تستعد محكمة حوثية لإنهاء محاكمة 38 متهماً في قضية الاتجار بالمبيدات المهربة، المحظورة، والتي انتهت صلاحيتها. وتتزامن هذه المحاكمة مع اتهامات تتعلق بتستر الحوثيين على كبار التجار المقربين من قيادات الجماعة، وسط برود في تقديم معلومات حول أعداد الإصابات بالأورام السرطانية في المناطق التي تسيطر عليها.
أغلق ما يُعرف بـ «محكمة الأموال العامة ومكافحة الفساد» التابعة للحوثيين في صنعاء، باب المرافعة في هذه القضية، وأجلت إصدار الحكم لمدة شهر. في جلسة المحكمة، حضر 13 متهماً فقط، بينما غاب التجار الكبار المرتبطون بالحوثيين عن المحاكمة.
الدفاع عن المتهمين
أوضح محامٍ ترافع عن ثمانية من المتهمين، أنه ينفي التهم الموجهة إليهم، مؤكدًا أنهم كانوا مجرد عمال لدى التجار الغائبين. وذكر أنه ليس لديهم أي دور في ترويج المبيدات، حيث كانوا يمارسون أعمالهم بشكل عادي ولم يكن لديهم علم بمخاطر هذه المواد.
يعتبر عبد العظيم دغسان، وصالح عجلان، وإخوته صادق وعلي من كبار المتهمين في هذه القضية، حيث تم اتهامهم بإستيراد وتصدير المبيدات المحظورة مستغلين علاقاتهم بقادة الجماعة.
وطلب المحامي تبرئة هؤلاء العمال، مشيراً إلى أنهم تركوا العمل لدى تجار المبيدات منذ سنوات وعانوا من صعوبات معيشية، حيث ذكر أن أحدهم أصيب بالجنون نتيجة لذلك.
على الرغم من أن القضية تعود لأكثر من ستة أعوام، إلا أنها لم تنظر في المحاكم الحوثية بسبب تبادل المنافع بين المتهمين والجماعة، إلى أن أثيرت مجدداً نتيجة تسريبات وثائق سرية تتعلق بالصراع داخل الجماعة.
تسريبات واتهامات
في ظل تجاهل الإعلام الحوثي لتمويل وتغطية جلسات المحاكمة، ظهرت وثائق في مارس وأبريل الماضيين تثبت تقديم الجماعة تسهيلات لدخول مبيدات سامة إلى مناطقها، رغم التحذيرات بشأن مخاطرها على صحة السكان.
تسعى الجماعة الحوثية حاليًا إلى تعميم الاتهامات على بعض الموظفين في المنظمات الأممية، متهمة إياهم بالمسؤولية عن تفشي المبيدات المسرطنة، ومعتبرة أن الحكومات السابقة قد ساهمت في هذه المشكلة.
وبالرغم من إصدار المحكمة الحوثية أوامر بالقبض على التجار الغائبين، إلا أن التنفيذ لم يتم حتى الآن.
وفي حادثة طريفة، حظي عبد العظيم دغسان بلقاء مع مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين بعد يوم من إصدار أمر القبض، إلا أن وسائل الإعلام الحوثية لم تشر إلى هذا اللقاء.
كان المشاط قد دافع عن تجارة وترويج مبيد «بروميد الميثيل» المحظور دولياً، مزعماً أنه يعد بديلًا غير متوفر ويبرر طلب المزارعين له.
تعتيم المعلومات الصحية
في جانب آخر، تمارس الجماعة الحوثية تعتيمًا على أعداد المصابين بالأورام وتحظر نشر المعلومات المتعلقة بارتفاع الإصابات. وردت أنباء أن توجيهات عليا صدرت لجمع البيانات ولكن سرية تامة تفرض على أي تقارير تتناول هذا الأمر.
تشير المعلومات المتحفظ عليها إلى زيادة كبيرة في أعداد المصابين بالأمراض المحتمل تورط المبيدات المحظورة فيها، حيث تتصدر محافظة إب قائمة الإصابات، تليها محافظات ذمار والحديدة وحجة.
يقدر الخبراء أن تحليل البيانات قد يوضح دور نبتة «القات» في زيادة الأمراض، نظرًا لاستخدام المزارعين المبيدات بشكل زائد.
وفقًا للإحصائيات، يعالج مركز الأورام بصنعاء، تحت سلطة الحوثيين، نحو 160 حالة يوميًا، مع تسجيل حوالي 6000 حالة جديدة سنويًا. وصل عدد المرضى المسجلين فيه لأكثر من 80 ألف مريض.