مستقبل السياسة الخارجية الأمريكية في ظل ترشيحات ترامب
تدور النقاشات في الفترة الحالية حول التوجهات السياسية والترشيحات التي يقدمها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، خصوصًا فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والدفاع والأمن القومي.
يرجع سبب هذا الحوار إلى محاولة تقييم تأثير هذه الترشيحات، حال اعتمادها من قبل الكونغرس، على دور الولايات المتحدة في إعادة تشكيل السياسة الدولية، لا سيما في المناطق المشتعلة كالصراع بين روسيا وأوكرانيا في شرق أوروبا، والأوضاع المتوترة في الشرق الأوسط، لا سيما العدوان على غزة ولبنان، والصراع المستمر بين الكيان الصهيوني وإيران. كما يشمل ذلك إعادة توجيه أولويات السياسة الخارجية الأمريكية تجاه احتواء النفوذ المتزايد للصين.
العديد من الأشخاص الذين اختارهم ترامب لشغل تلك المناصب هم موالون له، ويرتبطون بشكل وثيق بأجندته التي تتركز على دعم سياسات الكيان الصهيوني.
يتضح أن أكثر ما يميز الأسماء التي اختارها ترامب، سواء لمنصب وزير الخارجية أو وزير الدفاع أو مستشار الأمن القومي أو مديرة المخابرات، هو ولاؤهم المطلق له، والذي تجلى في دعمهم له خلال التحديات الصعبة، مثل أحداث اقتحام الكونغرس في السادس من يناير 2021، حيث عارضوا تسليم السلطة للرئيس بايدن، مؤكدين على مزاعم ترامب بشأن تزوير الانتخابات.
ويجدر بالذكر أن العديد من الشخصيات المؤهلة في الحزب الجمهوري قد تم استبعادها من الترشيحات، حتى لو كان لديهم انحياز سابق لترامب، وذلك بسبب عدم دعمهم الكافي له في نظره، حيث اعتبر أنهم خانوه.
من جهة أخرى، يُظهر ترامب اهتمامًا بتطبيق أفكاره من خلال برنامجه الانتخابي “جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى”، ويرغب في تحويل هذه الأفكار إلى واقع من خلال هذه الترشيحات.
يجمع أيضًا بين خلفيات بعض الشخصيات التي اختارها ترامب أنها ليست من داخل النظام البيروقراطي المعتاد، بل العديد منهم من مقدمي برامج حوارية في وسائل الإعلام، مثل قناة “فوكس نيوز”، ويتبنون خطابًا يمينيًا يتماشى مع قناعات ترامب.
كذلك، يمكن أن يُنظر إلى العديد من الترشيحات على أنها تمثل أجندة داعمي وممولين حملة ترامب الانتخابية، حيث يتركز دعمهم على خطط حكومة الكيان اليمينية التي تهدف إلى السيطرة على منطقة الشرق الأوسط.
انتقد هاكبي في 2005 انسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، ويؤيد علنًا ضم أجزاء من الضفة الغربية لإسرائيل.
الترشيحات المتعلقة بالشرق الأوسط
- ترشيح مايك هاكبي سفيرًا للولايات المتحدة في إسرائيل
أعلن الرئيس ترامب عن تعيين مايك هاكبي سفيرًا للولايات المتحدة في إسرائيل، موضحًا أنه “يسرني أن أعلن أن حاكم أركنساس السابق مايك هاكبي قد تم ترشيحه لهذا المنصب”. واصفًا إياه بأنه “موظف حكومي عظيم وزعيم روحاني لعدة سنوات”. وأكد ترامب أن هاكبي “يحب إسرائيل وشعبها، سيساعد بلا كلل في تحقيق السلام بالشرق الأوسط”.
يعتبر هاكبي من أبرز الداعمين لإسرائيل على أسس دينية وعقائدية، وهو مؤيد قوي لسياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
# عدم إيمان هاكبي بحل الدولتين
يرفض هاكبي إمكانية إيجاد حل الدولتين ويرى أنه لا مكان لإقامة دولة فلسطينية على أي مناطق تم اغتصابها من قبل الكيان الإسرائيلي. وفي عام 2005، انتقد عملية انسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، كما يُظهر دعمه العلني لضم الضفة الغربية أو أجزاء منها إلى إسرائيل، حيث يفضل عدم استخدام مصطلح “المستوطنات” في وصفها، ويطلق عليها أسماء مثل “مدن ومجتمعات”. بالإضافة إلى ذلك، يُفضِّل الإشارة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة بالأسماء الإسرائيلية “يهودا والسامرة”.
## توافق رؤية هاكبي مع حكومة نتنياهو
تتضح من تصريحاته ومواقفه أن رؤية هاكبي من أجل السلام في الشرق الأوسط تتماشى تمامًا مع الخطط والسياسات التي تسعى إليها الحكومة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو. هذه الرؤية تنطوي على تصفية القضية الفلسطينية، وإنهاء أوسلو، وتكريس الاحتلال الإسرائيلي للأراضي، والسماح بالتوسع في ضم أراض جديدة، مما يرسخ الأمر الواقع.
# اختيار ستيف ويكوف كمبعوث خاص
حدد الرئيس ترامب ستيف ويكوف ليكون مبعوثًا خاصًا للشرق الأوسط، حيث وصفه بأنه سيعمل بلا هوادة من أجل تحقيق السلام، مضيفًا أن وجوده سيكون مصدر فخر للأمة. وقد أثنى ويكوف سابقًا على تعاملات ترامب مع إسرائيل، مؤكدًا أن قيادته جلبت مستويات تاريخية من السلام والاستقرار للمنطقة.
