حظر الطيران إلى هايتي بسبب تصاعد أعمال العنف
بور أو برينس، هايتي (أسوشيتد برس) – أعلنت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية يوم الثلاثاء أنها ستحظر على شركات الطيران الأمريكية الطيران إلى هايتي لمدة 30 يوماً بعد أن أطلقت العصابات النار على طائرتين، في وقت أعلنت فيه الأمم المتحدة عن تعليق مؤقت لرحلاتها إلى بور أو برينس، مما سيحد من المساعدة الإنسانية القادمة إلى البلاد.
إصابات وعمليات إغلاق مطار
أُصيب أحد أفراد طاقم الطائرة أثناء هبوط طائرة تابعة لشركة Spirit Airlines في مطار العاصمة يوم الاثنين، ما أدى إلى إغلاق المطار. تكشف الصور والفيديوهات التي حصلت عليها أسوشيتد برس عن ثقوب رصاص في داخل الطائرة. كما أعلنت شركة JetBlue يوم الثلاثاء عن تعرض إحدى طائراتها لإطلاق النار أثناء مغادرتها لبور أو برينس يوم الاثنين.
جاءت هذه الحوادث كجزء من موجة من أعمال العنف التي اندلعت بعد أن أدى رئيس الوزراء الجديد اليمين الدستورية في وقت شهدت فيه البلاد اضطرابات سياسية.
ضغوط على العمليات الإنسانية
قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن الوكالة وثقت 20 اشتباكاً مسلحاً وظهور المزيد من الحواجز التي أثرت على العمليات الإنسانية أثناء أعمال العنف يوم الاثنين. سيبقى مطار بور أو برينس مغلقاً حتى 18 نوفمبر، وسيوجه دوجاريك رحلات الأمم المتحدة إلى المطار الثاني في البلاد، في مدينة كاب هايتيه الشمالية الأكثر أماناً.
إن تقليص الوصول إلى بؤرة العنف، بور أو برينس، من المحتمل أن يكون له تأثير مدمر، حيث أدت العصابات إلى دفع هايتي إلى حافة المجاعة. وحذر دوجاريك من أن قطع الرحلات يعني “تقييد تدفق المساعدة الإنسانية والموظفين الإنسانيين إلى البلاد.”
تأجيل العمليات الإنسانية
تم تأجيل قافلة مكونة من 20 شاحنة محملة بالغذاء واللوازم الطبية كانت متوجهة إلى الجنوب، كما تم إلغاء عملية تقديم مساعدات مالية لألف شخص في منطقة الكارفور، حيث تفجرت أعمال العنف.
وقال دوجاريك: “نحن نبذل كل ما في وسعنا لضمان استمرار العمليات وسط هذا الجو الصعب. وندعو إلى إنهاء تصاعد العنف، للسماح بوصول إنساني آمن ومستدام ودون عوائق.”
حالة الطوارئ في العاصمة
يوم الثلاثاء، تجمدت الحياة في معظم أحياء العاصمة هايتي بعد موجة العنف. وفتشت الشرطة المسلحة بشدة في سيارات مصفحة الشاحنات المستخدمة في وسائل النقل العامة المارة بجوار المطار.
توجهت المدارس، البنوك والمكاتب الحكومية للإغلاق. الشوارع، التي شهدت قبل يوم واحد فقط اشتباكات عنيفة بين العصابات والشرطة، كانت خالية تقريباً، مع وجود عدد قليل من المركبات، باستثناء دراجة نارية تحمل شخصاً مصاباً بطلق ناري.
حتى بعد الظهر، كان صوت إطلاق النار لا يزال يتردد في الشوارع، ليكون تذكيراً بأنه على الرغم من المناورات السياسية من قبل النخب في هايتي والدعوات القوية من المجتمع الدولي لاستعادة السلام، فإن البلاد لا تزال متداعية.
