هل يتسبّب “الإسلاميون” الأتراك في إنهاء حقبة أردوغان؟!

By العربية الآن



هل يتسبّب “الإسلاميون” الأتراك في إنهاء حقبة أردوغان؟!

image 10
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (الأناضول)
في كلمته أمام مؤتمر: “برلمانيون لأجل القدس”، قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان:

” تم طرح مزاعم غير أخلاقية بأننا نرسل وقود الطائرات الحربية إلى إسرائيل. هل لديك ضمير؟ فهل يفعل أردوغان وأصدقاؤه ذلك؟ لقد رددوا ذلك من أجل مكاسب سياسية قدرها ثلاثة قروش، وعلى الرغم من أننا أصدرنا بيانًا بشأن قاعدة كورجيك من قبلُ، إلا أنهم تشبّثوا بنفس الأكاذيب” لم يذكر أردوغان اسم من يقصده بالحديث. لكن كان واضحًا للجميع أنه يوجّه كلامه إلى رئيس حزب “الرفاه من جديد”، فاتح أربكان.

ففاتح استهدف أردوغان والحكومة التركية بهجوم مكثّف، بدعوى تزويد إسرائيل بالوقود اللازم للطّائرات الحربية. كما زعم أن قاعدة كورجيك للرادار في ملاطية، لعبت دورًا في صد الهجوم الإيراني على إسرائيل.

مركز مكافحة المعلومات المضللة التابع لدائرة الاتصال بالرئاسة التركية، نفى تلك المزاعم، مؤكدًا أنها فقط طائرات الركاب المدنية الإسرائيلية تلك التي كان يتم تزويدها بالوقود في المطارات التركية، وقد تم منع ذلك مؤخرًا بموجب قرارات تعليق تجارة 53 منتجًا تركيًا مع إسرائيل بسبب العدوان على غزة.

وبرغم النفي الرئاسي، إلا أن فاتح أربكان استمرّ في ترديد تلك الاتهامات، ورددها معه رئيس حزب “المستقبل”، أحمد داود أوغلو.

الأمر الذي أثار حالة من الجدل بشأن طبيعة الدور الذي يؤدّيه الإسلاميون الأتراك، على الساحة السياسية من أجل إنهاء الحقبة الأردوغانية، والدفع إلى انتخابات مبكّرة قبل موعدها المقرّر عام 2028.

أحداث “غيزي بارك” بواجهة إسلامية!

نتائج الانتخابات البلدية، فتحت شهية تيارات متطرفة داخل اليسار للحديث مجددًا عن الإطاحة بأردوغان من خلال إحياء ثقافة احتجاجات “غيزي بارك” العنيفة التي شهدتها منطقة “تقسيم” في مايو 2013.

الأحداث حينها بدأت باحتجاجات “بريئة” بشأن حديقة، لكنها سرعان ما تحولت إلى محاولة انقلاب “برتقالية” على النمط الأوكراني، نجحت السلطات في احتوائها، إلا أنها خلفت خسائر اقتصادية فادحة، لا تزال تركيا تعاني منها حتى الآن.

أحداث “غيزي بارك” كانت يسارية خالصة، فيما ظلت القاعدة “الإسلامية” داعمة لأردوغان، لكن السياسة الجديدة تعتمد على الدفع بإسلاميين إلى واجهة المشهد من خلال توظيف ورقة غزة.

وأوضح مثال على ذلك ما حدث في شارع “الاستقلال” بمنطقة “تقسيم”، مطلع شهر أبريل، حتى وقع صدام بين مجموعة “يسارية” تضم عددًا من المحجبات، مع قوات الأمن عقب تنظيمهم احتجاجًا ضد إسرائيل.

الغريب في المشهد آنذاك، أنَّه لأول مرة خلال حكم العدالة والتنمية، تُبثّ صور لمواجهات بين الشرطة ومحجبات!

ورغم أن وزير الداخلية سارع بإيقاف ضابطين عن العمل، إلا أن ما حدث كان مؤشرًا على ما يمكن أن يتطور إليه المشهد.

