معركة انتخابية غير مسبوقة في ألمانيا
تشهد ألمانيا في بداية العام الجديد انتخابات قد تكون من الأعنف في تاريخها، حيث يهدف الأحزاب إلى تشكيل برلمان جديد. يأتي ذلك في ظل ظروف معقدة تتعلق بالعلاقات الدولية، خاصة مع فوز دونالد ترمب بفترة رئاسية ثانية وما يتطلبه ذلك من مواقف حيال الحرب المستمرة في أوكرانيا، والتي تُعتبر ألمانيا من أكبر الداعمين لها عسكرياً ومالياً.
تأثير إيلون ماسك على السياسة الألمانية
يُعتبر الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، صاحب منصة “إكس” (تويتر سابقاً)، أحد الشخصيات المثيرة للجدل قبل الانتخابات. وقد ساهمت تصريحاته الاستفزازية في إثارة الاضطرابات داخل الساحة السياسية الألمانية. حيث دعم ماسك حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف، ودعا المستشار الألماني أولاف شولتس إلى الاستقالة بعد حادثة الدهس التي وقعت في سوق عيد الميلاد في ماغدبورغ، مما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص وأكثر من 200 جريح.
ردّ شولتس على هجوم ماسك بالقول إن الديمقراطية تحمي حرية التعبير حتى لأصحاب المليارات. لكن التصعيد لم يتوقف عند هذه النقطة، فقد وصف ماسك الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير بالطاغية المناهض للديمقراطية.
أجواء الانتخابات: توترات وشائعات
يمتلك حساب إيلون ماسك على “إكس” أكثر من 200 مليون متابع، ويُظهر تغيير الاسم إلى “كيكيوس ماكسيموس” صورة ضفدع كرمز له. وفي ظل هذه الأجواء المشحونة، وعلى عتبة الانتخابات المقررة في 23 فبراير، يدخل الأحزاب في فترة قصيرة لجمع الأصوات.
تتميز انتخابات 2025 بعدد المرشحين المتزايد، حيث يترشح خمسة أشخاص لمنصب المستشار، في أول انتخابات في الشتاء منذ عام 1987. ويعد هذا الأمر فرصة لاختبار التحالفات الحزبية، خاصة بعد انهيار الائتلاف الحاكم.
“اتفاق النزاهة” ومصداقية العمل السياسي
على الرغم من مرور 20 دورة انتخابية منذ عام 1949، فإن الانتخابات المقبلة تحمل تحديات جديدة وصعبة. وقد توصلت الأحزاب إلى “اتفاق نزاهة” يستهدف وضع حد للتصريحات المتطرفة والمعلومات المضللة، إلا أن هذا الاتفاق لم ينجح في السيطرة على النقاشات الساخنة التي شهدتها البرلمان مؤخرًا.
اتّهم شولتس رئيس الحزب الديمقراطي الحر، كريستيان ليندنر، بممارسة تخريب مستمر، بينما وصفه ليندنر بالوقاحة. هذه أولى بوادر التوتر تؤكد أن سمات حملة الانتخابات المقبلة لن تكون سهلة.
الأبعاد الدولية وتأثيراتها
مع اقتراب موعد تنصيب ترمب في 20 يناير، يتزايد القلق في ألمانيا من تبعات سياساته، خاصة الضرائب والجمارك المحتملة التي قد تهدد الاقتصاد الألماني. وفي سياق الحملة الانتخابية، يبقى موضوع الأمن الداخلي في صدارة أولويات الأحزاب، مع إمكانية ظهور مفاجآت جديدة.
بالرغم من صعوبة التوجهات الانتخابية، فإن تشكيل تحالف حكومي سيكون حتمياً، ووفقاً للاستطلاعات، من المرجح أن تنشأ ائتلافات تجمع بين الاتحاد المسيحي وحزب شولتس الاشتراكي الديمقراطي أو حزب الخضر. تعكس هذه المعطيات كيف تؤثر اللحظة السياسية الحالية على المسار الانتخابي في ألمانيا.
# تشكيل الحكومة الألمانية بعد الانتخابات: التحديات والأملمع اقتراب الانتخابات البرلمانية في ألمانيا، تزداد التكهنات حول إمكانية تشكيل حكومة جديدة بحلول عيد الفصح في 20 أبريل (نيسان) المقبل. تتزايد المخاوف بشأن حالة حزب الديمقراطي الحر، الذي قد يواجه صعوبة في تجاوز نسبة 5% المطلوبة لدخول البرلمان.
توقيت تشكيل الحكومة
لا يوجد حتى الآن من يستطيع توقع المدة التي ستستغرقها ألمانيا لتشكيل حكومة فعالة بعد الانتخابات القادمة. تشير التجارب السابقة إلى أن الفترة الزمنية لتشكيل الحكومات الجديدة تتراوح بين أقل من شهر إلى نحو ستة أشهر، وفقاً لـ 20 انتخابات برلمانية جرت منذ عام 1949.
حقبة سريعة وآخرون عانوا
في تاريخ تشكيل الحكومات في ألمانيا، كان الأسرع في عامي 1969 و1983. فقد تمكن المستشار فيلي برانت من تشكيل الحكومة الاشتراكية – الليبرالية في 23 يوماً، بينما خلال انتخابات 1983، لم تستغرق عملية تشكيل الحكومة من قبل المستشار هيلموت كول وقتاً طويلاً.
وفي سياق متصل، فإن المستشارة السابقة أنجيلا ميركل احتاجت 171 يوماً لتشكيل حكومتها الرابعة بعد انتخابات عام 2017، وذلك بسبب فشل مفاوضات تشكيل ائتلاف “جامايكا”.
فترة هادئة للحكومة الجديدة
أحد الأوقات الجيدة لتشكيل الحكومة الجديدة هو أن العمليات السياسية لن تتأثر بضغوط الحملات الانتخابية في الولايات. فإن بعد أسبوع من الانتخابات البرلمانية، سيجري الانتخاب في ولاية هامبورغ في 2 مارس (آذار)، ولن تُجرى أي انتخابات أخرى على مستوى الولايات لمدة عام على الأقل.
مستقبل سياسي بدون ضغط انتخابي
خلال فترة تشكيل الحكومة، ستكون الأحزاب في برلين مشغولة بالمفاوضات، وبعدها سيكون هناك هدوء نسبي من الحملات الانتخابية حتى ربيع 2026، باستثناء انتخابات محلية في ولاية شمال الراين – ويستفاليا في سبتمبر (أيلول)، تليها الانتخابات البرلمانية الإقليمية في بادن – فورتمبرغ وراينلاند – بفالتس في ربيع 2026.