أسرار مظلمة خلف بريق المعالم السياحية الشهيرة
29/9/2024
–
|
آخر تحديث: 1/10/2024 07:30 م (بتوقيت مكة المكرمة)
يخفي وراء الواجهات اللامعة والصور المثالية التي تظهر في المجلات ووسائل التواصل الاجتماعي تاريخ مظلم وسرائر فظيعة وراء العديد من المعالم السياحية الشهيرة. وعلى الرغم من تدفق الملايين إلى هذه الأماكن للاستمتاع بجمالها، فإن القليل منهم يعرفون القصص الحقيقية المرتبطة بها.
جسر التنهدات: رمز الحزن والسجن
عند الحديث عن الوجهات الرومانسية، تبرز مدينة البندقية الإيطالية كواحدة من أبرز الخيارات. هذه المدينة الساحرة، بشبكتها المعقدة من القنوات وهندستها المعمارية التاريخية، تعتبر من أجمل الوجهات السياحية في العالم. ولا شيء يجسد رومانسية البندقية كالركوب في الجندول الذي يمر عبر قنواتها الخلابة، متجهاً تحت جسر التنهدات الشهير، أحد أبرز معالم المدينة.
يقع “جسر التنهدات” بالقرب من ميدان سان ماركوس، رابطًا بين سجن المدينة وقصر دوجي، المقر الإداري للمدينة خلال العصور الوسطى. شُيد الجسر في القرن السابع عشر بواسطة المهندس المعماري أنطونيو كونتينو، ويبلغ طوله حوالي 11 متراً وارتفاعه 4 أمتار، وصنع من نفس الحجر الأبيض الذي استخدم في بناء قصر دوجي. يجمع تصميمه الأنيق بين عناصر العمارة البندقية الكلاسيكية، مما يجعله واحدًا من أشهر الجسور في المدينة.
تم إطلاق اسم الجسر بسبب “التنهدات” التي كان يُطلقها السجناء أثناء عبورهم له في طريقهم من السجن إلى قاعات المحاكمة، خصوصًا إذا كانوا متوجهين نحو تنفيذ حكم الإعدام.
على الرغم من تاريخه المظلم، يتحول اليوم إلى رمز للرومانسية في الأدب والفن، حيث يُشاع أن الأزواج الذين يمرون تحت الجسر في قارب أثناء غروب الشمس سيظل حبهم خالداً. وقد ألهم الجسر أيضاً العديد من الكُتّاب والفنانين، مثل اللورد بايرون، وتشارلز ديكنز، وهنري جيمس، الذين تناولوه في أعمالهم، مما ساهم في شهرته العالمية.
جبل راشمور: أكثر من مجرد نصب تذكاري
جبل راشمور في ولاية ساوث داكوتا، ذلك المعلم الشهير الذي يصور وجوه أربعة من رؤساء الولايات المتحدة، يتجاوز كونه قطعة فنية؛ حيث يحمل في طياته تاريخًا معقدًا يتجاوز الإنجازات الرئاسية ليشمل قصة صراع ثقافي وحضاري عميق.
قبل أن يصبح جبل راشمور رمزاً للولايات المتحدة، كان يعتبر أرضاً مقدسة لشعب اللاكوتا سيوكس (من سكان الولايات الأصليين). أطلقوا عليه اسم “الأجداد الستة” الذي يحمل دلالات روحانية عميقة ترتبط بتقاليد ومعتقدات الهنود الحمر. ومع ذلك، تم تجاهل هذه المقدسات الثقافية عندما قرر النحات غوتزون بورغلوم تحويل الجبل إلى نصب تذكاري لتخليد ذكرى الرؤساء الأميركيين جورج واشنطن، وتوماس جيفرسون، وثيودور روزفلت، وأبراهام لينكولن.
معاهدة فورت لارامي التي وقعت عام 1868 نصت على بقاء الأرض لشعب اللاكوتا سيوكس، لكن بعد اكتشاف الذهب في المنطقة، انتهكت الولايات المتحدة المعاهدة وأجبرت السكان الأصليين على التنازل عن أراضيهم.
بينما يتم الترويج لجبل راشمور كرمز للولايات المتحدة، فإن الكثيرين لا يدركون أن بناءه تم مقابل انتهاك حقوق السكان الأصليين، حيث تم ترحيل شعب اللاكوتا سيوكس من أراضيهم، واستخدام هذه المناطق لتخليد ذكرى رؤساء يمتلكون المئات من العبيد ورسموا تاريخاً دموياً تجاه أصحاب الأراضي الأصليين.
