علماء أتراك يكتشفون آثار مسجد يُعتقد أنه أُنشئ في العصر العباسي
تتواصل أعمال التنقيب في المدينة التي تُعرف تاريخيًا باسم “المدينة التي لا تُقهر”، والتي أُدرجت ضمن قائمة التراث العالمي المؤقتة لليونسكو.
تدير الحفريات الأثرية الدكتور فاتح أرهان، وهو عضو هيئة التدريس في قسم الآثار بكلية الآداب والعلوم بجامعة عثمانية قورقوت أتا، بمشاركة حوالي 200 باحث وآثاري.
في أنوارزا، التي تُعرف بالعربية بـ “عين زربة” وبالإغريقية “أنازاربوس”، تم اكتشاف مجموعة من الآثار التاريخية الهامة خلال موسم الحفريات الحالي، وأبرزها بقايا المسجد الذي يُعتقد أنه أُنشئ في العصر العباسي.
تم العثور على الآثار المعمارية التي يُحتمل أن تعود للمسجد على تلة في قلب مدينة عين زربة (أنوارزا) الشهيرة باحتوائها على أول طريق مزدوج في العالم.
يجري العمل على الكشف عن المزيد من الاكتشافات التي قد تساعد في توضيح تفاصيل هذا المسجد، الذي يُفترض أنه أُسس في زمن الخليفة العباسي هارون الرشيد، والذي لم يتم تحديد موقعه بدقة من قبل.
بقايا لمسجد من العصر العباسي
قال الدكتور فاتح أرهان، رئيس فريق الآثاريين، إن أنوارزا تعد من أبرز المدن الأثرية في تركيا.
وأضاف أرهان لمراسل الأناضول أن أعمال الحفريات في المدينة بدأت في عام 2013، وما زالت مستمرة خلال الموسم الحالي بمشاركة حوالي 200 باحث وآثاري.
وأكد أرهان أن الآثار المكتشفة في مركز المدينة تعود لمسجد يمتد على مساحة تتراوح بين 80 إلى 120 مترًا.
Anadolu’nun ilk camisi ‘Yenilmez Şehir’de gün ışığına çıkıyor.🕌
Anavarza Antik Kenti’nde, Halife Harun Reşid tarafından yaptırılan büyük Abbasi camisi olduğu düşünülen mimari kalıntılara ulaşmanın mutluluğunu yaşıyoruz.👏
Bu benzersiz bulgu, tarihimizdeki derin izleri gün… pic.twitter.com/kZ43RJlc1B
— Mehmet Nuri Ersoy (@MehmetNuriErsoy) August 2, 2024
أضاف أرهان أن المصادر الإسلامية والبيزنطية تشير إلى وجود مسجد كبير بناه الخليفة هارون الرشيد بين عامي 796 و797 ميلادي، وأن المدينة كانت محاطة بأسوار في تلك الفترة. وتذكر المصادر أن المسجد تعرض للتدمير والحرق عام 962م بعد مذبحة مروعة قام بها القائد البيزنطي نقفور فوكاس.
أول مسجد في الأناضول
أشار أرهان إلى أن بقايا أثرية تتعلق بالمجزرة التي نفذها نقفور فوكاس، والتي تم ذكرها في كلا من المصادر البيزنطية والإسلامية.
وأضاف: “نعتقد أن الآثار والمعمارية المكتشفة تعود للمسجد العباسي الكبير الذي كان موجودًا في المنطقة. ومن خلال الحفريات، تظهر بوضوح آثار تعود لعام 962م حين قام نقفور فوكاس وشقيقه لوكاس فوكاس بحرق المدينة باسم الإمبراطورية البيزنطية”.
وتابع: “نعلم أن الوجود التركي في الأناضول بدأ يتضح أكثر بعد عام 1071، لكن هذه الاكتشافات تُظهر أن الوجود الفعلي للمسلمين والأتراك في المنطقة بدأ قبل ذلك بكثير، أي قبل 200 عام من ذلك. نقطة أخرى مهمة هي أن مسجدًا تم بناؤه في أنطاكية عام 638، لكنه أصبح ضمن المنطقة العربية التقليدية خلف جبال أمانوس، وهذا يجعل المسجد في أنوارزا يُعتبر الأول في الأناضول والأراضي التركية الحالية”.
أشار أرهان إلى أنهم خلال التنقيب اكتشفوا وجود طبقات من الطوب وطبقة سمكية من الرماد وعظام يُعتقد أنها تعود لأطفال ونساء ورجال بالغين، بالإضافة إلى سيراميك عباسي.
وأكد رئيس الفريق أن التصميم الأساسي للمسجد قد تم تحديده استنادًا إلى الأدلة المتاحة من خلال المسح الذي جرى على سطح الأرض.
تصميم يشبه المسجد الأموي
أفاد أرهان أن الجدران التي تم كشف النقاب عنها تشمل بقايا حمام ومرافق أخرى كانت تُستخدم لأغراض متنوعة وارتبطت بالمسجد.
وأوضح أن تصميم المسجد يشبه تصميم المسجد الأموي في دمشق، حيث إنه مستطيل الشكل وموجه نحو الجنوبية والقبلة، ويحتوي على مساحة خاصة بالعبادة محاطة أروقة.
اختتم أرهان بالتأكيد على أن الجهود في الحفريات لا تزال مستمرة، وأن الفريق يخطط لإجراء دراسات أنثروبولوجية على العظام المكتشفة قريبًا، بالإضافة إلى وضع خطط لتحديد مواقع المحراب والمنبر والمرافق الجانبية، لبدء عملية الترميم في أقرب وقت ممكن.
رابط المصدر