هل يعيد “الطوفان” الزخم للعمليات الاستشهادية؟
بعد فترة هدوء استمرت حوالي 18 عاماً، شهدت المقاومة الفلسطينية عودتها إلى تنفيذ العمليات الاستشهادية كوسيلة رئيسية لمقاومة الاحتلال، حيث أقدمت كتائب القسام وسرايا القدس على تنفيذ عملية استشهادية في تل أبيب، وكانت تلك خطوة غير متوقعة.
عملية تل أبيب وتأثيرها
في مساء الأحد 18 أغسطس/آب 2024، وقع انفجار بجانب شاحنة في شارع هاليحي في تل أبيب، مما أربك الاحتلال وتركه عاجزاً عن تفسير أسباب الحادث. الانفجار أسفر عن مقتل شخص وإصابة آخرين، وأظهر أن تل أبيب، المدينة الأكثر تحصيناً في الكيان الصهيوني، قد أصبحت هدفاً لعمليات استشهادية في وقت كانت تتوقع فيه الأمن والسلام.
هذه العمليات تشكل تحدياً كبيراً لجيش الاحتلال وقد تحمل بعض الضغوط عن غزة.
حالة التأهب الأمنية
أثارت هذه العملية قلق الأجهزة الأمنية للاحتلال، مما دفع الشاباك إلى رفع حالة التأهب القصوى. الانفجار نُفذ بعبوة ناسفة قدر وزنها 8 كيلوغرامات، وكان يحملها الاستشهادي، الذي ظهر في تسجيلات كاميرات المراقبة. وقد تم الكشف عن هويته لاحقاً، وهو جعفر منى، تاجر سكاكر من نابلس.
إعلان القسام عن عودة العمليات الاستشهادية يشير إلى تحولات جديدة على الأرض، خاصة في ضوء معركة “طوفان الأقصى”، حيث تكبدت غزة أكبر الأعباء خلال هذه الفترة، ومن المتوقع أن تحمل العمليات الاستشهادية بعض الأعباء عن غزة وقد تجبر الاحتلال على إعادة حساباته.
عودة العمليات الاستشهادية: واقع وتحديات
للعمليات الاستشهادية تاريخ طويل ومعقد، حيث يُعتقد أنها بدأت منذ فترة حرب النكبة، وليس في التسعينيات كما يُعتقد. هذا النوع من العمليات كان له دور بارز في تقويض أمان الإسرائيليين، مما دفع إلى ظهور أصوات تدعو إلى اتخاذ خطوات لتفكيك المستوطنات.
على سبيل المثال، تم تسجيل عملية استشهادية نفذها عبد الحميد أبو سرور في 2016، والتي أدت إلى إصابة 21 إسرائيلياً.
هل توقفت العمليات الاستشهادية؟
على الرغم من تراجع العمليات الاستشهادية بعد عام 2006، إلا أنها لم تتوقف بشكل كامل. عمليات مثل تفجير مطعم “روش هايير” عام 2006، تُظهر أن الطابع النضالي لا يزال حياً. ولكن التحديات الحالية تتمثل في صعوبة تجنيد العناصر المناسبة لتنفيذ تلك العمليات في ظل الظروف المستجدة والاعتقالات الكثيفة من قبل الاحتلال.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن ظروف الضفة الغربية الحالية تحد من القدرة على تنفيذ العمليات الاستشهادية، حيث تتعرض المدن والقرى لحصار شديد، مما يجعل من الصعب دخول استشهاديين إلى الداخل المحتل.
مدرسة العياش: تحول في الصراع
تاريخ العمليات الاستشهادية شهد تحولاً كبيراً مع الشهيد يحيى عياش، الذي يُعتبر رائد صناعة المتفجرات الفلسطينية. وقد أسست إنجازاته مدرسة جديدة في المقاومة، حيث ساهمت في إدخال العمليات الاستشهادية إلى داخل الأراضي المحتلة.
بعد استشهاده، استمرت العمليات الاستشهادية بشكل متصاعد، وكانت العشرات منها قد نُفذت خلال الانتفاضة الثانية.
إن “الظاهرة الاستشهادية” لم تنتهِ، بل تطورت إلى أشكال مختلفة من الهجمات، مثل الهجمات الانغماسية بالسكاكين وغيرها، مما يعكس روح المقاومة المتجددة.
الخاتمة: هل يعيد الطوفان الزخم؟
إذا أخذنا بعين الاعتبار عوامل القدرة والتحديات الحالية، سيكون من الصعب إعادة إحياء العمليات الاستشهادية في الظروف الحالية. لكن التصعيدات الأخيرة في الاشتباكات والجهود المستمرة لصناعة المتفجرات تعطي بعض الأمل في إمكانية استعادة الزخم.
في النهاية، تبقى العمليات الاستشهادية تجسيداً لأعلى درجات التضحيات، وستبقى جزءاً لا يتجزأ من تاريخ المقاومة الفلسطينية.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة العربية الآن.
رابط المصدر