5 أسئلة حول إعلان أنقرة لإنهاء التوتر بين الصومال وإثيوبيا

By العربية الآن

“إعلان أنقرة” لإنهاء التوتر بين الصومال وإثيوبيا في 5 أسئلة

5 أسئلة حول إعلان أنقرة لإنهاء التوتر بين الصومال وإثيوبيا إعلان أنقرة لإنهاء التوتر بين الصومال وإثيوبيا إعلان أنقرة لإنهاء التوتر بين الصومال وإثيوبيا
أردوغان يتوسط آبي أحمد (يسار) وشيخ محمود عقب توقيع الاتفاق (رويترز)

في 11 ديسمبر/كانون الأول، تم في أنقرة برعاية الرئيس رجب طيب أردوغان، توقيع “إعلان أنقرة” بين الصومال وإثيوبيا. يُعتبر هذا الإعلان نتيجة جهود الوساطة التركية المكثفة، وهو يمثل الأمل في حل أحد النزاعات المستعصية في القرن الأفريقي.

تتطلب التطورات الإقليمية إثر هذه الأزمة تساؤلات حول الفائزين والخاسرين في هذا الاتفاق، وما إذا كان يمثل نهاية للأزمة أم أن الواقع أكثر تعقيدًا.

عوامل خارجية وداخلية تلعب دورًا هامًا في مساعي تحقيق السلام، إذ اتهمت وزارة الخارجية الصومالية قوات إثيوبية بمهاجمة قواعد عسكرية في ولاية جوبالاند، وهو ما نفته أديس أبابا، متهمة “أطرافاً ثالثة” بعرقلة جهود السلام.

لكن خلال اجتماع بين وزيري الشؤون الخارجية للدولتين يوم 24 ديسمبر/كانون الأول في أديس أبابا، تم التأكيد على التزام الطرفين بتعزيز الحوار وتطوير العلاقات وفقًا لبنود إعلان أنقرة.

على ماذا ينص الإعلان؟

وصف أردوغان الإعلان بأنه “اتفاق تاريخي” يهدف إلى تأسيس علاقات قائمة على السلام بين الصومال وإثيوبيا، مؤكدًا على أهميته في فتح صفحة جديدة من التعاون.

خطت هذه الخطوة الهامة بعد تعثر المفاوضات غير المباشرة السابقة في أغسطس/آب، وكان يتعين تأجيل الجولة الثالثة المخطط لها في سبتمبر/أيلول.

تضمن نص الاتفاق، الذي نشرته وزارة الخارجية التركية، تعهد الطرفين باحترام سيادة ووحدة أراضي الآخر، والابتعاد عن الخلافات وتحقيق المصالح المشتركة.

كما تم الاتفاق على العمل نحو إبرام اتفاقات تجارية تحقق لإثيوبيا وصولاً موثوقاً وآمناً إلى البحر تحت سلطة الصومال، مع بدء مفاوضات فنية لتحقيق ذلك قبل نهاية فبراير/شباط.

لاقى الاتفاق ترحيبًا دوليًا واسعًا من الأمم المتحدة ومؤسسات مثل الاتحاد الأفريقي والإيغاد.

أردوغان أعلن أن كلا من الصومال وإثيوبيا وقعا يوم 11 ديسمبر/كانون الأول الجاري على “إعلان أنقرة” (رويترز)

لماذا وقعت إثيوبيا على الاتفاق؟

هناك عدة أسباب دفعت إثيوبيا لتوقيع هذا الاتفاق، أهمها تحسين العلاقات مع الصومال وفتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي والتجاري.

تسعى إثيوبيا أيضًا لضمان منفذ آمن ومستدام إلى البحر، مما يعزز من مكانتها الاقتصادية ويحقق مصالحها الإستراتيجية.

الموافقة الإثيوبية على الاتفاق

تستند موافقة إثيوبيا على توقيع الاتفاق إلى مجموعة من الدوافع الإستراتيجية، التي تهدف إلى تأمين “وصول آمن ومستدام إلى البحر ومنه”، وهو هدف حيوي أكده رئيس الوزراء آبي أحمد باعتباره “مسألة وجودية” لبلاده.

