائبة الرئيس الحالي، برفع ضريبة أرباح رأس المال إلى 28% للأميركيين الذين يكسبون أكثر من مليون دولار، في محاولة لتحقيق توازن في الاقتصاد من خلال تركيز الجهود على الشركات الكبرى.
قرار الفيدرالي والسوق
بينما يستمر تضخم المعدلات في الانخفاض، تشير التقارير إلى أن العديد من الشركات لا تزال تعاني من نقصان عائدات ارتفاع تكاليف الاقتراض مما يؤثر على الخيارات المستقبلية.
سيشكل قرار الفيدرالي حول مقدار تخفيض أسعار الفائدة المقبل نقطة حاسمة في توجيه السوق، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية التي ستؤثر بشكل كبير على مسار الاقتصاد في البلاد.
تشير الصحيفة إلى أن رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول سيواجه ضغطًا لاتخاذ قرار حاسم يوازن فيه بين خفض الفائدة لدعم التوظيف والحفاظ على استقرار الاقتصاد.
إذا كانت التخفيضات أكبر من المتوقع، فقد تُحسن من وضع الشركات التي تعاني من تكلفة الاقتراض العالية، لكنها قد تُثير مخاوف بشأن استقرار الأسعار على المدى الطويل.
ينتظر المستثمرون وأصحاب الأعمال نتائج اجتماع الفيدرالي في وقت لاحق من هذا الشهر، حيث سيسعى المجلس لتحديد حجم التخفيض الأمثل في أسعار الفائدة لتحقيق التوازن بين السيطرة على التضخم ودعم سوق العمل.
مع استمرار الغموض المحيط بالانتخابات الرئاسية، يبقى السؤال المطروح: هل سيكون تخفيض الفائدة خطوة كافية لدفع الاقتصاد نحو النمو، أم ستستمر التدخلات السياسية والأحداث الاقتصادية في إرباك الأسواق؟
رابط المصدر