إسرائيل تستغل الفوضى في سوريا لاستهداف الأصول العسكرية
استغلال الفوضى السورية
بعد تنفيذها مئات الغارات الجوية على الأصول العسكرية السورية واستيلائها على مواقع، بما في ذلك قمة جبل توفر رؤية غير منقطعة للعاصمة دمشق، يبدو أن إسرائيل تستفيد من ما تعتبره فرصة فريدة.
تشير الأنباء إلى أن الترتيبات القيادية السورية كانت في حالة فوضى، حيث تركت بعض المواقع الرئيسية خالية بعد انهيار نظام الأسد.
العمليات العسكرية الإسرائيلية
قالت قوات الدفاع الإسرائيلية (IDF) إن سلاح الجو والبحرية قد نفذوا أكثر من 350 غارة منذ ليلة السبت، محققين هدفهم في تدمير 70-80% من الأصول العسكرية الاستراتيجية السورية من دمشق إلى اللاذقية.
شملت تلك الضربات طائرات مقاتلة، ومواقع رادار والدفاع الجوي، بالإضافة إلى السفن البحرية و مخازن الأسلحة، وفق ما أفادت به IDF.
نجاح العمليات البحرية
أكد وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس أن “البحرية عملت الليلة الماضية على تدمير الأسطول السوري بنجاح كبير”. كما أضافت IDF أنها نقلت القوات البرية شرقًا من مرتفعات الجولان المحتلة إلى منطقة عازلة غير مسلحة في سوريا، واعترفت الآن بأنها انتقلت إلى ما هو أبعد من ذلك.
وأشار كاتس إلى أنه قال للجيش “لإقامة منطقة دفاعية خالية من الأسلحة والتهديدات الإرهابية في جنوب سوريا، دون وجود إسرائيلي دائم”.
التأثيرات على القوات السورية
علق أحد المعلقين الإسرائيليين أن الـ72 ساعة الماضية كانت “بارزة حتى بالنسبة لأولئك الذين اعتقدوا أنهم شاهدوا كل شيء”. وكتب يوآف ليمور في صحيفة إسرائيل هايم أن “العمليات لم تقتصر على سحب قدرات الجيش السوري المحددة، بل أعادته إلى نقطة البداية، خالية من أي قدرات استراتيجية هامة”.
التاريخ العسكري والخطط المسبقة
علق ضباط سابقون في سلاح الجو الإسرائيلي عبر منشورات على الإنترنت بأن بعض الهجمات التي تم تنفيذها في إطار هذه العملية تستند إلى خطط وضعت قبل عدة سنوات. أضاف أحد المحللين العسكريين أن بعض الأهداف تم تحديدها بالفعل من قبل إسرائيل في منتصف السبعينات.
السيطرة على المرتفعات
في الأثناء، سيطرت القوات على مواقع في الجولان، بما في ذلك قمة جبل حرمون، المعروف باللغة العربية بجبل الشيخ. وأفاد الموقع الإخباري “Ynet” بأن “الإقليم يضمن السيطرة الاستراتيجية على كامل الساحة الجنوبية السورية، مما يشكل تهديدًا فوريًا لإسرائيل”.
الأهداف الوطنية لإسرائيل
تشدد المسؤولون على أن إسرائيل تعمل وفق مصالحها الوطنية بعد انهيار نظام الأسد. ويقولون إن الهدف هو منع وقوع الأسلحة التي كانت تحت سيطرة النظام في الأيادي الخطأ، سواء كانت جماعات متطرفة سورية أو أعدائها القدامى، مثل جماعة حزب الله اللبنانية. تجدر الإشارة إلى أن حزب الله وحلفائه في إيران كانوا مقربين من الأسد، حيث ساعدوه في البقاء في السلطة خلال الحرب الأهلية الطويلة في سوريا.### نتنياهو يؤكد على عدم السماح بالإرهاب ضد إسرائيل
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في رسالة فيديو يوم الثلاثاء: “لن نسمح لجهة إرهابية إسلامية متطرفة بالعمل ضد إسرائيل خارج حدودها، مما يعرض مواطنينا للخطر”.
تاريخ الصراع بين سوريا وإسرائيل
تقاتل كل من سوريا وإسرائيل ضد بعضهما البعض في حروب الشرق الأوسط لعام 1948 و 1967 و1973، إذ تعتبر كل منهما الأخرى دولة عدوة. كان النظام السوري تحت قيادة بشار الأسد يمثل قوة عسكرية كبيرة في المنطقة، وقد شنت إسرائيل هجمات على سوريا في السنوات الأخيرة وفي العديد من الضربات التي لم يتم الاعتراف بها بشكل علني. استندت حسابات إسرائيل إلى الحفاظ على نطاق من الإنكار لنفسها وللأسد كذلك حتى لا يشعر الأخير بالضغط للرد.