اقتصاديًا، سيساعد نجاح هذا الاتفاق إثيوبيا في تقليل اعتمادها على ميناء جيبوتي، الذي يمثل المنفذ لنحو 90% من صادراتها ووارداتها. هذا من شأنه أن يسهم في تقليل تكاليف النقل المرتفعة التي تكبدتها إثيوبيا في بعض الأعوام، والتي قاربت مليوني دولار يوميا، مما يعادل 16% من قيمة تجارتها الخارجية. علاوة على ذلك، سيساهم الاتفاق في معالجة الشكاوى المتعلقة بالرسوم المرتفعة المفروضة، التي تعادل نحو ملياري دولار سنويًا.

خفض التوتر الإقليمي

يسهم الاتفاق أيضًا في خفض التوتر الإقليمي، مما يسمح لأديس أبابا بالتركيز على معالجة التحديات الداخلية المتعددة، حيث تواجه البلاد آثارًا اقتصادية خطيرة نتيجة حرب تيغراي، بالإضافة إلى صعوبات أمنية في عدة أقاليم بسبب زيادة نشاط الجماعات المسلحة، مثل فانو في إقليم أمهرة.

الأبعاد الجيوسياسية

على الصعيد الجيوسياسي، يعكس التفاهم مع الصومال رغبة أديس أبابا في إضعاف تحالف مقديشو مع القاهرة وأسمرا، والذي شكل تحديًا كبيرًا لسياساتها الإقليمية. كما أن هذا الاتفاق قد يفتح المجال لتلافي تداعيات الأزمة الحالية على مستوى التعاون الأمني مع الصومال، والذي تضرر بشدة من تدخل مقديشو في قرار إخراج القوات الإثيوبية من البلاد.

تحسين الصورة الدولية

دوليًا، يسهم الاتفاق في تحسين صورة إثيوبيا على الساحة العالمية، إذ يجدي نجاح “عملية أنقرة” في تقليل الانتقادات الموجهة لأديس أبابا إثر توقيع مذكرة تفاهم مع إقليم أرض الصومال الانفصالي، مما يساعد في إبرازها كطرف راغب في الحلول الدبلوماسية.

لماذا وافق الصومال على توقيع الاتفاق؟

تحفيزات الصومال للموافقة على إعلان أنقرة تستند إلى اعتبارات إستراتيجية وسياسية. يأتي في المقدمة سعي مقديشو لاستباق أي تداعيات محتملة لتغير السياسة الأميركية تجاه ملف أرض الصومال، لا سيما في ظل الدعم العلني لبعض المسؤولين في إدارة ترامب.

على المستوى الداخلي، يواجه الرئيس الصومالي تحديات سياسية وأمنية عديدة، بما في ذلك الاشتباكات المسلحة مع قوات ولاية جوبالاند. هذه التفاهمات تمنح مقديشو الفرصة للاستفادة من نفوذ إثيوبيا ولتركيز الجهود على التصدي للمشكلات الداخلية.

يهدف الاتفاق إلى منع إثيوبيا من الدخول في اتفاقيات خاصة مع أرض الصومال عبر تأمين وصول بحري مستدام لها. كما تشدد نصوص الإعلان على اعتراف إثيوبيا بوحدة وسلامة سيادة الأراضي الصومالية، مما يعكس دعم الحكومة الصومالية ضد أي تحركات انفصالية.

على الصعيد العسكري، تمكن الجمود في الوساطات السابقة من زيادة خطر الصدام المباشر، وهو ما تسعى مقديشو لتجنبه، حيث لا تملك القوات المسلحة الصومالية الإمكانيات لخوض حرب مع إثيوبيا.

من الرابحون والخاسرون من هذا الاتفاق؟

حقق الإعلان مكاسب لكل من مقديشو وأديس أبابا، إذ حصلت الأولى على اعتراف إثيوبي بسيادة ووحدة الأراضي الصومالية، بينما نالت الثانية اتفاقًا على ممر بحري آمن لتجارتها عبر الصومال.

تركيا تعد من كبار الرابحين من هذا المسار الدبلوماسي، حيث يعكس الاتفاق النفوذ المتزايد لأنقرة في القرن الأفريقي، مما يقوي سمعتها كشريك موثوق في تقديم الوساطات في الأزمات الجيوسياسية في العالم.

