غياب مُريب لأفلام التاريخ العربي والإسلامي
انطلقت الدورة الخامسة والأربعون لمهرجان القاهرة السينمائي يوم الاثنين الماضي، حيث تم تنظيم ندوة خاصة لتكريم المخرج والمنتج مصطفى العقاد، الذي رحل ضحية عملية إرهابية في عمان قبل 19 عاماً. يُعتبر العقاد مخرج فيلمي «الرسالة» الذي يتناول نشأة الإسلام و«عمر المختار» الذي يحكي قصة مناضل ليبي في سبيل الاستقلال، من أبرز الإنتاجات السينمائية التاريخية العربية.
استحق الحدث تسليط الضوء عليه، إذ يأتي لتذكير الجمهور بمخرج عربي استطاع تقديم تاريخ العرب والإسلام بطريقة فنية مميزة، مستخدماً تقنيات السينما العالمية مثل نظام 70 مللم بانافيجين، تماماً كما فعل المخرج البريطاني الشهير ديفيد لين في فيلمه «لورنس العرب» (1962)، الذي ضم خيرة من الممثلين العالميين وعرب مثل عمر الشريف وجميل راتب.
مشاركة واسعة وتحضيرات
بعد العرض الخاص في مهرجان القاهرة، من المقرر أن تُعرض الأفلام في عدد من المدن العربية مثل جدة والدوحة ودبي والقاهرة، مع جهود جارية لتوسيع نطاق العرض عربياً وعالمياً.
تحديات المهنة
واجه الممثلون في فيلمي العقاد تحديات عدة، خاصة أنهم قدموا أعمالاً تحت إشراف مخرج عربي لم يكن معروفاً في ذلك الوقت، لكنه كان يحمل طموحاً واستعداداً كبيرين. العقاد تمكن من كسب ثقة الممثلين بفضل وضوح رؤيته الفنية، حيث تناول مواضيع لم نعرف الكثير عنها في السينما الغربية، مثل رسالة الإسلام وثورات البلاد العربية ضد الاستعمار.
نجح فيلم «الرسالة» في تقديم نسختين؛ واحدة باللغة العربية والأخرى بالإنجليزية، حيث شارك أفضل العناصر الفنية من مختلف الدول العربية. وعادَ فيلم «عمر المختار» ليصبح علامة بارزة في الدراما الأمريكية، حيث أبدع أنطوني كوين في دور البطولة، معترفاً بفضل العقاد في تعريفه بتاريخ العرب.
أفلام تاريخية سابقة لم تحقق النجاح
تشير بعض التجارب السابقة لأفلام تاريخية عربية والتي كان لها نشاط أكبر قبل «الرسالة».
من بينها فيلم «واإسلاماه» الذي أخرجه الأميركي أندرو مارتون عام 1961، بمشاركة عدد من الأسماء اللامعة في السينما المصرية. قبله بعشر سنوات، أخرج إبراهيم عز الدين فيلم «ظهور الإسلام»، الذي كان أقل شهرة.
فيلم صلاح أبو سيف «فجر الإسلام» وزعت ولادته بداية جديدة لعالم السينما العربية، لكن بقيت تلك الأفلام محلية دون تحقيق الانتشار المطلوب.
تناولت السينما العراقية فكرة إنتاج أفلام تاريخية تنافس عالمياً، وأنتجت أفلاماً مثل «القادسية» و«الأيام الطويلة»، لكن رغم جودة التصوير والإخراج، لم تتمكن هذه الأفلام من التوسع في أسواق العرض الدولية كما فعل العقاد.
الافتقار إلى الدعم الفني
من العوامل التي أدت إلى تراجع إنتاج الأفلام التاريخية العربية هو المشكلة التي يواجهها الكثير منها في معالجة القضايا بشكل فني بعيد عن السطحية، وهذا ما تميز به العقاد الذي فَهِم قواعد الإنتاج العالمية بشكل أفضل.
بتوافر فرص الدعم والتمويل، كان بالإمكان انتاج مزيد من الأفلام التاريخية الكبرى التي تسلط الضوء على تاريخ العرب والإسلام بأسلوب جذاب.