إبراهيم نصر الله: حياة الرجال تتخطى عمر الإمبراطوريات

By العربية الآن

إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات

من الأمسية الشعرية للشاعر إبراهيم نصر الله في حفل اشهار مجموعة أعماله الشعرية. الجزيرة . مؤسسة شومان . (2)
الأديب الروائي والشاعر الأردني الفلسطيني إبراهيم نصر الله (الجزيرة)

يعتبر إبراهيم نصر الله، الروائي والشاعر الأردني الفلسطيني، واحدًا من أهم الأصوات الأدبية المعاصرة في العالم العربي، حيث يجمع بين الواقعية التاريخية والخيال في أعماله. تُسلط رواياته الضوء على القضية الفلسطينية من منظور إنساني، بعيدًا عن النظرة الإمبراطورية.

في حواره مع “الجزيرة نت”، يُشير نصر الله إلى روايته الجديدة “مصائد الرياح” وديوانه الشعري “مريم غزة”، موضحًا أن روايته تتحرك عبر ثلاثة أزمنة، مرتبطة بالتاريخ الفلسطيني وبالاستعمار البريطاني في الثلاثينيات، بالإضافة إلى زمن آخر في نهاية القرن العشرين والزمن الحالي.

نبذة عن حياة نصر الله ومؤلفاته

وُلد نصر الله في عمان لأبوين فلسطينيين مهجرين من قريتهما بَريج (غرب القدس) عام 1948. درس في مدارس وكالة الغوث وحصل على دبلوم تربية وعلم نفس. وحتى الآن، نُشر له نحو 15 ديوانًا شعريًا و22 رواية، بما في ذلك مشروعه “الملهاة الفلسطينية” الذي يتألف من 12 رواية تغطي أكثر من 250 عامًا من تاريخ فلسطين. تُرجمت أعماله إلى عدة لغات وحصلت على جوائز وشهادات نقدية متعددة.

رمزية رواية “مصائد الرياح”

  • ما الرسائل التي يحملها العمل؟

تدور رواية “مصائد الرياح” في ثلاثة أزمنة، حيث تلتقي الصفحات المليئة بالأحداث الفلسطينية مع التواصل البشري من خلال عناصر مثل الخيول والنساء والرياح، مما يكون دلالة على ترابطها بالقضية الفلسطينية ويطرح أسئلة فلسفية تعكس وضع الإنسانية بشكل عام.

في روايته “مصائد الرياح”، يقدم نصر الله لوحة أدبية تستعرض حقبًا تاريخية مختلفة (الجزيرة)

الأبعاد الإنسانية في الرواية

تحضر العلاقات الإنسانية كعنصر رئيسي في الرواية، مما يتيح للمؤلف طرح أسئلة فلسفية تتعلق بالحياة ومعاناة الشعب الفلسطيني في كل مكان، وليست فقط في فلسطين أو في منافيهم.

بالنسبة للرسائل التي تعرضها الرواية، يُؤكد نصر الله أن هذه تُترك للقارئ والناقد لاكتشافها، وقد يتفقان أو يختلفان حولها.

الملهاة الفلسطينية ومكان رواية “مصائد الرياح”

  • ما هو دور الرواية في مشروعك الثقافي؟

ترى نصر الله أن “مصائد الرياح” تعكس صوت الجيل الثالث والرابع من الفلسطينيين، وتهتم بتجاربهم وأفكارهم حول القضية الفلسطينية، وهي تمثل المرة الأولى التي تتاح فيها هذه الأجيال الفرصة ليعبروا عن أنفسهم في إطار هذا المشروع الثقافي.

تُعتبر “مصائد الرياح” رواية تتحدث عن قضايا إنسانية كبرى ترتبط بالوجود الفلسطيني وحقوق الإنسان بشكل عام.

أدوات الكتابة والرؤية الجديدة

  • كيف يطور نصر الله أسلوبه الكتابي؟

تشمل طريقة نصر الله في الكتابة إعادة النظر في الأفكار وتجميعها عبر مختلف المصادر الثقافية. ابتدأ العديد من المشاريع الكتابية التي قد تستغرق عدة سنوات حتى تصل إلى الإخراج النهائي، مما يتيح له تقديم نظرة معمقة على الأحداث والشخصيات.

رواية “قناديل ملك الجليل” من سلسلة روايات ملحمة الملهاة الفلسطينية، صدرت لأول مرة عام 2011 (الجزيرة)

## “مصائد الرياح” وعلاقتها بالقضية الفلسطينية

تعتبر رواية “مصائد الرياح” تعبيرًا عن التشابك الإنساني بين قضية فلسطين والأجيال المعاصرة، حيث تسلط الضوء على العلاقات الإنسانية التي تتقاطع مع الواقع المعيش. يبرز العمل كمشروع فني يتمحور حول السرد والرواية العليم، مما يجعله جزءًا من ما يعرف بـ “ثلاثية الراوي العليم”.

## “مريم غزة”: الإنسان والمكان

صدر ديوان “مريم غزة” بعد الثامن من أكتوبر 2023، ويجمع بين الأبعاد الإنسانية والمكانية في غزة في ظل الحرب العالمية القائمة. يرى الشاعر أن كيان الإنسان والمكان واحد في غزة، مشيرًا إلى عمق العلاقة بين الفلسطيني ووطنه.