الاختراق اليساري للكتلة الإسلامية

الإستراتيجية التي انتهجتها المعارضة اليسارية “العلمانية” منذ رئاسة كمال كليجدارأوغلو لحزب “الشعب الجمهوري”، كانت تقوم على تطوير التعاون السياسي والحزبي مع قوى إسلامية، لاختراق القاعدة المحافظة، وسحب المتدينين إلى الحزب وليس الصدام معهم.

اعتذر كليجدار أوغلو، العام الماضي، عن ممارسات الحزب في الماضي ضد المحجبات، معترفًا بخطأ تلك السياسات، ومضى خطوة إلى الإمام، بالدفع بمرشحة محجبة على قوائم الحزب في الانتخابات البرلمانية.

الاختراق العلماني امتدَّ بوضوح إلى جماعات التصوف، فعلى سبيل المثال أعلنت جماعة “السليمانيين” الصوفية في إسطنبول، دعمها لأكرم إمام أوغلو في الانتخابات البلدية، وأعلن زعيمها، أليهان كوريش، عقب الانتخابات، أنهم انتقموا من حزب “العدالة والتنمية”، مشيرًا إلى أن نفوذَ جماعته في بلديات، مثل: أوسكودار وتوزلا وبي أوغلو وشيله – التي كانت معاقل للعدالة والتنمية – هو الذي أدى إلى فوز حزب “الشعب” فيها.

فيما يعاني تجمعٌ كبير، مثل جماعة “إسماعيل آغا” الصوفية من مشاكل واختراقات واضحة، وظهر ذلك في نتائج بلدية الفاتح بإسطنبول، حيث يقع مركزها، إذ فاز “حزب العدالة والتنمية” بفارق أقل من 4%، مقارنة بفارق حوالي 17% في انتخابات 2019!

الاختراق عمل أيضًا على إعادة تشكيل الصورة الذهنية لحزب “الشعب” لدى المحافظين، بإظهاره حزبًا يحترم الدين ويوقّره، كما يتّضح لدى أكرم إمام أوغلو، الذي يستفيد من نشأته في توظيف المظاهر الإسلامية، في الصراع السياسي.

توظيف الإسلاميين

تحتفظ الخبرتان: العربية والتركية بتجارب مريرة تم فيها توظيف “الإسلاميين” لإحداث تغييرات مجتمعية عنيفة ولو على حساب أيديولوجيتهم!.

فقد وظّف عسكر الجزائر حركة الإخوان المسلمين لتدعيم انقلابهم على الجبهة الإسلامية للإنقاذ “السلفية” التي اكتسحت الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية 1991.

أما الخبرة التركية، فلا تزال تحتفظ بمشهد عزل السلطان عبد الحميد الثاني، آخر السلاطين الفعليين للدولة العثمانية، بتدبير أحداث مارس/آذار 1909 من قبل جمعيَّة الاتحاد والترقي “العلمانية” التي وظَّفت طلاب المدارس وبعض العسكريين للنزول إلى الشوارع مطالبين بعودة الشريعة.

فيما تكفل أحد “المشايخ” بكتابة الفتوى التي ستمهّد الطريق لعزل السلطان، وإحداث انقلاب ناعم، سيؤدي إلى زوال الدولة نفسها.

كما لا ننسى أن تنظيم غولن، ذا الوجهة الإسلاميَّة، هو الذي قاد محاولة الانقلاب الدموية في يوليو/تموز 2016، التي تركت آثارًا كارثية على البلاد.

وأخيرًا: فإن معظم الشارع الكردي، داخل تركيا، تم تجييره لصالح يساريي حزب انفصالي.

فيما تفتّتَتْ أصوات الإسلاميين سياسيًا بين أحزاب صغيرة، تعمل لصالح اليسار.

أما أصوات القوميين، فقد تعرضت للتقسيم، بعد انفصال حزب “الجيد” القريب من اليسار.

كل هذا يدل على أن الهندسة السياسية والحزبية داخل تركيا، تعمل بجد؛ لإنهاء حقبة أردوغان، ولصالح اليسار تحديدًا!

وعندئذ سيكتشف الإسلاميون – كما في كل مرة – أنهم كانوا مجرد أحجار على رقعة الشطرنج.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.





رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version