لديك قرار مهم؟ عليك النوم أولا ثم قرر بعد الاستيقاظ
أظهرت دراسة حديثة أجراها باحثون في مجال الطب النفسي والعلوم السلوكية بجامعة ديوك في الولايات المتحدة، أن تأجيل اتخاذ القرارات بعد الاستيقاظ يساعد على تجنب الانجراف وراء الانطباعات الأولى المرتبطة بها.
هل يجب اتخاذ قرار سريع أم تأجيله؟
بدأ فريق البحث دراستهم مستندين إلى سؤال فلسفي قديم: ما هو الخيار الأفضل، اتخاذ القرارات بحماسة بعد تقديم انطباع أولي جيد، أم الانتظار قليلاً قبل اتخاذ أحد القرارات؟
اختيار الصناديق: تجربة مرآب خيالي
للإجابة على هذا التساؤل، قام الباحثون بإجراء دراسة حول بيع مرآب خيالي. في سلسلة من التجارب عبر الإنترنت، طُلب من المشاركين النظر في صناديق افتراضية تحتوي على أغراض غير مرغوب فيها واختيار الصناديق التي يفضلون بيعها.
احتوى معظم الصناديق على أشياء غير ذات قيمة كبيرة، لكن كان هناك بعض العناصر ذات القيمة الأعلى مثل مصباح جميل أو دمية دب، ما أثر على اختيارات المشاركين.
حبال الانطباع الأول
لم يكن المشاركون على علم بأن القيمة الإجمالية لمحتويات الصناديق كانت متساوية. كانت الفروق تكمن في ترتيب العناصر. في بعض الصناديق كانت العناصر القيمة في الأعلى، بينما في أخرى كانت مستقرة في الأسفل، مما أثر على تقييمات المشاركين.
أظهرت النتائج أن المشاركين الذين اتخذوا قرارات سريعة كانوا أكثر عرضة للتأثر بمظهر العناصر الأولى التي رأوها، مما أضعف فرصة تقييمهم الدقيق للصناديق.
أكدت المؤلفة الرئيسية للدراسة، ألي سينكلير، أن الانطباعات الأولى تؤثر بشكل كبير على قرارات الأفراد، حيث تبين أنهم كانوا يفضلون الصناديق التي تظهر عناصر ثمينة من الوهلة الأولى.
### تأثير الانطباعات الأولية على تقييم القيم
أظهرت دراسة حديثة أن المشاركين في تجربة شراء استنادًا إلى الصناديق، لم يقتصر تفضيلهم على الصناديق التي قدمت انطباعًا مبهرا، بل تجاوز تقديرهم لها حيث تم تقدير قيمتها بأكثر من 10% عن قيمتها الفعلية.
التحيز الأولي وتأثيره النفسي
يُعرف هذا السلوك بظاهرة “التحيز الأولي”، كما تفسرها الباحثة ما بعد الدكتوراه في جامعة بنسلفانيا، سينكلير. تشير النتائج إلى أن الناس يميلون إلى التهكم بصورة مبالغ فيها استنادًا إلى المعلومات الأولية، حتى وإن ظهرت حقائق جديدة. في سياق تجربة بيع المرآب، أظهر التحيز الأولي تأثيرًا سلبيًا على قدرة المشاركين على اتخاذ قرارات عقلانية، حيث زعموا أن بعض الصناديق تحتوي على عناصر أكثر قيمة مما هي عليه في الواقع. ومن الواضح أنهم كان لديهم صعوبة في تذكر التفاصيل الدقيقة للأشياء الثمينة في صناديقهم المفضلة.
تأثير النوم على اتخاذ القرار
على العكس من ذلك، أظهرت الدراسة أن المشاركين الذين تم منحهم فترة من الوقت للتفكير في القرار قبل اتخاذه، كانوا أقل عرضة للوقوع في هذه الأخطاء، وأظهروا توازنًا في تقييم العناصر بشكل عام. فقد اتخذوا قرارات أكثر عقلانية فيما يتعلق بالصناديق، وبالتالي لم يعد هناك تفضيل واضح للصناديق التي قدمت انطباعًا إيجابيًا في البداية. بدلاً من ذلك، تمتعوا بمساحة فكرية تسمح لهم بتقييم العناصر بشكل متساوي.
وفي هذا السياق، أوضحت أدكوك: “قد تكون الانطباعات الأولى مفيدة في اتخاذ قرارات سريعة”، مثل اختيار فيلم أو كتاب، إلا أنه في الأمور المهمة على المدى الطويل مثل التوظيف أو العلاقات الاجتماعية، فإن التأني أو “الاستراحة” في اتخاذ القرار قد تكون مفيدة.
إعادة تنظيم الذاكرة
وأضافت أدكوك أن هذه الدراسة تسلط الضوء على كيف تقوم أدمغتنا بإعادة تنظيم الخبرات بعد انتهائها. يقوم الدماغ بترتيب المعلومات في الذاكرة لمساعدتنا في اتخاذ قرارات أفضل، وهذا يحدث غالبًا خلال فترة النوم.