غارات إسرائيلية على مدينة بعلبك اللبنانية التاريخية بعد إصدار أوامر بالإخلاء
أعلنت وزارة الصحة اللبنانية عن مقتل 19 شخصًا، بينهم ثماني نساء، نتيجة الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مدينة بعلبك شرق لبنان. جاء ذلك بعد ساعات من فرار عشرات الآلاف من السكان استجابة لأوامر الإخلاء التي أصدرتها القوات العسكرية الإسرائيلية، والتي شملت المدينة بأكملها وبلدتين مجاورتين.
غارات مكثفة خلال النهار
قال عمدة بعلبك، مصطفى الشل، في تصريح لـ BBC إن أكثر من 20 غارة تم الإبلاغ عنها بعد ظهر الأربعاء في منطقة بعلبك، مع خمسة منها داخل المدينة نفسها، حيث يقع معبد روماني قديم مدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو. وقد أفادت القوات الإسرائيلية بأنها استهدفت مراكز قيادة وتحكم تابعة لحزب الله وبنية تحتية في بعلبك ومدينة النبطية في جنوب لبنان.
استهداف نقاط استراتيجية
كذلك، ذكرت القوات العسكرية الإسرائيلية أنها استهدفت مستودعات الوقود التابعة لحزب الله في وادي البقاع، حيث تقع بعلبك. ولم تقدم تفاصيل دقيقة، ولكن وكالة الأنباء اللبنانية أشارت إلى تضرر خزانات ديزل في بلدة دوريس، حيث أوضح الشل أن الصور تظهر عمودًا ضخمًا من الدخان الأسود يتصاعد إلى السماء.
ردود الفعل بعد تولي قيادة حزب الله
جاءت هذه الاعتداءات في وقت قال فيه الأمين العام الجديد لحزب الله، إن المجموعة ستواصل خطتها الحربية ضد إسرائيل تحت قيادته، وأوضح أنه لن “يطلب وقف إطلاق النار”. وكان نائيم قاسم قد أدلى بهذه التصريحات بعد يوم من إبلاغه بتوليه المنصب، مؤكدًا أنه سيتبع أجندة سلفه حسن نصر الله الذي قُتل في غارة إسرائيلية في بيروت الشهر الماضي. وقد أُلقيت كلمته من مكان غير معلوم وسط تقارير تفيد بأنه فر إلى إيران، التي تعد الداعم الرئيسي لحزب الله.
تصعيد الأوضاع في لبنان
بعد أسابيع من الهجمات الجوية التي أسفرت عن دمار واسع في أجزاء كبيرة من جنوب لبنان وضواحي بيروت، يبدو أن الجيش الإسرائيلي يوسع حملته ضد حزب الله في شرق البلاد، وهي منطقة أخرى يتمتع فيها الحزب بحضور ودعم قويين. تعتبر بعلبك مركزًا سكانيًا رئيسيًا في وادي البقاع، قرب الحدود مع سوريا، وهي منطقة ريفية بشكل كبير وأحد أفقر المناطق في لبنان، حيث أسس حزب الله جزءًا من بنيته التحتية وجند مقاتلين من هناك.
تأثير أوامر الإخلاء على المواطنين
حذرت القوات الإسرائيلية صباح الأربعاء من أنها ستعمل “بشكل قوي ضد مصالح حزب الله”، ما أدى إلى استنفار السكان. وأوضحت رولا زعيتر، مديرة برنامج في تجمع النساء الديمقراطيات اللبنانيات، أن الأوامر أثارت حالة من الذعر بين السكان، بما في ذلك الأسر النازحة من مناطق أخرى في البلاد. وأضافت: “بعد دقائق من صدور الأمر بالمغادرة، ملأت الشوارع بالناس الذين يجمعون أغراضهم، ويقفلون منازلهم، ويغلقون متاجرهم”، مضيفة أن لبنان “يصبح مشابهًا لغزة، حيث تستخدم القوات الإسرائيلية نفس الأساليب”.