اقتصاديًا، يتيح الاتفاق لتركيا الاستفادة من مشاريع البنية التحتية الكبرى المرتبطة بالاتفاق، بما في ذلك تطوير الموانئ وبناء شبكات النقل.

على الجانب الآخر، تبدو جيبوتي من بين الخاسرين، إذ يمكن أن تمنحها هذه التغيرات التوجه نحو استخدام الموانئ الصومالية في تجارتها الخارجية، مما يؤثر سلبًا على خزينة جيبوتي التي تعتمد على الإيرادات من التجارة الإثيوبية.

كذلك، يعتبر هذا التطور “خسارة إستراتيجية لمصر”، التي تأمل في تعزيز موقفها الإقليمي من خلال التحالف مع الصومال، بينما يعزز النجاح التركي من موقف إثيوبيا في المنطقة.

رابط المصدر

إعلان

أرض الصومال: تراجع فرص الاعتراف المستقل

يواجه إقليم أرض الصومال تراجعًا في احتمالات توصله إلى اتفاق مع إثيوبيا، والذي يمكن أن يؤدي إلى الاعتراف الدولي كدولة مستقلة، خاصًة مقابل الحصول على ميناء وقاعدة عسكرية على سواحله.

حركة الشباب: استغلال الفرص

تظهر بعض التحليلات أن حركة الشباب المجاهدين قد تستفيد من الغموض الذي يلف الاتفاق، حيث لم يتضمن أي نص صريح حول انسحاب إثيوبيا من مذكرة التفاهم مع أرض الصومال، وهو ما عرضه مسؤولون حكوميون كشرط لتصالح محتمل مع إثيوبيا. هذا الوضع قد يؤثر سلبًا على شرعية الحكومة الفيدرالية في مقديشو، مما يتيح للحركة ترويج روايتها وزيادة جهود التجنيد، مستغلة الموقف الشعبي المتزايد من إثيوبيا.

أكدت الحركة في بيان لها أنها ترفض الاتفاق، مشيرة إلى أن إثيوبيا تسعى للهيمنة على الصومال.

تقديرات حول الوضع العسكري والإستراتيجي

بالمقابل، أشار تقرير نُشر على مركز مقديشو للبحوث والدراسات إلى أن الاتفاق قد يفتح المجال أمام تغيير في موقف الصومال من الوجود العسكري الإثيوبي، مما قد يزيد الضغوط على حركة الشباب مع تصاعد التنسيق الأمني بين مقديشو وأديس أبابا.

الغموض في تفاصيل الاتفاق

بالرغم من أن الاتفاق قد يساهم في تقليل التوتر في المنطقة، فإنه يترك العديد من الأسئلة دون إجابة، خاصة المتعلقة بمصير مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال. عدم وجود نص واضح حول انسحاب إثيوبيا يوفر لها مجالًا للمناورة والضغط في حال عدم الوصول إلى اتفاق نهائي مع مقديشو.

أشار معهد دراسات الحرب إلى صعوبات تواجه إثيوبيا في الوصول الآمن إلى البحر الأحمر عبر الصومال، حيث أن الموانئ المحتملة للتعامل قد تتعرض لتهديدات من حركة الشباب التي تتحكم في بعض هذه المناطق.

علاوة على ذلك، فإن ما تضمنه الإعلان يمثل خطوطًا عريضة بصياغة فضفاضة، مما يعكس عدم وضوح في الشروط الخاصة بوصول إثيوبيا إلى الموانئ الصومالية، وهو ما قد يؤدي إلى بروز نقاط اشتعال جديدة عند اختلاف التوقعات خلال المفاوضات.

التحديات المستقبلية

تجاوز هذه التعقيدات يتطلب بناء ثقة وتعاون مستدام بين الطرفين، وهو أمر قد يواجه صعوبات بسبب الضغوط الداخلية والتدخلات الخارجية. في ظل منطقة تتغير فيها التحالفات بسرعة، يظهر أن هذا الاتفاق يمثل خطوة نحو دبلوماسية السلام، لكن الغموض والمتطلبات غير المحلولة تؤكد أيضًا هشاشة هذا السلام.

المصدر: الجزيرة

رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version