أزمة جديدة بين الجزائر وفرنسا بسبب داود وصنصال
الجزائر- تفجرت أزمة دبلوماسية جديدة بين الجزائر وفرنسا إثر تطورات قضية الكاتبين كمال داود وبوعلام صنصال، حيث انتقلت القضية من مجرد إجراءات قانونية إلى جدل سياسي يدور في الأوساط العامة. تأتي هذه الأزمة بعد رفع دعوى قضائية ضد كمال داود وزوجته من قبل المحكمة في وهران، واعتقال بوعلام صنصال.
إجراءات قانونية واتهامات خطيرة
يتعرض كمال داود، الحائز على جائزة “غونكور”، للمحاكمة بتهمة استغلال قصة سعادة عربان، وهي ضحية للإرهاب، حيث ادعت زوجته الطبيبة النفسية، التي عالجت عربان، أنها لم توافق على استخدام قصتها. ويواجه داود اتهامات بخرق قانون السلم والمصالحة الوطنية، الذي يمنع استخدام جراح المأساة الوطنية في الكتابات العامة، وقد تصل عقوبته إلى السجن لمدة 5 سنوات.
وأكدت محاميته فاطمة الزهراء بن براهم أن ضغوطات من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كانت مؤثرة في إصدار الكتاب، حسب تصريح صديقة مقربة من داود.
القلق الفرنسي وتداعيات القضية
كالعادة، أثار صنصال جدلاً بسبب تصريحاته المشككة في استقلال الجزائر وتاريخها، مما جعله محل انتقاد واسع من قبل الكتاب والمثقفين العرب. ومن جهته، أكد الأستاذ موسى بودهان أن صنصال، رغم جنسيته الفرنسية، يجب أن يحترم الدستور الجزائري. وأشار إلى عدة مواد من الدستور تفرض حماية سيادة البلاد ومعاقبة الخيانة وجرائم الأمن.
بينما تحدث عن عقوبات شديدة في حال المساس بسلامة الوطن، مشيراً إلى أن أفعال صنصال لا تندرج تحت حرية الرأي والتعبير، بل تُعد خرقًا واضحًا للقانون.
الإدانة والانتقادات المتزايدة
تواصل الأوساط الثقافية والسياسية في الجزائر توجيه الانتقادات لصنصال، خصوصاً بعد زيارته لإسرائيل، مما فاقم من حالة الاستياء لدى العديد من الكتاب والمثقفين. تُعتبر قضيتهما مثالًا آخر على التوتر المتزايد في العلاقات الجزائرية الفرنسية وما يثيره من قضايا ذات بعد إنساني وسياسي.
أزمة جديدة في العلاقات الجزائرية الفرنسية
قالت وكالة الأنباء الجزائرية إن “اللوبي الحاقد على الجزائر في فرنسا مر بأسبوع سيئ؛ فيجب تفهمهم. أولا، أحد محمييهم وهو كمال داود ضُبط متلبسا باستغلال معاناة ضحية للإرهاب في الجزائر للحصول على جائزة “غونكور” الأدبية بفرنسا”.
الدعوات والموقف الفرنسي
وأوضحت الوكالة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي توجد ضده مذكرة توقيف دولية من قبل المحكمة الجنائية الدولية، استُهدف أيضًا، قبل أن تُوقف أسماء صنصال في خضم هيجانه التحريفي. كما وصفت الوكالة الضجة التي تثيرها بعض الأوساط السياسية والفكرية الفرنسية، مثل اليمينيين مارين لوبان وإيريك زمور حول حالة صنصال، بالكوميدية، واعتبرتها دليلاً إضافياً على وجود تيار “حاقد على الجزائر لوبي لا يفوت أي فرصة للتشكيك في سيادتها”.
اتهامات بالولاء لفرنسا
اعتبر عبد العالي حساني شريف، رئيس حزب حركة مجتمع السلم الجزائري، أن الكاتبين صنصال وداود “يتكلمان بلسان فرنسا”، متهماً إياها بشن “حملة ذات بعد ثقافي على الجزائر”. وينظر في الأوساط الثقافية الجزائرية إلى الكاتبين الفرنسيين من أصول جزائرية على أنهما يروجان لخطابات بعض الأوساط الفرنسية ذات الفكر الاستعماري. كما انتقد الروائي الجزائري رشيد بوجدرة الكاتبين في كتابه “زناة التاريخ”، قائلاً إنهما “زورا وشوها تاريخ الجزائر وصورتها”.
تدخل مرفوض
وصف المحلل بودهان التدخلات الفرنسية في الشؤون السياسية والقضائية للجزائر بالأمر المرفوض، مشيراً إلى أنه لا يمكن للجزائر قبول ذلك من أي جهة. وأكد الإعلامي والباحث في الشأن المغاربي عبد النور تومي أن الضجة الإعلامية في باريس تقف وراءها أطراف سياسية تابعة “لليمين المتطرف المعادي للجزائر والمهاجرين والمسلمين”.
تصعيد العلاقات الجزائرية الفرنسية
وأكد تومي أن هذا النوع من التدخلات يعود إلى غطرسة الشخصيات الفكرية والسياسية الفرنسية ذات الفكر الاستعماري، موضحًا أن “ازدواجية المعايير الفرنسية” تعكس عدم التوازن في التعامل مع القضايا، حيث أشار إلى الحادثة المتعلقة بمؤسس منصة تليغرام بافيل دوروف.
كما أضاف تومي أن الضجة الأخيرة المتعلقة بكل من داود وصنصال قد تؤدي إلى المزيد من التوتر في العلاقات بين الجزائر وفرنسا، مشددًا على أن الجزائر قادرة على قطع علاقاتها مع باريس، خاصة في ظل وضعها الحالي في الساحة الدولية، وامتلاكها عددًا من الأوراق للضغط على الحكومة الفرنسية.
نهاية المطاف
وأعتبر تومي أن الجانب الفرنسي يستغل هؤلاء الكتاب لتنفيذ أجندته، مؤكداً أن الأفعال التي قام بها داود وصنصال “لا تمت بصلة للثقافة وتنوير القراء، بل أصبحت وسيلة لضرب وطنهما الأم”.