هل ينهي نظام البكالوريا الجديد في مصر كابوس الثانوية العامة؟
12/1/2025
–
|
آخر تحديث: 13/1/202501:43 م (توقيت مكة)
القاهرة- تتهيأ وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني في مصر لإحداث تغيير جذري في نظام المناهج والامتحانات المؤهلة للالتحاق بالجامعات. وقد أعلنت عن نظام تعليمي جديد يختلف بشكل جذري عن النظام القديم المعمول به منذ عقود.
يتضمن النظام الجديد استبدال “البكالوريا” بالثانوية العامة، حيث أوضح مسؤولون حكوميون أن الهدف من هذا التغيير، الذي سيبدأ تطبيقه العام المقبل للطلاب الملتحقين بالصف الأول الثانوي، هو تعزيز المهارات الفكرية والنقدية وتمكين التعلم متعدد التخصصات، بالإضافة إلى الاعتراف الدولي بالشهادة الجديدة.
بدأت الوزارة التحضيرات بسرعة، إذ قدم وزير التعليم محمد عبد اللطيف -الذي أسس وأدار عددا من المدارس التي تعتمد نظام البكالوريا الدولية- المقترح فور توليه الوزارة في أغسطس الماضي.
وفي أغسطس الماضي، أعلنت الوزارة عن تغييرات محدودة في نظام الثانوية العامة تخص عدد وطبيعة المواد المقررة، وهو ما قوبل بانتقادات من أولياء الأمور قبل بدء الدراسة بشهر واحد.
بلغ عدد الطلاب الذين أجروا امتحانات شهادة إتمام الدراسة الثانوية العامة العام الدراسي الماضي نحو 750 ألف طالب.
كابوس الثانوية
أفاد المتحدث باسم الوزارة، شادي زلط، أن النظام الجديد سيزيل “كابوس الثانوية العامة” من كاهل المجتمع من خلال تخفيف الأعباء المالية والضغط النفسي على الطلاب، نظرًا لقلة عدد المواد المقررة وزيادة فرص إعادة الاختبارات.
وأشار زلط في تصريحات تلفزيونية، إلى أن الوزير بدأ التنسيق مع قيادات الوزارة والمجلس الأعلى للجامعات منذ اليوم الأول لتولي منصبه لإيجاد نظام البكالوريا.
وصف زلط البكالوريا بأنها شهادة معترف بها دوليًا، وتوقع أن يسهم النظام الجديد في القضاء على ظاهرتي الغش والدروس الخصوصية، مشيرًا إلى أنه لا يتوقع وجود رفض مجتمعي للنظام الجديد نظرًا لمزاياه مقارنة بالنظام القديم.
من المقرر أن تعرض تفاصيل نظام البكالوريا على لجنة التنمية البشرية بمجلس الوزراء لمناقشة آليات التنفيذ في الأيام المقبلة، ثم سيتم تقديمها للبرلمان قبل بدء العام الدراسي الجديد.
ما هي البكالوريا؟
شهادة البكالوريا تشمل الصفين الثاني والثالث الثانوي، بعكس الثانوية العامة التي شملت الصف الثالث فقط.
يتاح للطلاب 4 مسارات بدلاً من ثلاثة كما في النظام القديم، وتشمل: الطب وعلوم الحياة، الكيمياء والبرمجة، الأعمال، والآداب والفنون.
في الصف الثاني، يدرس الطالب 4 مواد، تشمل 3 مواد أساسية ومادة تخصصية، حيث المواد الأساسية تتمثل في اللغة العربية، التاريخ المصري، واللغة الأجنبية الأولى.
أما في الصف الثالث الثانوي، فيدرس الطالب 3 مواد: مادتان من التخصص بالإضافة إلى مادة “التربية الدينية”، حيث تعتبر هذه المرة الأولى التي تُحتسب فيها مادة الدين ضمن المجموع الكلي.
بذلك، يدرس الطالب 7 مواد موزعة على عامين، بدلاً من 7 مواد خلال عام واحد كما في النظام القديم.