الجريمة المنظمة تفاقم الأوضاع في هايتي
تسيطر العصابات على 85% من العاصمة هايتي، بورت أو برنس، وفق تقديرات الأمم المتحدة. تواجه بعثة مدعومة من الأمم المتحدة برئاسة الشرطة الكينية صعوبة في السيطرة على أعمال العنف بسبب نقص التمويل والموارد البشرية، مما دفع إلى المطالبة بوجود بعثة لحفظ السلام من الأمم المتحدة.
انتقادات للرئيس
كان الرئيس لويس أبي نادر في جمهورية الدومينيكان، التي تشترك في الحدود مع هايتي، أول قائد في الجزيرة يدين أعمال العنف، مشبهاً الحادثة “بعمل إرهابي”. كما أدانت هيئة انتقالية تم تأسيسها في أبريل الماضي لاستعادة النظام الديمقراطي في هايتي العنف في بيان لها.
وأكدت الهيئة أن “هذه الجريمة الجبانة، التي تهدد سيادة هايتي وأمنها، تهدف إلى عزل بلدنا على الساحة الدولية. وسيتم ملاحقة مرتكبي هذه الأفعال الوحشية وتقديمهم للعدالة”.
انتقادات قوية من هاييتي
تواجه الهيئة انتقادات حادة من العديد من المواطنين الهايتيين الذين يرون أن النزاعات السياسية والاتهامات بالفساد ضد ثلاثة من أعضائها هي التي سببت عدم الاستقرار، مما أتاح للعصابات القيام بعمليات الاستيلاء على السلطة كما حدث يوم الاثنين.
بلغت المواجهات ذروتها نهاية الأسبوع الماضي، عندما أقالت رئيس الوزراء الانتقالي السابق غاري كونيل، الذي دخل في صراع طويل مع الهيئة. وعينت بدلاً منه رجل الأعمال أليكس ديديه فيل-أيميه، الذي تم تنصيبه يوم الاثنين وسط المسؤولين والدبلوماسيين في وقت كانت فيه العصابات تروع العاصمة.
ردود أفعال متباينة
لم يعلق فيل-أيميه أو كونيل على موجة العنف. ورغم أن كونيل وصف في السابق قرار الهيئة بأنه غير قانوني، إلا أنه اعترف يوم الثلاثاء بتعيين فيل-أيميه في منشور له على منصة التواصل الاجتماعي X، وتمنى له النجاح في مهمته.
كما وعد فيل-أيميه بالعمل مع شركاء دوليين لاستعادة السلام وإجراء انتخابات طال انتظارها، وهو تعهد سبق أن أعلنه سلفه.
حياة المواطنون تحت وطأة العنف
لكن العديد من الهايتيين، مثل مارثا جان بيير البالغة من العمر 43 عاماً، يفتقرون إلى الرغبة في صراعات سياسية، والتي يرى الخبراء أنها تمنح العصابات المزيد من الحرية لتوسيع نطاق سيطرتها. وكانت جان بيير تجوب شوارع بورت أو برنس يوم الثلاثاء لبيع الموز والجزر والملفوف والبطاطس التي كانت تحملها في سلة على رأسها. وذكرت أنه لم يكن أمامها خيار آخر، فبيع هذه الخضار هو الوسيلة الوحيدة لتأمين لقمة العيش لعائلتها.
دعوات دولية لإنهاء الصراع
كانت هذه الإحباطات تثير قلق اللاعبين الدوليين مثل الأمم المتحدة والولايات المتحدة، التي دعمت السبل السلمية لحل الأوضاع في هايتي. يوم الثلاثاء، أعربت وزارة الخارجية الأمريكية عن أسفها لعدم تمكن كونيل والهيئة من “التقدم بطريقة بناءة” ودعت فِيل-أيميه والهيئة إلى تقديم خطة عمل واضحة تحدد رؤية مشتركة لتقليل العنف وإجراء الانتخابات لتفادي المزيد من الانسداد.
واختتمت الوزارة ببيان أكدت فيه أن “الحاجة الماسة والفورية لشعب هايتي تستدعي من الحكومة الانتقالية أن تعطي الأولوية للحكم على المصلحة الشخصية المتنافسة للفاعلين السياسيين”.