## أهمية الترجمات الأدبية

تُرجمت رواية “زمن الخيول البيضاء” إلى عدة لغات، ما يعكس تنامي الاهتمام بأعمال الكتّاب العرب. تعتبر ترجمة الأعمال الأدبية ميلادًا جديدًا، تفتح أبوابًا لفهم أعمق للقضايا التاريخية والإنسانية. من المهم أن تتواصل ردود الفعل الإيجابية عند الكشف عن هذه الترجمات.

## الكلمة كأداة للمقاومة

تستمد الكلمة قوتها من الإيمان بالقضية ومصداقيتها. على الرغم من التضحيات الكبيرة، لا يزال الشعب الفلسطيني صامدًا في وجه التحديات، مما يبرز أهمية استمرار الكتابة والمقاومة الأدبية.

## النهوض بالمشروع الثقافي الفلسطيني

يجب أن يطرح الكتاب الفلسطينيون السؤال حول كيفية تعزيز المشروع الثقافي، حيث لا يزال هناك مسعى مستمر لدعم القضية الفلسطينية في الساحتين الثقافية والأكاديمية. ومن اللافت أن أكثر من خمسة آلاف كاتب وقّعوا على وثيقة لمقاطعة الكيان الصهيوني، مما يدل على التكاتف الثقافي.

## “أرواح كليمنجارو” والمقاومة

تتجاوز العلاقة بين الكاتب وقضية فلسطين وجود “تضامن” وتُعتبر قضية شخصية خاضها عبر تجاربه الخاصة. رواية “أرواح كليمنجارو” تعكس تحدي الأطفال والروح الإنسانية في مواجهة الصعوبات.

## خيار الأدب في “طيور الحذر”

اختيار متابعة بطل”طيور الحذر” منذ جنين يعكس حاجة الرواية لتأسيس منطقي يربط البداية بالنهاية. هذا التوجه يمكن القارئ من فهم الشخصيات والعالم المحيط بها بشكل أعمق.

## دور الجوائز الأدبية

تُعد الجوائز الأدبية من العوامل المحفزة التي تساهم في تسليط الضوء على الأعمال الأدبية الجيدة، مما يساعد في دفع الأدباء للإبداع والتطوير المستمر لأعمالهم.

تعتبر الجوائز ظاهرة عالمية وليست مقتصرة على العرب، حيث تحظى بسمعة إيجابية عامة. ومع ذلك، يتعين على الكاتب اتخاذ قرارات واضحة بشأن الجائزة التي يمكن أن يقبلها وأي الجائزات يجب أن يرفضها، خاصة في ظل تزايد عملية التطبيع مع الصهيونية.

كيف يمكن للروائي أن يحوّل الواقع إلى خيال روائي مؤثر؟

أجد نفسي أطرح هذا السؤال بشكل متكرر مع كل مشروع كتابي جديد، إذ أن كل عمل يجعلني أشعر وكأنني أكتب للمرة الأولى، مما يولّد نوعاً من الارتباك. وثقتي في قدراتي الكتابية ليست هي المحرك الرئيس لكتابة الروايات، بل الشك في هذه القدرات هو ما يدفعني دائماً لابتكار شيء جديد.

التأثير السينمائي في ظل معاناة الكفاح والجراح

لا أرى تناقضًا بين الفن والواقع، بل إن الفن يُعتبر رفيق الحقيقة. اعتبر دائماً أن الفيلم الجيد هو مثل الرواية البصرية، وهذا النوع يستطيع أن يوازي أحيانًا الرواية المكتوبة. منذ صغري، كنت مهتمًا بالسينما، ولا زلت أشاهد نحو أربعة أفلام أسبوعيًا، مستمتعًا بتنوع الأعمال من اليابان وكوريا إلى كولومبيا والأرجنتين. أرى أن السينما لها بعد جمالياً وفنياً يفوق أحيانًا ما تقدّمه الروايات، لذا فإنها تعتبر جزءاً أساسياً من ثقافتي وكتابتي.

أعتبر السينما مصدراً أساسياً في ثقافتي وكتابتي.

نصائح للأدباء الشباب الباحثين عن الإبداع

بالرغم من قدرة أي كاتب على تقديم النصائح، فإن العالم لا يستجيب دائماً للوصايا. أذكر ما قاله همينغواي: “انسَ مأساتك الشخصية. يجب أن تتأذى بشدة قبل أن تتمكن من الكتابة بجدّية، لكن عند تعرضك للأذى، استخدمه كوقود إبداعي دون أن تخدع نفسك”.

مقولة “أنا لا أقاتل كي انتصر، ولكن كي لا يضيع حقي”

ولدت هذه العبارة أثناء كتابتي لرواية “زمن الخيول البيضاء”، حيث ظهرت في لحظة حاسمة خلال تطور أحد أهم أحداث الرواية. وبخصوص الانتظار الطويل للانتصار، يمكن أن يُستشهد بجملة أخرى من الرواية تتعلق بصمود الفلسطينيين في مواجهة الاستعمار، وهي: “عمر الرجال أطول من عمر الإمبراطوريات، ولم يحدث أن ظلت أي “دولة” منتصرة إلى الأبد”.

المصدر: الجزيرة

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version