وراء الخوارزمية والمحتوى.. لماذا أميركا تسعى لحظر تطبيق تيك توك؟

By العربية الآن



وراء الخوارزمية والمحتوى.. لماذا أميركا تسعى لحظر تطبيق تيك توك؟

في مقال رأي نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت على موقعها الإلكتروني
الشباب، خاصة من الجيل “زد”، يعتبر تيك توك منصته الأساسية لكل شيء الآن (رويترز)
يبدو أن الولايات المتحدة تُسعى لحظر تطبيق تيك توك بسبب مخاوف من بشأن خصوصية بيانات المستخدمين ومحتوى غير ملائم، هذه الخطوة جاءت بعد مشروع قانون جديد يهدف لمنع استخدام التطبيق داخل الولايات المتحدة إذا لم توافق الشركة المالكة على بيع حصتها لشركة أميركية خلال عام.

التطبيق للمراقبة.

وراء هذا الصدام تقنية تيك توك الأساسية، وهي الخوارزمية المتطورة التي يعتمد عليها التطبيق لتصفية المحتوى للمستعملين، وهي جزء أصلي في عمل التطبيق لدرجة أن الشركة الأم “بايت دانس” تعتبرها الأساس في هوية تطبيق مقاطع الفيديو القصيرة الشهير حاليًا.

تفضل الشركة الصينية إغلاق التطبيق في أميريكا بدل من تسويقه إذا نفدت كل خياراتها القانونية لمناهضة تلك التشريعات التي تهدف إلى حظر المنصة من متاجر التطبيقات في الوالايت المتحدة، وكما ذكرت وكالة رويترز حديثا، لأن الخوارزميات التي يعتمد عليها تيك توك في عمله تعتبر أساسية لعمليات “بايت دانس” الشاملة، مما يقلل من احتمالية بيع التطبيق بتلك الخوارزميات.

وفي عام 2020، أجرت الصين تغييرات على قوانينها الخاصة بالتصدير والتي تمنحها صلاحيات الموافقة على أي عملية نقل للخوارزميات وأكواد الشفرة للبرمجيات، مما يزيد من تعقيد أي محاولة لتسويق التطبيق لشركة أميريكية.

لكن، ما الاختلاف والعنصر المميز في خوارزمية تيك توك عن باقي الخوارزميات في تطبيقات الشركات الأخرى مثل إنستجرام أو يويتيوب؟ أم توجد أسباب أخرى وراء هذا الاهتمام الكبير بحظر التطبيق الصيني؟

%20 من الشباب، بين أعمار 18-24 سنة، يلجؤون إلى تيك توك مصدرا أساسيا لمعرفة الأخبار (رويترز)

ما وراء الخوارزمية؟

قبل ظهور تطبيق تيك توك، ظن الكثيرون أن التقنية التي تربط بين العلاقات الاجتماعية للمستعمل هي الوصفة السحرية لنجاح تطبيقات التواصل الاجتماعي، نظرًا للاتجاه الواسع الذي انتعش به تطبيقات شركة “ميتا-فيسبوك” و”إنستجرام”.

وما كشفه تطبيق تيك توك هو أن الخوارزمية التي تعتمد على فهم اهتمامات المستعمل قد تكون أقوى، فبدلاً من تصميم الخوارزمية بالاعتماد على “الرسم البياني الاجتماعي” مثل تطبيقات ميتا، أشار مسؤولو تيك توك إلى أن خوارزميتهم تعتمد على “مؤشرات الاهتمام” (interest signals).

وأكد بعض الأكاديميين والموظفين السابقين في الشركة أن ما ساهم في نجاح تطبيق تيك توك عالميًا لم يكن فقط خوارزمياتهم، بل كيفية تنسيق مقاطع الفيديو القصيرة، وفقًا لوكالة رويترز.

تقول كاتالينا غوانتا، الأستاذة المساعدة في جامعة أوتريخت، إنه بالرغم من امتلاك المنافسين لخوارزميات مشابهة قائمة على الاهتمامات، إلا أن تيك توك قادر على تعزيز فعالية خوارزميتهم عبر تنسيق مقاطع الفيديو القصيرة. وتذكر أن نظام تصفية المحتوى لديهم منتشر بكثرة، ولكن ما يميز تيك توك كتطبيق هو تصميمه ومضمون المحتوى نفسه.

يتيح تنسيق مقاطع الفيديو القصيرة لخوارزمية تيك توك القدرة على إضفاء المزيد من الديناميكية على التطبيق، بل ويمكنها حتى تتبع تغيرات تفضيلات المستعملين واهتماماتهم بمرور الوقت، حيث تستطيع الوصول إلى مستوى التفاصيل الدقيقة لما قد يعجب المستعمل خلال فترة زمنية محددة في أثناء اليوم.

بالإضافة إلى ذلك، تتيح تنسيقات مقاطع الفيديو القصيرة للتطبيق التعرف على تفضيلات المستعملين بمعدل أسرع بكثير، كما نوه جيسون فونغ، الرئيس السابق لقسم الألعاب في تيك توك، كما أشارت رويترز.

وأيضًا يعود تصميم التطبيق ليكون تطبيقًا مخصصًا للهواتف الذكية من البداية بتميزه على المنصات المنافسة التي اضطرت لتعديل واجهاتها من شاشات الكمبيوتر إلى شاشات الهواتف الذكية.

بالإضافة إلى أن دخول تيك توك المبكر إلى سوق مقاطع الفيديو القصيرة منح الشركة ميزة التحرك المبكر للغاية، إذ لم يطرح إنستجرام ميزة “ريلز” إلا في عام 2020، بينما أطلق يوتيوب ميزة “شورتس” في عام 2021، وكل منهما كان متأخرًا عن تيك توك في سنوات الخبرة في جمع البيانات وتطوير المنتجات.

نقطة تحول

من ضمن المخاوف التي تملأ نفوس الرموز الأميريكيين، إلى جانب المسؤولين في الاستخبارات الأميريكية، هي أن السلطات الصينية قدتضطر شركة “رقص البايت” إلى تقديم بيانات مستخدميها الأميركيين أو اتخاذ قرار بمنع أو دعم المحتوى الذي يخدم مصالحها.

لكن تنفي “تطبيق التيك توك” هذه الادعاءات، التي تشير إلى أنها قد تُستخدم كأداة للحكومة الصينية، وتقول إنها لم تقم بمشاركة بيانات مستخدميها الأميركيين مع السلطات الصينية. ومع ذلك، لم تقدم الحكومة الأميركية أي دليل علني يثبت أن تطبيق التيك توك شارك بيانات مستخدميه الأميركيين مع الحكومة الصينية أو أنها تلاعبت بخوارزمية المنصة، مما يؤثر على تجربة المستخدم الأميركي.

الحرب في غزة زادت من هذه المخاوف الأميركية بعد انتشار المحتوى المؤيد لفلسطين على تيك توك، لأن التطبيق حاز على ثقة المستخدم الأميركي، ومعظم مستخدميه من جيل الشباب، أو ما يُعرف بالجيل “زد” (Z).

على الرغم من تأكيد الشركة ذاتها أن خوارزمياتها لا تفضل المحتوى المؤيد لفلسطين على حساب إسرائيل، وأنها حذفت نحو أكثر من 925 ألف فيديو “يخالف سياسة المنصة” في نوفمبر الماضي، يظل القلق موجودًا بشأن محتوى داعم لفلسطين وغزة.

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال في مارس الماضي، يعود وجود ضرورة إقرار مشروع القانون ربما إلى مخاوف واشنطن من تفاعل مستخدمي التيك توك مع المحتوى المتعلق بالمجازر الإسرائيلية في غزة.

وفي حديثه لوول ستريت جورنال، أوضح جاكوب هيلبرغ، عضو في لجنة البحث والاستشارة في الكونغرس، أن الكونغرس الأميركي استعاد اهتمامه بإقرار هذا القانون مؤخرًا. وأشار إلى أن الحرب الإسرائيلية على غزة كانت مفتاحًا في هذا التحول السريع في موقف حكومة الولايات المتحدة.

وصرح هيلبرغ للصحيفة: “كان الأمر بطيئًا حتى 7 أكتوبر. ولكن الهجوم الذي شنته حماس في ذلك اليوم على إسرائيل، والحرب على غزة التي تلته، كانت تحولًا في الضغط على تطبيق التيك توك”.

وأوضح هيلبرغ أن “من لم يكون لديه تاريخ مع تيك توك بدأ يشعر بالقلق بسبب الصورة المنتشرة عن إسرائيل في مقاطع الفيديو، والمحتوى المعادي للسامية الذي انتشر على التطبيق”.

وراء المحتوى

القلق هذه المرة ليس مرتبطًا بالمحتوى الذي يُقدم، بل بطبيعة غالبية مستخدميه، الذين ينتمون في الغالب إلى الشباب الأميركي، الذين لم يعدوا يثقون بالوسائط التقليدية، التي يمكن التحكم بتوجهها ونشر المعلومات التي تريدها الحكومة، وحجب أي معلومات أخرى ترغب في منعها عن الجمهور.

في يونيو الماضي، أصدر معهد دراسات الصحافة “رويترز” تقريرًا يشير إلى انخفاض شديد في شعبية وسائل الإعلام التقليدية، وأن 20% من الشبان والشابات بين 18-24 عامًا يعتبرون تطبيق التيك توك مصدرًا رئيسيًا للأخبار، وهذه النسبة تزيد بحوالي 5% عن العام السابق 2022، مما يدل على زيادة استخدام هذا التطبيق بشكل مستمر.

التيك توك هو الشبكة الاجتماعية الأسرع نموًا في هذا السياق، والملاحظة الرئيسية هي أن العديد من المشاركين في الاستطلاع، الذي بلغ عددهم حوالي 94 ألف شخص، اختاروا تجاهل الأخبار تمامًا، وأن نحو ثلث المشاركين يزورون شبكات التواصل الاجتماعي قبل

تفقد الأخبار عبر مواقع الإخبارية عند البحث عن العناوين المهمة، واللافت هو أن الغالبية يثقون ويهتمون بالمشاهير والشخصيات البارزة والناس العاديين أكثر من اهتمامهم بتصريحات الصحفيين على منصات مثل تيك توك وإنستغرام وسناب شات.

يشير تقرير من معهد رويترز إلى أحد العوامل المؤثرة، التي تشجع على نمو وسائل التواصل الاجتماعي كمنصات للأخبار، وهي زيادة الاهتمام بالتقارير التي تحتوي على الوسائط المتعددة “ملتيميديا”، خصوصا بين شباب الجيل زد، حيث يميلون أقل إلى قراءة الأخبار بسبب تفضيلهم الاستماع أو مشاهدة الفيديوهات. تيك توك على وجه التحديد هو أداة فعالة لتلبية هذا الاتجاه، لأننا نعيش الآن في عصر تفتقر فيه استهلاكنا بشكل أساسي إلى المحتوى المرئي بأشكاله المختلفة، خصوصا مع انتشار الهواتف الذكية.

أما فيسبوك كمنصة اجتماعية رائدة من حيث عدد المستخدمين، فهي شركة أمريكية، ومارك زوكربيرغ ينتمي إلى الجهات المؤيدة لإسرائيل، وتثار اتهامات بتقييد محتوى داعم للحقيقة الفلسطينية.

على النقيض، يظهر منصة “إكس”، المعروفة سابقا باسم تويتر، برغم فسع الحرية التي تمتلكها المنصة لمستخدميها، والتي أدت لمحاولات عديدة لمعاقبتها بسبب تجاوز بعض مستخدميها، أنها تبقى كمنصة أخبارية في المقام الأول، وليست منصة للتواصل الاجتماعي أو الجانب الإنساني من الأمور بالمفهوم التقليدي، مما يُقيّد بشكل كبير قدرتها على التأثير في اتجاهات المستخدمين.

هذه هي الميزة البارزة التي يوفرها تيك توك، وهي القناعة الواضحة بتحقيق هذا التوجه بسهولة، علاوة على أنّ الشباب، خاصة من الجيل “زد”، ينظرون إلى تيك توك كمنصتهم الرئيسية لكل ما هو جديد الآن، لأنهم اعتادوا على هذا النوع من المحتوى عبر الفيديوهات القصيرة، وأصبحت المنصة مصدرا موثوقًا لمعلوماتهم بعيدًا عن تغريدات الصحفيين والمشاهير والسياسيين، كما يحدث على تويتر.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version