ويعتبر ويكوف رجل أعمال يتخصص في مجال التطوير العقاري، مما يعكس طبيعة الأجندة الاقتصادية التي يعتزم ترامب طرحها لتسوية الصراع في الشرق الأوسط. تجدر الإشارة إلى أن خلفية ويكوف مشابهة لنظيره جاريد كوشنر، الذي شغل منصبًا مشابهًا خلال إدارة ترامب السابقة، ما يعكس استمرارية النهج.
## ترشيح ستيفانيك كسفيرة في الأمم المتحدة
أعلن ترامب ترشيح إليسي ستيفانيك سفيرة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، معبرًا عن فخره باختيارها. تعد ستيفانيك من أبرز حلفاء ترامب ودافعت عن سياسته خلال أزماته مع الكونغرس. وعلى الرغم من أنها تفتقر إلى الخبرة الدبلوماسية، إلا أنها معروفة بمهاجمتها للمؤسسات الأكاديمية بسبب مزاعمها حول تصاعد مشاعر معاداة السامية.
تُعتبر ستيفانيك من المدافعين الأقوياء عن إسرائيل، وقد اتهمت الأمم المتحدة مرارًا بمعاداة السامية، مسببة بذلك توترًا شديدًا بين الحكومة الأميركية والمنظمة الدولية.
# تولسي جابارد ودورها في إدارة المخابرات الوطنية
تعتبر تولسي جابارد أول نائب هندية الأصل تدخل الكونغرس الأميركي، ولقد خدمت في الحرس الوطني وشارك في الحروب في العراق والكويت. كانت عضوًا بارزًا في الحزب الديمقراطي قبل أن تستقيل وتنضم إلى الحزب الجمهوري.
ربما تلعب جابارد دورًا محوريًا في إدارة ترامب لتحقيق اختراق في الصراع بين روسيا وأوكرانيا، مع إمكانية وجود تحركات للنظر في ربط تسوية هذه الحرب بملف العلاقة بين سوريا والكيان الصهيوني.
## ماركو روبيو كوزير للخارجية
يمثل ماركو روبيو، الذي عمل نائبًا لرئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، مواقف صارمة تجاه التهديدات الخارجية، بما في ذلك الصين وإيران وكوريا الشمالية. يتبنى روبيو نهجًا حذِرًا تجاه تلك الدول، محذرًا من إمكانية تآمرها ضد المصالح الأميركية.### التحديات الجديدة التي يواجهها العالم العربي
صرح السناتور ماركو روبيو بأنه يتعين على أوكرانيا إجراء مفاوضات لتحقيق حل سلمي مع روسيا. حيث رفض روبيو، في أبريل/نيسان الماضي، التصويت على قرار الكونغرس الذي كان يدعم تمويل صفقات سلاح لكل من إسرائيل وأوكرانيا بقيمة تقريبية تبلغ 95 مليار دولار أمريكي. وعلى الرغم من ذلك، لا يزال روبيو يمثل أحد أبرز المدافعين عن الكيان الصهيوني ويؤمن برؤية الرئيس السابق ترامب التي تؤكد أن “القوة هي التي تصنع السلام”.
### ميل نحو الأيديولوجية الصهيونية
تشير التطورات الأخيرة إلى أن العالم العربي يواجه تحديًا كبيرًا عقب إعلان الرئيس المنتخب ترامب عن تشكيل فريقه الجديد، والذي يظهر بشكل جلي دعمه الشديد للأيديولوجية الصهيونية. تأتي هذه الأسماء المدعومة من ترامب لتمثيل رؤية الأصولية التي يؤمن بها جزء كبير من النخبة الأميركية، والتي تشمل الدعم غير المشروط لمخططات الكيان الإسرائيلي اليمينية.
### استراتيجيات القوة العسكرية
تظهر أيضًا هذه النخبة إيمانها بأهمية القوة العسكرية، حيث ترى ضرورة استخدامها أو الإيحاء بها دائمًا، جنبًا إلى جنب مع التهديد بفرض عقوبات اقتصادية على الدول والكيانات التي تعارضها. الهدف هو فرض “السلام” وفقًا لمفهومهم، مما يتيح لإسرائيل الاستمرار في تنفيذ أهدافها دون وجود أي تحديات.
### الحاجة لمواجهة القوى الصاعدة
يتماشى هذا الاتجاه مع الحاجة إلى التصدي للقوى الدولية والإقليمية الصاعدة، بالإضافة إلى إحباط أي محاولات لإعادة تشكيل النظام الدولي ليصبح متعدد الأقطاب، بدلاً من النظام أحادي القطب الذي يعزز الهيمنة الأميركية. كما يتضمن ذلك تسريع الخطط لاحتواء الصين ومحاولة الضغط على حلفائها، وخاصة إيران.
### دور الفريق الجديد في السياسة الأميركية
الفريق الذي شكلّه ترامب يتشارك معه رؤيته وأيديولوجيته، وسيعمل على تحقيق أهدافه بحرية أكبر، بعيدًا عن الضغوط والتقاليد المفروضة من الدولة العميقة.
### الوعي بالتحديات القائمة
لا شك أن العالم العربي يواجه تحولات كبيرة بعد تشكيل الفريق الجديد للرئيس ترامب، المعتمد بشكل كبير على الأيديولوجية الصهيونية. لكن هذا لا يعني بالضرورة أن الأجندة الصهيونية ستكون هي المسيطرة. بل إن شعوب المنطقة تمتلك القدرة على الاستعداد وفهم حجم التحديات، كما أنها مدركة للمخاطر الوجودية، مما يمكنها من الصمود والنضال ضد هذه الأيديولوجية الإقصائية.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.