غضب في منبج ضد المناهج التعليمية التي فرضتها “الإدارة الذاتية”
14/10/2024
منبج- شهدت مدينة منبج مظاهرات حاشدة شارك فيها طلاب المدارس وسكان المنطقة، إضافة إلى إضراب عام، احتجاجاً على المناهج التعليمية التي فرضتها “الإدارة الذاتية” التابعة لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” مع بداية العام الدراسي الجديد.
وفي تصريح خاص للجزيرة نت، أشار الناشط يونس العيسى، وهو من سكان منبج، إلى أن حركة المقاطعة للمناهج التعليمية بدأت فور توزيعها على الطلاب، وذلك بسبب احتواء الكتب على أيديولوجيا “قسد” وصور قادتها وأفكار عبدالله أوجلان.
كما تداول النشطاء مقاطع فيديو تُظهر اعتراض الطلاب في إحدى المدارس على المناهج الجديدة فور استلامهم الكتب، حيث مزقوا المناهج في باحة المدرسة ورددوا شعارات “الشعب يريد المنهاج القديم”، في إشارة إلى مناهج النظام السوري.
لماذا منبج؟
مثلّت منبج بؤرة لهذه الاحتجاجات. وقد سبق لها أن شهدت مظاهرات ضد سلطات الأمر الواقع، بدءاً من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، ثم تحت سلطة “قسد”، حيث رفض السكان السياسات المفروضة التي تشمل الضرائب والاعتقالات التعسفية.
وفيما يتعلق بأسباب اندلاع المظاهرات في منبج دون غيرها، أشار العيسى إلى أن المناهج كانت تُطبق سابقًا فقط في مناطق شرق الفرات قبل أن تُوزع في غربه، مما ساهم في سرعة رد الفعل من سكان المدينة.
كما لفت إلى أن القبضة الأمنية في دير الزور والحسكة حالت دون مشاركة سكان هذه المناطق، خاصة بعد الحراك العشائري الذي واجهته “قسد” بالقوة.
وأوضح أن “قسد” حاولت احتواء المظاهرات من خلال بعض وجهاء العشائر، ولكن جهودها باءت بالفشل، مما أدى إلى حملة اعتقالات طالت حوالي 50 طالبًا في المرحلة الإعدادية والثانوية، بالإضافة إلى عدد من الشبان الذين شاركوا في الاحتجاجات.
إضافة إلى ذلك، ضغطت الإدارة الذاتية على الأهالي لإرسال أطفالهم إلى المدارس، مهددة بقطع مساعداتهم من الخبز والمحروقات، لكن أهالي منبج أصروا على الاستمرار في الإضراب رغم هذه الضغوط.
كما شملت المقاطعة المعلمين، حيث تلقوا رسائل تحثهم على العودة إلى الدوام، لكن الاستجابة كانت ضعيفة من قبل البعض منهم.
منهاج جديد
الإدارة المشتركة للقطاع التعليمي في منبج
قال الباحث في قضايا السكان والمجتمع بمركز جسور، بسام السليمان، إن قطاع التعليم في منبج منذ العام الدراسي 2017-2018 يخضع لإدارة مشتركة بين النظام السوري و”الإدارة الذاتية” التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، حيث يوجد في كل مدرسة مديران:
- الأول: يتبع لمديرية التربية التابعة للنظام، ويشرف على تدريس المناهج الخاصة بالنظام السوري، ويتكفل بصرف رواتب هؤلاء المديرين التي تتراوح ما بين 400 إلى 500 ألف ليرة سورية.
- الثاني: ينتمي للإدارة الذاتية، التي أنشأت “هيئة التربية والتعليم” لإدارة الملف التعليمي، وتقوم بصرف رواتب المديرين التي تتراوح ما بين مليون إلى 1.5 مليون ليرة سورية.
فرض منهج جديد في المدارس
بدأت الإدارة الذاتية بتوزيع الكتب المدرسية الجديدة الخاصة بها في منبج في 18 سبتمبر/أيلول الماضي، كخطوة لفرض منهاجها التعليمي بعد أن فعلته في بقية مناطق سيطرتها في الحسكة ودير الزور والرقة. وقد لاحظ المدرسون وأهالي الطلاب تغييرات في فقرات عديدة ضمن المواد الاجتماعية، ما ساهم في نشر أفكار “قسد” بينهم، وهو ما يتعارض مع ثقافتهم وهويتهم ودينهم.
التغييرات الأساسية في المناهج الدراسية
وبخصوص طبيعة التغييرات في المنهج الجديد، أشار السليمان إلى أن “قسد” أدخلت مجموعة من التعديلات على العلوم الاجتماعية، حيث فرضت مادة الثقافة والمجتمع، وأحدثت تغييرات في مواد الجغرافيا والتاريخ والتربية الإسلامية لتتناسب مع أفكارها. وفي مادة التاريخ، التركيز على التقويم الكردي، بينما تروج مادة الجغرافيا لإقليم “روج آفا” بحدوده ومقاطعاته، ويتناول منهاج التربية الإسلامية الدين كفلسفة قدمها الأنبياء، مع ذكر الأديان بشكل يحترمها.
احتجاجات الأهالي ضد المنهاج الجديد
شهدت مدينة منبج وريفها مجموعة من الاحتجاجات رفضا لسياسات “الإدارة الذاتية” في فرض المنهاج التعليمي الجديد. خرجت المظاهرة الأولى يوم الجمعة الرابع من أكتوبر/تشرين الأول، تلتها احتجاجات أخرى في الجمعة التالية، حيث طالبت الحشود بوقف المنهاج الجديد. ومع تكرار هذه المظاهرات، أصبحت تخرج بشكل يومي.
تبع ذلك إعلان الإضراب بالمدينة كخطوة للضغط على السلطات لرفض المنهاج الجديد، والمطالبة بالعودة إلى المنهاج السابق المعتمد في مدارس النظام السوري. كما تم إضافة مطالب أخرى تتعلق بسوء الأوضاع الاقتصادية والخدمية.
كما نظم الأهالي اعتصاماً في الساحة الرئيسية بالمدينة، حيث توجه المشاركون نحو مبنى المجمع التربوي، لكن قوات “قسد” انتشرت في المنطقة واعتقلت خمسة طلاب.
رد فعل النظام السوري
وعلى الجانب الآخر، لم يظهر النظام السوري أي رد فعل فعلي تجاه الأحداث في منبج، واكتفى بالاستجابة لمطالب المدراء المرتبطين به، كما أرسل شحنة من الكتب إلى مدارس النظام، لكن “الإدارة الذاتية” منعت دخول هذه الكتب عبر معبر التائهة الذي يربط مناطق النظام مع “قسد”، حسب ما ذكره السليمان.