ترامب أم هاريس؟ الصين تبحث عن “الأقل سوءًا”
في تقرير نشرته صحيفة لوموند يوم الأحد، تم تسليط الضوء على مخاوف القادة الصينيين من أن عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى الحكم قد تؤدي إلى تصعيد الحرب التجارية مع الولايات المتحدة. كما يخشى القادة أن تستمر كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية، في نهج بايدن العدائي تجاه بكين فيما يتعلق بتايوان.
وبحسب مراسل الصحيفة في بكين، هارولد ثيبولت، فإن الصين تتابع الحملة الانتخابية الأميركية باهتمام كبير، لكنها لا تبحث عن المرشح الأفضل لمصالحها، بل تسعى إلى تحديد “الأقل سوءًا” بين ترامب وهاريس.
انتظار في بكين
في دولة لا تجري فيها انتخابات، ينتظر الشعب الصيني بفارغ الصبر نتائج الاقتراع من الجانب الآخر من المحيط، حيث يعتبرونها مفصلية لطموحاتهم، إذ تزايدت حدة المنافسة مع الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة. ومن اللافت أن التوجهات المناهضة للصين تظل من القضايا النادرة التي يمكن أن تثير نوعًا من الإجماع في واشنطن.
وفي هذا السياق، يقول وانغ دونغ، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بكين، إن الجمهوريين والديمقراطيين يتنافسون حول كل شيء تقريبًا، except concerning China, which remains the sole consensus issue in Capitol Hill.
وجهات نظر متباينة حول ترامب وهاريس
يعتقد الكثيرون بوجود مدرستين فكريتين في الصين تحددان كيف يُنظر إلى ترامب وهاريس:
- المدرسة الأولى: ترى أن ترامب سيكون التحدي الأكبر، حيث يعاني الاقتصاد الصيني بالفعل، وتهديدات الرئيس السابق بفرض رسوم جديدة قد تؤدي إلى تصعيد الحرب التجارية.
ورغم فرض إدارة بايدن رسوماً بنسبة 100% على السيارات الكهربائية الصينية، سعت الى إعادة بناء العلاقات مع بكين وتجنب تطور الأزمة، وهو ما ظهر من خلال زيارات متعددة بين وزير الخارجية الصيني ومنسق الأمن القومي الأميركي.
- المدرسة الثانية: تعتقد أن هاريس قد تستمر في النهج الدبلوماسي لبايدن، الذي شجع حلفاء واشنطن على التوحد ضد الصين. مثالاً على ذلك، وافقت مانيلا في 2023 على السماح للقوات الأميركية بالوصول إلى المزيد من القواعد مقابل خطر الصراع في بحر جنوب الصين.
وفي هذا الصدد، اتخذ ترامب موقفًا مفاجئًا، حيث اتهم -في مقابلة مع مجلة “بلومبيرغ بيزنس ويك” أثارت ضجة في تايبيه- التايوانيين بأنهم مستفيدون من صناعة الرقائق الأميركية ودعاهم للمساهمة في تكاليف الدفاع. تصريحات لم تمر مرور الكرام بالنسبة للصين.
يقول وانغ هوي ياو، مؤسس مركز الصين والعولمة، إن تصريحات ترامب بشأن تايوان قد تساهم في خفض مستوى الاحتكاك، مما يعني أن بكين تتابع عن كثب تطورات الحملة الانتخابية الأميركية.
تصريحات المرشح الجمهوري وتحفظات بكين
تشير تصريحات المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، إلى أنها تثير العديد من علامات الاستفهام. ففي حال تم انتخابه، يرى هوي ياو أن قرارات ترامب ستبقى غير قابلة للتنبؤ. ويعتقد أنه قد تسعى بكين إلى إحياء “صانع الصفقات” في ترامب من خلال الحوافز المتعلقة بخلق فرص العمل، مثلما يقوم منتجو البطاريات والسيارات الكهربائية الصينيون بالإعلان عن تأسيس مصانع في دول أوروبية، خاصةً في المجر.
قطع الأمل في تحسين العلاقات
يعتبر إيلون ماسك، الذي يدعم ترامب، من الشخصيات البارزة في هذا السياق، حيث يعتمد بشكل كبير على السوق الصينية للسيارات. يقوم مصنع تسلا الضخم في جنوب شنغهاي بإنتاج أكثر من نصف سيارات العلامة التجارية، وهو ما يؤمل أن تستخدمه بكين كوسيلة ضغط.
إلا أن هوي ياو يؤكد أن الصين ليست في حالة من الأوهام. إذ يشير إلى أنه يوجد توافق بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، حيث تعززت العلاقات مع الصين في ظل إدارتين متنافستين، ترامب وبايدن، فقط من منظور التنافس الشديد.
بحث بكين عن نقاط وصل
تراهن بكين في هذه المرحلة على الشخصيات التي يمكن أن تعمل كحلقة وصل. وفي الوقت الذي يعتبر فيه إيلون ماسك أحد الأسماء المهمة في معسكر ترامب، يبرز أيضًا اسم تيم فالز، المرشح لمنصب نائب الرئيس الديمقراطي، الذي يحتل حيزًا من الاهتمام في معسكر كامالا هاريس.
تجدر الإشارة إلى أن فالز كان يبلغ من العمر 25 عامًا عندما ذهب في عام 1989 إلى مدينة فوشان بجنوب شرق الصين، للعمل كمدرس للغة الإنجليزية والتاريخ الأمريكي في مدرسة ثانوية. ويتذكر كيف استقبلته الصين بكرم ويقول “طالما حييت، لن أُعامَل أبدًا بمثل هذا الكرم”.