يمثل جبل راشمور اليوم معلمًا سياحيًا يجذب نحو 3 ملايين زائر سنوياً، ويثير جدلاً حول رمزيته؛ إذ يعتبره البعض تجسيداً للقيم الأميركية مثل الديمقراطية والحرية، بينما يراه آخرون، خاصة السكان الأصليين، تذكيراً مؤلمًا بالظلم الذي تعرضوا له.
سور الصين العظيم: مقبرة البُناة
من منا لم يسمع عن سور الصين العظيم؟ هذا الحصن العملاق الذي يمتد لآلاف الكيلومترات ويمثل أحد عجائب العالم، يحمل تاريخًا غنيًا ومعقدًا. على الرغم من أن العديد يعتقدون بأنه يمكن رؤيته من الفضاء، إلا أن هذا الاعتقاد خطأ؛ حيث إن طبيعة المواد المستخدمة في بنائه تجعل من الصعب تمييزه عن البيئة المحيطة.
تاريخ بناء سور الصين العظيم يعود لآلاف السنين عندما بدأ حكام الصين بإنشاء سلسلة من الجدران لحماية أراضيهم من الغزاة الشماليين. لكن الإمبراطور الأول الذي وحد الصين، تشين شي هوانغ، قرر هدم جميع التحصينات الداخلية لإحباط أي محاولات انقلاب أو استقلال، وتوجه بجميع إمكانياته لبناء سور واحد ضخم حول عام 220 قبل الميلاد. كان الهدف من هذا المشروع الضخم هو تحقيق الوحدة الوطنية والدفاع عن الإمبراطورية الناشئة.
سور الصين العظيم: تضحيات وإرث تاريخي
واجه بناء سور الصين العظيم ظروف عمل قاسية، حيث كان العمال، من جنود ومدنيين، مجبرين على العمل بالسخرة لساعات طويلة دون أي أجور. ويُعتقد أن عدد الضحايا الذين سقطوا أثناء بناء الجدار يصل إلى مئات الآلاف، إذ قُدّر أن نحو 400 ألف شخص لقوا حتفهم خلال فترة تشين شي هوانغ وحدها، وتم دفن العديد منهم داخل السور نفسه. ورغم كل هذه التضحيات، استمر توسيع وبناء الجدار على مر العصور مع كل إمبراطور يضيف تحسينات عليه.
يظل سور الصين العظيم شاهداً على عظمة الحضارة الصينية وإبداعها الهندسي، مما يجعله من أبرز المعالم التاريخية في العالم.
برج لندن: تاريخ مظلم وأساطير خفية
يضم برج لندن، الحصن التاريخي الذي يقع على ضفاف نهر التايمز في العاصمة البريطانية، تاريخاً طويلاً ومعقداً يتميز بالأحداث الدرامية والأسرار. يعتبر البرج متحفاً حياً يضم مجموعة من المجوهرات التاجية الملكية، مع كونه شاهداً على أحداث تاريخية مهمة، ويضيف طابعًا غامضًا بروح الماضي.
على الرغم من كون برج لندن اليوم موطناً لجواهر التاج البريطاني ومعلماً سياحياً مزدهراً، إلا أن تاريخه يحمل جوانب مظلمة من الإعدامات والتعذيب. ومنذ تأسيسه في القرن الثاني عشر وحتى منتصف القرن العشرين، كان البرج معروفًا بأنه مكان يُحتجز فيه من خانوا العائلة المالكة أو ارتكبوا جرائم خطيرة.
شخصيات تاريخية شهيرة
من بين أشهر الشخصيات التي أُعدمت في البرج، الملكة آن بولين، زوجة الملك هنري الثامن، التي قُطع رأسها فيه، بالإضافة إلى العديد من المعارضين للعائلة الحاكمة عبر العصور. كما سُجن في هذا المكان عدد من الملوك والسياسيين البارزين مثل جيمس الأول ملك أسكتلندا، وجون الثاني ملك فرنسا، وهنري السادس ملك إنجلترا. وكان رودلف هس نائب أدولف هتلر أحد المحتجزين في البرج خلال الأربعينيات من القرن العشرين.
مكان مروع ووجهة سياحية
واحد من أكثر المواقع رعبًا في البرج هو النصب التذكاري للسجناء الذين أُعدموا داخله، حيث توضح لوحة مرتفعة مكان الإعدام مع تسجيل أسماء السجناء وتواريخ ميلادهم ووفاتهم، ما يثير شعور القشعريرة لدى زواره.
يُعد برج لندن اليوم من أبرز الوجهات السياحية في بريطانيا وأوروبا. يمكن للزوار استكشاف أبراج البرج وأسواره، والتعرف على تاريخه الغني، ومشاهدة جواهر التاج اللامعة، والاسغتباط بالقصص المثيرة المرتبطة بأساطير الأشباح المحيطة بهذا المعلم التاريخي.