اتهم جون كيربي، منسق الاتصالات الاستراتيجية في البيت الأبيض، حركة «حماس» بتعطيل المفاوضات الرامية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن.
وأوضح كيربي خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض: «تحاول إدارة الرئيس بايدن بجد معرفة ما إذا كان يمكن الوصول إلى اتفاق، و(حماس) تمثل العقبة الرئيسية أمام ذلك حالياً».
كما أضاف كيربي: «لقد غيرت (حماس) بعض شروط صفقة التبادل، مما أصبح من الصعب علينا التوصل إلى اتفاق. رغم ذلك، لا زلنا نعتقد أن الأمر يستحق المحاولة حتى مع هذه التعديلات».
وعند سؤاله حول استعداد البيت الأبيض للضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتقليص إمدادات الأسلحة كما فعلت المملكة المتحدة، صرح كيربي: «لا أستطيع أن أقول إنه يوجد شيء لم نمارس فيه الضغط، أكثر من محاولة الحصول على هذه الصفقة»، وأشار إلى أن زيارة رئيس الوزراء البريطاني إلى البيت الأبيض، المقررة يوم الجمعة، ستتناول مجموعة من القضايا السياسية الخارجية، مؤكداً أن «وقف إمدادات الأسلحة البريطانية إلى إسرائيل هو شأن يخصهم».
كما أشار كيربي إلى توقف المحادثات حول وقف إطلاق النار، موضحاً أن اجتماع الرئيس بايدن مع مسؤولي مجلس الأمن القومي يأتي في سياق الإحاطة الدورية التي يتلقاها الرئيس.
فرص التوصل إلى اتفاق تتضاءل
تضاءلت فرص إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لتقديم مقترح جديد للتوصل إلى هدنة في غزة وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى «حماس»، حيث يظهر نوع من الجدل والانقسام بين مساعدي الرئيس. فهناك من يريد تقديم أفكار جديدة لكل من إسرائيل و«حماس»، بينما يعتقد آخرون أنه لا جدوى في ذلك في ظل مواقف الطرفين المتصلبة، مما أدى إلى تأجيل الإدارة تقديم مقترح جديد إلى أجل غير مسمى.
تعمل إدارة بايدن، التي يتبقى لها أربعة أشهر فقط في السلطة، بجد لتحقق نصراً سياسياً قبل مغادرتها للبيت الأبيض، من أجل دفع نائب الرئيس كامالا هاريس في حملتها الانتخابية ضد منافسها الجمهوري دونالد ترمب.
على مدى الشهرين الماضيين، أكدت الإدارة الأميركية قرب التوصل إلى اتفاق، مشيرةً إلى أن المفاوضين الأميركيين، بقيادة مدير الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز، تمكنوا من حل 90% من القضايا العالقة، ولم يتبق سوى 10% فقط. وأشار وزيرا الخارجية الأميركي ومدير الاستخبارات إلى تقديم اقتراح جديد ومحدث خلال الأيام القادمة، مع الترويج لفكرة مقترح «خذها أو اتركها»، على أنه سيكون فرصة أخيرة. لكن التطورات الأخيرة، مثل مقتل ستة رهائن على يد «حماس» ومن بينهم الأميركي هيرش جولبرغ، ومطالب نتنياهو بالحفاظ على السيطرة العسكرية الإسرائيلية على ممر فيلادلفيا، بالإضافة إلى الرفض المصري، أدت الى إحباط متزايد في البيت الأبيض.
العراقيل في تنفيذ الاتفاق
أوضح المسؤولون وجود عدد من العراقيل التي تعرقل الوصول إلى اتفاق، معظمها تتعلق بشروط لا يستطيع أي من الجانبين الموافقة عليها. وأشار مسؤول بالبيت الأبيض إلى أن الحزن والانزعاج خيم على المسؤولين بعد مقتل الستة رهائن، رغم استمرارهم في البحث عن فرص للتوصل إلى اتفاق، والاتصال بالوسطاء من مصر وقطر، ومراجعة المواقف من القضايا التي أوقفت المفاوضات.
