سمهرم: موقع أثري ذو أهمية تاريخية
يقع موقع سمهرم في قلب “طريق اللبان” العُماني، وهو مكان ذو قيمة تاريخية كبيرة، حيث أدرج في قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 2000. كان هذا الطريق، الذي شكل معبراً تجارياً دولياً، مزدهراً لقرون طويلة. بدأت أعمال استكشاف الموقع في الخمسينات، وأسفرت عن اكتشافات أثرية متعددة، بما في ذلك أنصاب حجرية مسطحة تحمل نقوشاً تمثل أشكالاً آدمية مختزلة.
الاكتشافات الهامة
يتضمن موقع سمهرم مستوطنة أثرية تقع بجوار خور روري في محافظة ظفار، وتعود اكتشافاته إلى بعثة أميركية تأسست عام 1949 برئاسة عالم الآثار وينديل فيليبس. بدأت البعثة عمليات الحفر في “خور روري” عام 1950 واستمرت لمدة ثلاث سنوات، مما أتاح اكتشاف مدينة سمهرم التي تمثل ميناء دولياً، بحسب النقوش المكتوبة بخط المُسنَد العربي الجنوبي.
تم العثور على عدة أنصاب حجرية تحمل نقوشات تصويرية لأوجه آدمية، تم التعرف عليها بفضل أعمال هذه البعثة. عثر على ثلاثة من هذه الأنصاب بالقرب من المباني الأثرية في سمهرم، الأمر الذي يُرجح أنها كانت جزءًا من المعبد الموجود في الموقع.
تجدّد الأبحاث
منذ عام 1997، تولت بعثة إيطالية من جامعة بيزا أعمال المسح والتنقيب في سمهرم، مما أسفر عن اكتشافات جديدة مشابهة لتلك التي عثرت عليها البعثة الأميركية. ومن خلال هذه الحفريات، تم الكشف عن أنصاب حجرية تحمل نقوشاً مماثلة، مما يثبت تعقيد الموقع التاريخي.
الوظيفة المجهولة للنقوش
تظهر النقوش التصويرية بشكل هندسي مُجرّد، حيث تتضمن عينين واسعتين وأنفًا مستطيلًا. ولم تُعرف الوظيفة الدقيقة لهذه الأنصاب، مما يُشكل تحدياً علمياً للباحثين. في عام 2014، عثرت البعثة الإيطالية على مجمّرة تحمل أيضاً هذا الوجه التجريدي.
كما لوحظ أن هذا الوجه لم يظهر في أي مجامر أخرى عبر الجزيرة العربية، مما يُشير إلى تميز هذه النقوش وترابطها بممارسات ثقافية معينة، يعتقد أنها تتعلق بالشواهد الجنائزية.
الطابع الجنائزي
يتعلق هذا النوع من النقوش بهوية ثقافية وجنائزية، وقد تم العثور على أنصاب مشابهة في مناطق متنوعة من الجزيرة العربية. تشير الدراسات إلى أن هذه الأنصاب ظهرت في القرن الثامن قبل الميلاد واستمرت لأكثر من 500 عام.
يعتبر موقع سمهرم مركزًا لتاريخ التجارة البحرية في المحيط الهندي، وقد شهد نشاطًا ملحوظًا حتى القرن الخامس الميلادي. يعد اكتشاف هذا الطراز التجريدي في سمهرم جزءًا من تطوير الثقافات المختلفة في المنطقة.
في النهاية، لا تزال الهوية الوظيفية للنقوش الموجودة في سمهرم مصدرًا للغموض والتحدي للمتخصصين في الآثار العُمانية، مما يبقي على الأبحاث جارية لفهم تاريخ هذا الموقع الأثري الفريد بشكل أفضل.