هل هناك في جعبة تركيا وثائق ضغط اقتصادية ضد الكيان الصهيوني لم تستخدمها بعد؟
هذا الارتفاع في التوتر شهد فشل المساعي الدبلوماسية والتهديدات السياسية، مما دفع أنقرة إلى اتخاذ تدابير اقتصادية كوسيلة ضغط جديدة، تهدف إلى إجبار تل أبيب على وقف هجماتها اليومية على الفلسطينيين.
وتمثل أكبر خطوة اقتصادية اتخذتها تركيا منذ بداية النزاع في غزة في إعلان وزارة التجارة التركية -الأسبوع الماضي- تعليق كل العلاقات التجارية مع الكيان الصهيوني بعد أن بلغ حجم التبادل التجاري 9.5 مليار دولار، مؤكدة أن تركيا لن تتراجع عن قرارها إلا بعد تأكيد سيرورةمتواصلة وكافية لمساعدة غزة.
سابقا، تخذت تركيا سلسلة من الإجراءات الإقتصادية ضد إسرائيل بعد بدء الهجوم الإسرائيلي على غزة، وتضمنت تقييد تصدير بعض المنتجات إلى إسرائيل وإلغاء الحجوزات الإلكترونية لرحلات الخطوط الجوية التركية إلى إسرائيل حتى مارس/آذار 2025، وإعلان تعليق خطط التعاون مع إسرائيل في مجال الطاقة.
علاقات اقتصادية مميزة
تطورت العلاقات التجارية بين تركيا وإسرائيل بشكل ملحوظ خلال السنوات السابقة، حيث بلغت قيمة الصادرات التركية إلى إسرائيل 7 مليارات دولار في عام 2022، مقارنة بـ 288 مليون دولار فقط في عام 1995، مما يعكس معدل نمو سنوي بنسبة 12.5٪.
من ناحية أخرى، بلغت قيمة صادرات إسرائيل إلى تركيا 2.33 مليار دولار في نفس العام، مقارنة بـ 209 ملايين دولار في عام 1995، بنسبة نمو سنوية تبلغ 9.35٪.
وتحتل تركيا المرتبة السابعة كأكبر شريك تجاري لإسرائيل على المستوى العالمي، بينما تحتل إسرائيل المرتبة 11 كأكبر شريك تجاري لتركيا.
وفي النقاش حول تأثير القانونيات لوقف العلاقات التجارية بين تركيا وإسرائيل، أوضحت الخبيرة في القانون المالي الدولي فوندا يافاشلار للجزيرة نت أن الاتفاقيات الموقعة بين البلدين تسمح بفسخها في حال عدم تسوية النزاعات خلال المفاوضات، وسريانها تبدأ بعد 6 أشهر من تقديم إخطار الفسخ.
قدرة ضغط الطاقة
في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أوقفت تركيا خطط التنقيب عن النفط مع إسرائيل في البحر الأبيض المتوسط، وتصدير الغاز إلى أوروبا، وألغت وزارة الطاقة الزيارة المقررة لإسرائيل، بسبب الهجوم على غزة.
كانت تركيا وإسرائيل يبحثان إنشاء خط أنابيب تحت الماء يربط بينهما، لنقل الغاز إلى تركيا وجنوب أوروبا، لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي.
وانطلق بحث محللين اقتصاديين حول فرض تركيا عقوبات اقتصادية شاملة على الطاقة والنفط، بينما يسعى الباحثون لتحليل مخاطر تركيا في قطاع الطاقة.
توجيه مسار النفط
في الحالة الحالية، تواجه إسرائيل تحديات كبيرة بسبب تقييدات تركية على نقل النفط من بلدان مثل كازاخستان وأذربيجان، مما يُعيق قدرتها على إيجاد بدائل. وقدرة تركيا على تلك التدابير تُظهر التوترات الحالية.
من ناحية أخرى، أشار الباحث رسول أكتورك إلى المخاطر التي قد تواجه تركيا في قطاع الطاقة.
تحدثت عن العلاقات المتوترة مع دولة إسرائيل، حيث أشارت إلى أن إسرائيل تقوم بإنتاج الغاز من حقلي تمار وليفياثان، ومن ثم تصديره إلى مصر حيث يتم تسويقه وبيعه كغاز مصري.
وأشارت إلى أنه وصل إلى تركيا حوالي 2.5 مليار متر مكعب من الغاز المصري في عام 2022، وكان جزء منه قادم من إسرائيل.
أكد الباحث الاقتصادي أن هذا السيناريو قد يمنح إسرائيل فُرصة لفرض ضغوط على تركيا، من خلال إمكانية قيامها بتقييد إمدادات الغاز إلى تركيا. وحذر من أن تلك الإجراءات قد تكون لها آثار سلبية على الاقتصاد التركي، مما يضع تركيا في وضع ضعيف في حال قُطعت هذه الإمدادات.
حركة المرور البحرية
صرّح الخبير البحري الإسرائيلي المنتسب إلى معهد دراسات الأمن القومي يغال ماور، في تقرير لصحيفة كالكاليست الإسرائيلية، بإمكانية قيام تركيا بعرقلة حركة المرور البحرية عبر المضائق الرئيسية في حال تصاعد التوترات.
وأكد ماور على الضعف الكبير الذي تواجهه شرايين الحياة التجارية لإسرائيل، وعلى الحاجة الماسة لوضع خطط طوارئ لمواجهة مثل تلك الأزمات.
شهد عدد السفن المتجهة إلى إسرائيل عبر تركيا انخفاضًا بنسبة 30٪، إذ أبحرت 701 سفينة من موانئ تركيا إلى إسرائيل، وهذا يعادل متوسط 8 سفن يوميًا خلال الفترة من 7 أكتوبر/تشرين الأول إلى 31 ديسمبر/كانون الأول 2023، وفقًا لتصريحات وزير النقل التركي للجزيرة نت سابقًا.
وأشار الباحث الاقتصادي أكتورك إلى أن مثل هذه الخطوات قد تؤدي إلى نشوب حرب اقتصادية ضد إسرائيل، وقد تتسبب في تطورات دولية واسعة.