التركيز على منع نقل الأسلحة إلى حزب الله
تركّزت الهجمات الإسرائيلية على منع نقل الأسلحة إلى حزب الله، حيث كانت الطريق الرئيسية التي تمر عبر الأراضي البرية من سوريا إلى لبنان، بالإضافة إلى التصنيع العسكري وأنظمة الدفاع الجوي السورية التي تشكل تهديداً لطائرات إسرائيل الحربية.
التوازن في التعامل مع روسيا
تجنبت إسرائيل شن هجمات كبرى من شأنها أن تؤدي إلى حروب واسعة النطاق، وسعت لتفادي الصراع مع روسيا، التي أصبحت داعماً رئيسياً للأسد في السنوات الأخيرة. ويشير بعض المحللين العسكريين إلى أن إسرائيل رغبت في تجنب إضعاف النظام السوري، خشيةً من الفوضى التي قد تتبع ذلك في حال استولى المعارضون على السلطة.
استراتيجية جديدة استجابةً لهيمنة الجماعات الإسلامية
دفعت التطورات السريعة لجماعة “هيئات تحرير الشام” (HTS) إسرائيل إلى تطوير استراتيجية جديدة بشكل عاجل.
انتهاك اتفاقيات وقف إطلاق النار
لا تزال قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة موجودة في المنطقة العازلة التي أُقيمت في الأراضي السورية بعد حرب 1973، وقد أكدت هذه القوات أن تحركات إسرائيل العسكرية تعتبر انتهاكاً لاتفاق وقف إطلاق النار الذي أُبرم.
يجادل المسؤولون الإسرائيليون بأن الاتفاقية قد انهارت الآن، لأن الطرف الآخر قد توقف عن الوجود، ويؤكدون أن خطواتهم تأتي في إطار الدفاع الذاتي وتكون مؤقتة ومحدودة.
ردود الفعل الدولية
أشار المتحدث باسم قوات حفظ السلام في الأمم المتحدة إلى أن “القوات غير قادرة على التحرك بحرية داخل المنطقة العازلة في ظل الأحداث الأخيرة”، مضيفًا أنه من الضروري السماح لقوات حفظ السلام بتنفيذ مهامها دون عوائق. وقد صرح ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة: “نحن ضد هذه الأنواع من الهجمات، أعتقد أن هذه لحظة حاسمة لسوريا”.
أصدرت كل من قطر والسعودية والكويت والأردن والعراق والجامعة العربية بيانات رسمية، حيث اعتبرت العديد من تلك البيانات أن التحركات الأمريكية تعتبر استيلاء على الأراضي واستغلالًا للأحداث الأخيرة، وهو انتهاك لسيادة سوريا والقانون الدولي.
انتقادات أوروبية للأعمال الإسرائيلية
انتقدت كل من فرنسا وألمانيا من التصرفات الإسرائيلية، حيث طالبت فرنسا بإعادة القوات الإسرائيلية من المنطقة العازلة، بينما حذرت ألمانيا إسرائيل، بالإضافة إلى تركيا في شمال سوريا، بعدم تعريض فرص الانتقال السلمي في سوريا للخطر.
قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك: “يجب علينا ألا نسمح بعرقلة عملية الحوار الداخلي السورية من الخارج.”
من جانبها، دعت الولايات المتحدة إسرائيل إلى التأكد من أن توغلها هو “مؤقت”.
دعم واسع داخل إسرائيل للتدخلات العسكرية
ومع ذلك، فإن هناك دعمًا واسعًا بين الإسرائيليين لتصرفات بلادهم الاستباقية. العديد من وسائل الإعلام تبرز الخطر المحتمل الذي تمثله القيادات الإسلامية الجديدة في سوريا، حيث لا تزال هيئة تحرير الشام مصنفة على أنها منظمة إرهابية.
وفي صحيفة يديعوت أحرونوت، هنأ أميهاي عتالي المؤسسات العسكرية والسياسية الإسرائيلية، قائلاً إنهم تعلموا درسًا قيمًا من الهجمات القاتلة التي نفذتها حماس في 7 أكتوبر 2023، والتي أصبحت مفاجأة للبلاد.
وأضاف: “أحد أهم الدروس من الاجتياح والمجازر والاختطافات الجماعية هو أننا لا يمكننا تحمل ترف محاولة تفسير نوايا العدو.”
وواصل القول: “لا يمكننا تحمل ارتكاب أخطاء في هذا المجال. ليس لدينا هامش خطأ لذلك.”