تطور السينما العربية
تعكس السينما العربية في السنوات الأخيرة تحولاً ملحوظاً في أساليبها وطرقها في تقديم روايات جديدة. يسعى العديد من المخرجين للمنافسة في المهرجانات العالمية، مع التركيز على تقديم صور تتجاوز الأنماط التقليدية المفروضة على الشرق الأوسط.
أُنتج في عام 2024 مجموعة كبيرة من الأفلام العربية، مما يجعل من الصعب اختيار الأفضل بينها. وقد اخترنا هنا فيلم واحد من كل دولة، مما زاد من صعوبة الاختيار ولكنه ساهم في تقليص القائمة إلى ما هو مميز.
فيلم “دخل الربيع يضحك” – مصر
يتبع فيلم “دخل الربيع يضحك” أسلوباً فنياً غير شائع في السينما العربية يُعرف بأسلوب الأنطولوجي، حيث يتكون من عدة قصص قصيرة تتصل بروابط بسيطة. الفيلم هو التجربة الأولى للمخرجة نهى عادل، التي استخدمت ممثلات غير محترفات، مما ساهم في إضفاء طابع واقعي قريب من السينما التسجيلية.
تتناول القصص الأربعة للفيلم مواقف عادية تحدث في البيوت والمطاعم، وتعكس العلاقات الاجتماعية بشكل عميق، وتصل إلى لحظات انفجار درامية. نافس هذا الفيلم مجموعة من الأفلام المصرية المميزة مثل “رفعت عيني للسما” و”أبو زعبل 89″.
وقد حقق الفيلم نجاحاً ملحوظاً في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، حيث حصل على عدة جوائز منها جائزة صلاح أبو سيف لأفضل إخراج.
فيلم #دخل_الربيع_يضحك للمخرجة نهى عادل يحصل على نصيب الأسد في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ويفوز بـ4 جوائز؛ جائزة صلاح أبو سيف لأفضل إخراج، وجائزة هنري بركات لأفضل إسهام فني وجائزة الفيبريسي (الاتحاد الدولي للنقاد)، وتنويه خاص لبطلة الفيلم رحاب عنان.. مبروك لكل صُناع الفيلم pic.twitter.com/05meuSDMhU
— CineWaves Films (@cinewaves_films) November 23, 2024
فيلم “نحن بالداخل” – لبنان
يقدم فيلم “نحن بالداخل” تجربة تسجيلية مؤثرة من إخراج فرح قاسم، حيث يستعرض الشهور الأخيرة التي قضتها مع والدها الشاعر “مصطفى قاسم” قبل وفاته. تبتعد المخرجة عن الميلودرامية، مركزة على تعزيز العلاقة بينها وبين والدها.
ترصد المخرجة جوانب مختلفة من حياة والدها، رغم تدهور حالته الصحية، ويظهر الفيلم كيف أن الأب كان دائماً يسعى لإكمال قصائده. تأخذ الكاميرا المشاهد في رحلة من داخل المنزل إلى المراكز الشعرية التي ينتمي إليها والدها، حيث يُلقي الشعر ويستقبل ردود الأفعال.
رغم تكثيف الأحداث داخل المنزل، تتجلى الأحداث اللبنانية من خلال نافذة الكاميرا التي ترصد الوضع المتغير في البلاد.
فيلم “الفيلم عمل فدائي” – فلسطين
تأسس مركز أبحاث فلسطين في عام 1965 في بيروت، وكان هدفه حفظ الأرشيف الثقافي للفلسطينيين. وفي عام 1982، سيطرت القوات الإسرائيلية على هذا الأرشيف، ليعود المخرج الفلسطيني كمال الجعفري بعد 17 عاماً ليُوثق جزءاً من الذاكرة الفلسطينية في فيلم توثيقي يستند إلى هذا الأرشيف الذي استُعيد.
تعتبر هذه الأفلام جزءاً من موجة جديدة في السينما العربية، تسعى لتقديم محتوى يعكس تجارب الشعوب وتاريخها بواسطة أساليب سردية مبتكرة وبطريقة فنية متطورة.
### أفلام متميزة تُبرز الواقع الفلسطيني والتونسي والجزائريفي سياق الأعمال السينمائية المتميزة، يبرز الفيلم “الفيلم عمل فدائي” الذي حقق شهرة واسعة ونال العديد من الجوائز. يقدم الفيلم تجربة فريدة تجمع بين الصور الأرشيفية والموسيقى لتروي قصة مؤثرة حول تأثير الاحتلال على النسيج الثقافي والاجتماعي لفلسطين.
إنتاجات سينمائية في ظل الظروف الصعبة
يأتي الفيلم في وقت تعيش فيه فلسطين أوضاعًا صعبة منذ أكتوبر/تشرين الأول، ورغم ذلك، شهد العام إنتاج مجموعة من الأفلام المميزة، مثل “ما بعد” لمها الحاج، و”شكرا لأنك تحلم معنا”، و”أحلام عابرة”، و”برتقالة من يافا”. ومن بين هذه الأفلام، “من المسافة صفر” الذي وصل إلى القائمة القصيرة لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم دولي.
الذراري الحمر – تونس
تدور أحداث فيلم “الذراري الحمر” في إحدى القرى شمال تونس، ويعكس حياة الفقر والتحديات التي يواجهها سكان تلك القرية. الفيلم، الذي يحمل اسمًا يحمل دلالات عدة، يستعرض شجاعة الأطفال الذين يعيشون في بيئة قاسية.
تتغير مجريات القصة حين يتعرض أشرف وابن عمه نزار لهجوم من مجموعة مسلحة بينما هما يرعيان أغنامهما. يؤدي هذا الهجوم إلى مقتل نزار، مما يزيد من التوتر والرعب في القرية. يسعى أهل القتيل لاستعادة جثته، بينما يخشون مصيراً مماثلاً إن حاولوا ذلك.
يُعتبر الفيلم مستندًا إلى أحداث حقيقية وقعت في 2015 و2017، حيث قُتل أفراد من نفس العائلة، مما يعكس الواقع المؤلم الذي تعاني منه المجتمعات.
196 مترا – الجزائر
في الجزائر، يدخل فيلم “196 مترا” للمخرج شكيب طالب بن دياب، قائمة الأفلام المميزة. تدور أحداث الفيلم حول اختطاف فتاة صغيرة من منزلها أثناء لعبها. تحقيقات الشرطة، بالتعاون مع طبيبة نفسية، تفتح بابًا لاستكشاف قضايا مشابهة، مما يضيف طبقة من الإثارة والتشويق إلى القصة.
تشير هذه الإنتاجات السينمائية إلى قدرة الفن على معالجة القضايا الاجتماعية بطرق مؤثرة ومؤلمة، مع تقديم سرد بصري قوي يعكس هموم وآمال المجتمعات العربية.