اغتيالات وفلتان أمني يمنعان سكان درعا من الاستمتاع بأجواء رمضان | سياسة

Photo of author

By العربية الآن

درعا- اعتادت سكان محافظة درعا على سماع أصوات استخدام السلاح يومياً دون أن يعتبروا بها أو يدفعوا لإجراء تحقيق حول سببها أو هويتها. شهدت المحافظة التي تقع في جنوب سوريا سلسلة من عمليات القتل الهادفة منذ عام 2018 بعد سيطرة القوات الحكومية السورية عليها بفعل اتفاق تسوية مع المعارضة برعاية روسية، مما أدى إلى تدهور الأمن بشكل كبير.

وفي حي طريق السد في مدينة درعا، حدثت عملية اغتيال قبل 4 أيام -أثناء انتظار السكان لأذان المغرب- كانت من بين أبرزها، حيث تم استهداف شخص واحد بشكل غير مسبوق في المنطقة. بينما كانت العمليات السابقة في منطقة درعا المدينة تشمل مشاركة ما لا يقل عن 15 مهاجماً مجهولاً يستقلون 3 سيارات و4 دراجات نارية.

وكان المستهدف في هذه العملية هو ياسر خليل فلاحة المعروف بلقب “الحمش”، كان ينتمي سابقا لفصيل من المعارضة السورية وقد غادر المحافظة متجهاً إلى إدلب في يوليو/تموز 2018 بعد اتفاق التسوية الذي وقعته المحافظة. بعد عودته إلى درعا، شارك في عدة عمليات عسكرية ضد مقاتلين ينتمون لتنظيم الدولة في المنطقة، بما في ذلك الحملة التي شنت ضدهم في حي طريق السد في عام 2022 وانتهت بانسحابهم دون تلقيهم أي ضربات قاتلة.

أهالي درعا يفتقدون للأمان في شهر رمضان
وقعت عملية اغتيال في منطقة طريق السد بمدينة درعا، ما أدى إلى مقتل 4 أشخاص بينهم طفل (الجزيرة)

عملية مدبرة

كانت العملية التي استهدفت “الحمش” هذه المرة مختلفة عن العمليات السابقة التي اعتاد السكان رؤيتها وسماعها، إذ كانت تتسم بالظهور العلني في أوقات النهار وفي مناطق مزدحمة. العملية لم تستهدف فقط فلاحة، بل استهدفت أيضاً جميع الأشخاص الذين كانوا في المنطقة والذين قد شاهدوا عملية الاغتيال.

تزامنت العملية مع إطلاق نار كثيف أسفر عن مقتل شاب وطفل بجانب الهدف، وإصابة شابين وطفل آخر بجروح خطيرة، حيث لا يزالوا يتلقون العلاج في المستشفيات حتى اللحظة الحالية.

في شهادته للجزيرة نت، أفاد شقيق أحد الشبان الذين أصيبوا أن العملية كانت كبيرة وتم تنفيذها بعد مراقبة دقيقة من قبل الفاعلين.

أكد أن شقيقه ليس له صلة بأي نشاط مسلح سابق ولا يوجد لديه خلافات شخصية مع أي شخص، إلا أنه كان في موقع الحادث بينما كان يقوم بشراء لحوم من أحد المتاجر في المنطقة.

أوضح أن إصابة شقيقه خطيرة للغاية، وهو “لا يزال في وحدة العناية المركزة حيث تم نقله إلى وحدات الدم، وناشدنا السكان عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمكبرات في المساجد بالذهاب إلى المستشفى للتبرع بالدم”.

أفاد (م. ن) بأن الأطباء استنفذوا مخزون الدم المتوفر مؤقتاً، مما يعني وفقاً لشقيق المصاب، أنه “من الممكن أن نضطر إلى البحث عن متبرعين جدد لاحقاً نظراً للنقص في بنك الدم في مدينة درعا”.

وتابع أفادته: “لقد تلقينا نبأ إصابة شقيقي قبل أذان المغرب بلحظات، وتوجهنا على الفور إلى مستشفى الرحمة الخاص، حيث وجدنا 3 جثث، بينهم طفل عمره 14 عاماً كان ضحية لإطلاق نار عشوائي بوجود أحد المهاجمين بالقرب منه”.