مع تزايد الشكوك في إمكانية التوصل إلى اتفاق، هناك رغبة لدى الرئيس بايدن في استكمال الصفقة، بينما يعتقد مستشاروه أن تقديم أي مقترحات جديدة لن يكون مجدياً. وقد أقر وزير الخارجية الأميركي، انتوني بلينكن، أنه إذا لم يتوصل الجانبان إلى موافقة نهائية، فإن البنود التي تم التفاوض عليها مسبقاً قد تنهار في أي لحظة.
كما ألقت البيت الأبيض باللائمة على حركة «حماس» بسبب تقديمها لمطالب جديدة تشمل الإفراج عن عدد أكبر من السجناء الفلسطينيين، مما أدى إلى رفض الجانب الإسرائيلي لهذه المطالب. وطالبت إدارة بايدن الوسطاء من قطر ومصر بالضغط على «حماس» لتخفيف مطالبها، مشيرةً إلى قلقها من أن الزعيم الإخواني يحيى السنوار لا يرغب في التوصل إلى اتفاق، وأنها قد تجد صعوبة في التفاوض مع «حماس».
خيارات جديدة مطروحة
قال وليام بيرنز، مدير الاستخبارات الأميركية، في مؤتمر مع «فايننشال تايمز» في لندن، إن الأمر يعتمد على قرار السنوار ونتنياهو. حيث وضعت الوساطة خيارات إبداعية وبذلت جهوداً ولكن الأمر يتطلب إرادة سياسية. وأوضح بيرنز أن 90% من الاقتراحات قد تم الاتفاق عليها، لكن النسبة المتبقية ستبقى صعبة التنفيذ.
وأكد بيرنز أن التعرف على المخاطر المحدقة هو ما يدفعهم للمضي قدماً في التوصل إلى اتفاق، وأشار إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الأرواح المعرضة للخطر في غزة. حيث أبلغ المدير ونظيره البريطاني بأنه تم استغلال جميع القنوات لضبط النفس وتقليل التصعيد.
وقالت مصادر إن الرئيس بايدن لا يود أن يُنظر إليه على أنه يكافئ «حماس» بسبب تقديم تنازلات جديدة بعد قتل الرهائن ورفع المطالب.
رفض الصفقة الأحادية
وطالبت عائلات الرهائن الأميركيين الخمسة المتبقين لدى «حماس» الإدارة الأميركية بالتوصل إلى صفقة منفصلة، حيث قدم المسؤولون قائمة بخمس فلسطينيين محتجزين في سجون الولايات المتحدة للتبادل مع الرهائن. كما أجرت الإدارة الأميركية اتصالات مع المسؤولين القطريين لاستكشاف الفرص، لكن تلك المحاولات لم تُكلل بالنجاح.
أثيرت جدلات واسعة حول الصفقة المقترحة واحتمالات رفض «حماس» لها، مع المطالبة بشروط إضافية مثل إزالة الحركة عن قوائم الإرهاب. وقد روج لذلك معارضة كبيرة داخل الإدارة الأميركية، حيث أشار المسؤولون إلى أن إبرام صفقة أحادية مع «حماس» سيفتح مجالًا للجدل والانتقادات. كما أكد جيك سوليفان لعائلات الرهائن أن الإدارة تبحث جميع الخيارات، لكنها تفضل صفقة تشمل إسرائيل.
ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن بعض مستشاري بايدن يرون أن السبيل الوحيد للتوصل إلى اتفاق يكمن في ممارسة مزيد من الضغوط على نتنياهو، حيث أكد بايدن في أحد تعليقاته أن نتنياهو لا يبذل الجهد الكافي. ولكن تساءل مسؤولون آخرون إذا كانت تلك التعليقات ستغير من موقف نتنياهو، خصوصاً مع عدم رغبة بايدن في استخدام قوته لتقليل المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل.