وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي تضغط على السلطات الثلاث في العراق

By العربية الآن


شهد العراق لأول مرة منذ عام 2003، والذي شهد تغييرات جذرية بواسطة التدخل الأمريكي، تحولاً ملحوظًا في كيفية تعامل وسائل الإعلام العادية ووسائل التواصل الاجتماعي مع السلطات الثلاث في البلاد: التنفيذية، والتشريعية، والقضائية.

تتولى وسائل الإعلام يومياً تناول قضايا هذه السلطات بشكل متكرر، لدرجة دفعت نوري المالكي، ثالث رئيس وزراء عراقي بعد التغيير، إلى التحذير من تناقل ما يحدث داخل أروقة هذه السلطات إلى وسائل الإعلام في كلمة متلفزة.

أطلق المالكي تحذيراته وسط تصاعد الحديث عن تضارب المصالح والفساد، والذي وصفته وسائل الإعلام بأنه “سرقة القرن”. سعى المالكي، في كلمته، إلى جذب انتباه الجمهور، خصوصاً جماهير الأحزاب السياسية ذاتها. وبينما أكد أنه لا توجد أخطار أكبر على الدولة من “اضطراب العلاقة بين السلطات الثلاث”، إلا أنه حذر من سوء الفهم، داعياً إلى ضرورة التعامل مع هذه الأمور بـ”الاتصالات والتفاهمات المناسبة” لضمان استقرار العملية السياسية.

تخمة إعلامية

يمتاز العراق اليوم بوجود العديد من وسائل الإعلام، إذ تمتلك غالبية الأحزاب السياسية قنوات إعلامية خاصة بها، مما يحول المنافسات الداخلية إلى “حرب” تمرّ أحيانًا عبر الابتزاز أو التهديد بكشف ملفات حساسة. ومع ذلك، قد تؤدي هذه الحرب إلى أزمات تهدد النظام السياسي.

يعتبر العراقيون أن الديمقراطية هي المكسب الوحيد الذي حصلوا عليه منذ عام 2003، رغم عدم وجود قانون ينظم حرية التعبير المنصوص عليها في الدستور. ومن جهة أخرى، تلعب وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي دوراً أساسياً في الكشف عن الفساد، مما يحول العديد من القضايا إلى مواضيع رأي عام.

ومع أن القوى السياسية تمتلك وسائل الإعلام الخاصة بها، فإن صراعاتها حول الملفات المطروحة تضطرب وتنقسم سريعًا، مما يؤدي إلى تفاعل الجمهور بشكل متباين يتراوح بين السخرية أو الاستياء. وقد بدأت الأحزاب، بالفعل، “العب على وتر” شعبية الجمهور من أجل استمالته قبل الانتخابات المبكرة.

نفوذ الذكاء الاصطناعي

تظهر وسائل الإعلام، بما في ذلك “الجيوش الإلكترونية”، نشاطا ملحوظا في متابعة الأحداث والحديث عن قضايا الفساد. ولكن الأخطر هو استخدام الذكاء الاصطناعي في هذا المجال، حيث تم تداول تسريبات صوتية تتناول رئيس “هيئة النزاهة” حيدر حنون، متهمة إياه بتلقي رشى مقابل تسهيلات معينة.

تحاول وسائل الإعلام التأكيد على أن هذه التسريبات قد تكون مفبركة باستخدام الذكاء الاصطناعي. وبغض النظر عن صحة هذه التسريبات، أثارت القضية جدلاً واسعًا وأثرت بصورة كبيرة على آراء الجمهور، مما أدى إلى مزيد من الارتباك والغموض بشأن الحقائق.

لا تعني الآراء المتضاربة أن مثل هذه التسريبات هي الأولى، لكن تردد الناس بشأن توقيتها وأسبابها يثير قلقًا بشأن عواقب مثل هذه الحوادث على استقرار النظام. ورغم أن مثل هذه الأزمات قد تكون مدوية، فإنها ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، حيث شهد العراق تسريبات سابقة لنوري المالكي، ولكن الأزمة حينها انتهت دون آثار سياسية بالغة.

أزمات الإعلام والنظام السياسي

يشير مراقبون إلى أن طبيعة النظام السياسي العراقي باتت جزءًا من “صناعة الأزمة الإعلامية” سواء عبر المنافسة بين القوى أو من خلال الابتزاز. وقد أصبح المواطن العراقي أكثر وعيًا بأساليب التلاعب على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يجعل الأزمات تستمر لفترة قصيرة كالخبر الذي لا يتجاوز صدى ثلاثة أيام.

تساهم وسائل “السوشيال ميديا” أيضًا في تسطيح الأزمات السياسية من خلال تحويلها إلى مواضيع سخرية أو تذمر، وهو ما قد يؤدي إلى رفض كامل للواقع السياسي. هذه الديناميكية تدفع بالمواطنين إلى مزيد من التشوش حول القضايا الهامة وطرق تمسّهم مباشرة.

" />


رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version