مشاهد التوتر على الأرض
أظهرت مقاطع مصورة تم تداولها على الإنترنت تدفق حشود من الأشخاص fleeing من المنازل، ما يدل على حدة التوتر والقلق في البلاد.### ازدحامات مرورية خانقة في لبنان
تشهد الطرق الرئيسية المغادرة من مدينة بعلبك ازدحامات مرورية هائلة. وافادت التقارير بأن أكثر من 1.2 مليون شخص قد تم تهجيرهم في جميع أنحاء لبنان نتيجة لأحداث العنف الأخيرة.
فرار جماعي وصعوبات في التهجير
قال مصطفى الشل إن حوالي 50,000 شخص فروا في غضون ساعتين، لكن العديد من الآخرين قرروا البقاء لأسباب متعددة. وأضاف أن الضربات الأولى من القوات الإسرائيلية يوم الأربعاء بعد الظهر استهدفت الفيلات ومباني سكنية أخرى في وسط المدينة ومحيطها.
الهجمات وأهدافها المجهولة
وأوضح الشل أن “من غير الواضح ما الذي استهدفه الإسرائيليون”، مشيراً إلى أنه “لا توجد مخازن للذخيرة أو أسلحة في بعلبك”. ومن جانبه، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام بأن مناطق مثل تلال رأس العين وأمشكي، بالإضافة إلى المداخل الشمالية والجنوبية لمدينة بعلبك، تعرضت للقصف، بالإضافة إلى استهداف خزانات الديزل في أحوال قريبة.
الضحايا وتأثير الضربات
أعلنت وزارة الصحة اللبنانية عن مقتل 11 شخصًا، بينهم ثلاث نساء، في ضربة على مزرعة سلايبي في منطقة بعلبك، كما سقط نحو ثمانية آخرين، بينهم خمس نساء، في ضربة أخرى على بدنايل. وتوضح التقارير الخاصة أن 11 آخرين قُتلوا في ضربات إسرائيلية بمناطق أخرى من البقاع.
التصريحات الإسرائيلية بشأن الهجمات
بعد الضربات على بعلبك، أعلنت القوات الإسرائيلية أنها نفذت “ضربات قائمة على معلومات استخباراتية” على مستودعات للوقود داخل مجمعات عسكرية تتبع لوحدة التعزيز اللوجستي التابعة لحزب الله. وأكدت القوات الإسرائيلية أنها أصابت “مراكز للقيادة والتحكم وبنية تحتية إرهابية” في منطقة بعلبك.
التخوفات من إلحاق الأذى بالآثار التاريخية
أشار الشل إلى أنه لم تتعرض المواقع الأثرية المدرجة على قائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو في بعلبك، والتي تضم بقايا المعابد الرومانية، للضرر. ودعا السلطات اللبنانية إلى “الاستعانة بالأطراف الدولية للدفاع عن آثار بعلبك”.
استجابة دولية للموقف
وفي يوم الاثنين، دمر عدد من المباني في منطقة ثكنات قوراود جراء الضربات الإسرائيلية، مما أسفر عن مقتل أكثر من 60 شخصًا في جميع أنحاء البقاع. ودعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، مات ملر، إسرائيل إلى عدم تعريض حياة المدنيين للخطر أو الإضرار بالبنية التحتية الحيوية والتراث الثقافي.
جهود التهدئة والأمل في السلام
أعرب رئيس وزراء لبنان، نجيب ميقاتي، عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى وقف إطلاق النار في “الساعات أو الأيام القليلة المقبلة”. وأخبرت مصادر وكالة رويترز أن وسطاء أمريكيين يعملون على اقتراح لوقف إطلاق نار مدته 60 يومًا بين إسرائيل وحزب الله.
تجدر الإشارة إلى أن أكثر من 2,800 شخص قُتلوا في لبنان منذ بدء الاشتباكات، بما في ذلك 2,100 خلال الأسابيع الخمسة الماضية.