تفاصيل نظام التحسين
أُقر نظام التحسين للامتحانات، حيث يُتاح للطالب 6 فرص لإعادة الامتحان في أي مادة لم يرض عن مجموعها، بواقع 4 فرص في الصف الثاني الثانوي و2 في الصف الثالث، مع احتساب أعلى درجة ضمن المجموع الكلي. كما تم تحديد رسوم لكل مادة يختار الطالب تحسين مجموعه بها، وتبلغ 500 جنيه.
ترحيب وقلق
تحدث المهندس محمد فهيم عن الأكاديميات الخاصة بشهادة البكالوريا عبر برامج “توك شو” التلفزيونية. ورغم وضوح الشرح حول نظام البكالوريا الجديد، إلا أنه اعتبر أن التطبيق الفعلي هو الذي سيكشف فعالية النظام.
قال فهيم -للجزيرة نت- إن ابنه الذي يدرس في الصف الثاني الثانوي لن يتأثر بالنظام الجديد، بينما ابنته في الصف الأول الإعدادي ستنطبق عليها القواعد الجديدة. ومن المهم بالنسبة له معرفة جميع التفاصيل المتعلقة بالنظام.
أضاف أن تصريحات المسؤولين تُشعره بالاطمئنان، لكن ما يهمه كولي أمر هو محتوى المناهج الجديدة وشكل الامتحانات، خاصة مادة التربية الدينية التي ستضاف للمجموع الكلي لأول مرة.
هذه المخاوف يقابلها ترحيب من أسامة محمد، مدرس لغة إنجليزية وولي أمر، الذي اعتبر النظام الجديد أكثر راحة للطلاب مقارنة بالنظام السابق.
ووضح -للجزيرة نت- أن إمكانية إعادة الامتحانات في أي مادة ستقلل من التوتر الذي يعانيه الطلاب، لكن يتوقع أن تمنع البكالوريا اختفاء الدروس الخصوصية.
أضاف أسامة أن الدروس الخصوصية لا تزال مهمة لجميع الطلاب، حيث أن رغبتهم في النجاح والحصول على درجات مرتفعة ستدفعهم للاستعداد للمادة، بغض النظر عن عدد فرص الاختبار.
الانتقادات الموجهة
انتقد الدكتور محمد فتح الله، أستاذ علم النفس التربوي بالمركز القومي للامتحانات، الأساس الذي تم بناء النظام الجديد عليه، حيث لم تُطرح الأفكار على الجهات المعنية لضمان التوافق المجتمعي، كما أُهمل دراسة التجارب السابقة.
وأوضح -في حديثه للجزيرة نت- أنه تم إقرار نظام التحسين في العام الدراسي 1994/1995، وتم إلغاؤه بعد فترة قصيرة، ويجب دراسة أسباب إلغاء التحسين سابقا لتفادي الأخطاء.
عبر فتح الله عن وجهة نظره بأن نظام البكالوريا الدولية قد يتناسب مع بعض الدول بينما لا يناسب الأخرى، نظرًا للاختلافات الثقافية والاجتماعية.
بالإشارة إلى ميزات النظام الجديد، مثل توفير فرص الاختبارات وتقليل المواد، أكد الخبير التعليمي على أهمية وجود ضوابط ومعايير واضحة لنظام التحسين، بالإضافة إلى ضرورة توافر المدرسين المؤهلين.
أما الدكتور تامر شوقي، أستاذ التربية بجامعة عين شمس، فقد اعتبر نظام البكالوريا من الأنظمة الجيدة تربويًا وتقييميًا، مشيرًا إلى مزاياه للطلاب وأولياء الأمور.
أضاف شوقي -خلال تصريح متلفز- أن تقليل عدد المواد الدراسية وإتاحة تحسين الدرجات سيمكنان الطلاب من التعمق أكثر في علومهم ويقللون الضغط النفسي عنهم، مشيرًا إلى أن البرلمان سيناقش تفاصيل النظام لاحقًا لضمان الرضا الشعبي.