أكاديميون يكتشفون أقدم إثبات للحقل المغناطيسي للأرض
دون وجود حقل مغناطيسي، لن تكون الحياة على الأرض ممكنة، إذ يحمينا من الإشعاعات الضارة والجسيمات المشحونة الناتجة عن الشمس “الرياح الشمسية”. ولم يكن هناك تاريخ موثوق به حتى الآن لنشأة الحقل المغناطيسي الحديث لأول مرة.
خُطوة مهمة نحو الأمام
تعتقد العالمة الرئيسية في الدراسة “كلير نيكولز”، وهي أستاذة مشاركة في علم الأرض والجيولوجيا الكوكبية في جامعة أكسفورد، أن هذه الخطوة تعتبر فعلا خُطوة مهمة نحو الأمام، وذلك بمحاولتنا تحديد دور المجال المغناطيسي العتيق عند ظهور الحياة على الأرض للمرة الأولى.
وتشير تقديرات التحليل إلى أن المجال المغناطيسي للكوكب في ذلك الزمان كان يشبه بشكل كبير المجال الذي يُحيط بالأرض اليوم، وكانت قوته تبلغ 15 ميكروتسلا (وحدة قياس مجال الكهرومغناطيسية)، مقارنة بـ 30 ميكروتسلا في الوقت الحالي.
وفي الدراسة الجديدة، قام الفريق البحثي بتفصيل العينات الصخرية بكاملها، مما أدى إلى توفير تقييم أدق وأكثر موثوقية من الدراسات السابقة التي اعتمدت على بلورات فردية.
تقول نيكولز في مقابلة مع “الجزيرة نت”: “كان استخراج سجلات موثوقة من صخور بهذا العمر أمرًا صعبًا للغاية، وكان من المثير حقًا رؤية الإشارات المغناطيسية الأولية تبدأ في الظهور عندما قمنا بتحليل هذه العينات في المختبر”.
وعمل فريق الدراسة على فحص العينات الأساسية من حزام الصخور القديمة جدًا المعروف بـ “إيسوا سوبراكريستال” في غرينلاند، والذي يقع فوق قشرة قارية سُميكة تحميه من النشاط التكتوني الواسع النطاق والتشوه. وهذا سمح للباحثين ببناء أدلة تُؤكد وجود المجال المغناطيسي قبل 3.7 مليار سنة.
الواقي الأرضي
توضح الباحثة أن المجال المغناطيسي ضروري للحياة على الأرض، حيث يُعد كدرع غير مرئي يحمينا من تعرضنا للإشعاع الكوني الضار، عبر تحويل معظم الجسيمات المشحونة حول الأرض. يُولّد هذا المجال من خلال التيارات الكهربائية التي تنشأ من تيارات الحمل الحراري “جيودينامو” في القلب الخارجي للحديد في باطن الأرض.
ويُعتقد أن النواة الداخلية الصلبة لم يحدث تكوينها إلا بعد مرور نحو مليار سنة من تكوين الأرض المبكر، ولذلك ما زالت هناك أسئلة كثيرة حول كيفية الحفاظ على المجال المغناطيسي المبكر، وفقًا للبيان الصحفي المنشور عن الدراسة على موقع “يوريك آلارت”.
يمكن لعلماء علم الأرض القديمة إعادة بناء معلومات حول المجال المغناطيسي في الماضي عبر بعض المعادن المغناطيسية القوية، ولا سيما أكاسيد الحديد، إذ يمكن أن تُسجل قوة المجال واتجاهه في جزيئات الحديد أثناء تكوينها.
تقول نيكولز: “مع ذلك، تُواجه إعادة بناء المجال المغناطيسي في العصور الأولى من تاريخ الأرض تحديات كبيرة، حيث يمكن للأحداث الجيولوجية المتلاحقة التي تُسخن الصخور تغيير الإشارات المحفوظة في وقت لاحق، ولذا تأتي أهمية نتائج الدراسة الجديدة”.
وتشير النتائج إلى أن الآلية التي دفعت دينامو الأرض المبكر كانت فعالة بطريقة مشابهة لعملية توليد المجال المغناطيسي للأرض اليوم.