الرهبة من التجمعات

أصبح الخوف منتشراً بين السكان بسبب زيادة عدد عمليات الاغتيال، مما دفعهم لتجنب العادات التي كانوا يمارسونها في الماضي، بما في ذلك التجمع أمام منازلهم قبل أذان المغرب في شهر رمضان.

فقد تأثرت أنشطة المتاجرةفي درعا، تتوقف الأنشطة في وقت مبكر، حيث تُغلق المتاجر أبوابها قبل غروب الشمس، على عكس الأيام السابقة حيث كانت الأسواق مزدحمة حتى وقت متأخر من الليل.

لم تُقتصر عمليات الاغتيال التي شهدتها المنطقة خلال السنوات السابقة على العسكريين أو رجال الأمن فقط، بل طالت أيضًا مدنيين، بمن فيهم أطفال ونساء، على الرغم من الأخبار التي يتداولها الناس بأن المستهدفين كانوا مرتبطين بتجارة المواد المخدرة أو ممارسة السحر والشعوذة.

منذ تحكم قوات النظام في مدينة درعا عام 2018، صارت المدينة تعاني من نقص وجود قوات حفظ الأمن التي تعمل على وقف مثل هذه العمليات أو غيرها من التجاوزات مثل عمليات السرقة، وكان هذا من مسؤولية فصائل المعارضة.

وعلى الرغم من الجهود التي بذلها وجهاء المنطقة لإنشاء قوة محلية من أبناء المنطقة لوضع حواجز ليلاً للسيطرة على الأمور وحماية المدنيين واستعادة بعض الأمان لهم، لكنها لم تنجح.

أهالي درعا يفتقدون للأمان في شهر رمضان
منذ بداية العام الجاري أسفرت عمليات اغتيال متتالية في درعا عن مقتل 49 شخصا (الجزيرة)

الجهود لاستعادة الأمن

يقول (أ. م) أحد وجهاء مدينة درعا، لـ”الجزيرة نت”، إن الوجهاء سبق لهم العمل على العديد من المبادرات التي تهدف إلى حماية المدينة، إلا أنها لم تحقق النجاح بسبب عوامل عدة، أبرزها رفض جزء كبير من الشباب المشاركة بعد عودتهم لحياتهم الحضرية واهتمامهم الأساسي بتوفير متطلبات أسرهم.

وفي حين طالب آخرون بتوفير مبالغ مالية كرواتب للشباب الذين سيقومون بحماية المنطقة، إلا أن عدم توفر الأموال عند الوجهاء أدت إلى فشل تنفيذ هذه المبادرة.

وأضاف أن تنفيذ هذه المبادرة يتطلب مشاركة كبيرة من الشباب نظرًا لكثرة المداخل والمخارج بين مناطق المحافظة ودرعا المحطة التي لم تغادر سيطرة النظام السوري منذ سنوات، وهي تُعتبر البداية لعمليات الاغتيال في اتجاه منطقة درعا البلد.

وأشار إلى أن تلك المبادرات طُرحت بعد انخراط المنطقة في اتفاق تسوية منذ عامين، أي في منتصف عام 2021، قبل أن تتعرض المنطقة لحملة عسكرية من قبل قوات النظام السوري، مما زاد من انتشار الفلتان الأمني وتكرار عمليات الاغتيال يومًا بعد يوم.

منذ بداية العام الحالي، أسفرت سلسلة عمليات اغتيال في درعا عن مقتل 49 شخصًا وإصابة العديد، بما في ذلك مدنيين وأطفال، وفي العام السابق قتل ما لا يقل عن 270 شخصًا في مناطق متفرقة بالمحافظة، وكثير من هذه الهجمات لا تعرف الجهة المنفذة لها.

في محافظة درعا تنشط العديد من الجماعات المسلحة، منها تلك التي انضم أفرادها إلى الجهات الأمنية بعد جندهم تحت قوس حمايتهم من الاعتقال، وكان لهم دور في الحملات العسكرية والمداهمات التي استهدفت المعارضة.

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.