“اكتشف الحقيقة”
الحرب التي كانت مفترضة تحقيق تغييرات تكبح رغبات الطامحين إلى السيطرة من النيل حتى الفرات ومن المحيط إلى الخليج بقوة مفرطة، ولكن لم تكن متوقعة للمتشردين الذين كانوا يستغيثون لفترة طويلة وسط صمت العالم، والذي كان يغمض عينيه أمام أكاذيب الغرب ووسائل إعلامه الموجهة.
حكومة الاحتلال واصلت قمع الشهود، الذين يمثلون النخبة من الأكاديميين والمفكرين وطلاب الجامعات، لتبرير هجماتها ضد حماس والجماعات الأخرى، واستنكرت نتنياهو تصرفاتها باعتبارها دفاعًا عن النفس.
امرأة العزيز لم تستطع قمع الحقيقة التي دفعتها شهواتها، ولكنها نجحت في دفع يوسف للسجن بعد أن اتهمته بالتحرش، وهو ما يعكس سياسة إسرائيل في طمس الهوية الفلسطينية وحقوقها والقضاء على المقاومة.
الشهود أظهروا الحقيقة بوضوح، كاشفين عن تاريخ إسرائيل الدموي، ومدى تحكم اللوبي الصهيوني في السياسة العالمية، ورغم دعمها من الدول الكبرى، فإن الحقيقة بدأت تبرز بقوة.
مع تحرر الأجيال من السيطرة النفسية، بدأ الشهود يروون الحقيقة بشجاعة، ويغيرون مسار الأحداث على أساس العدالة وليس حسب مصالح إسرائيل، وبدأوا في إلقاء الضوء على جرائمها وأكاذيبها.
بوصفهم نباتات سامة تم بيع ذممهم على الأرجح سيلتزمون بوعودهم بعدما أظهرت الحقيقة نفسها في كل فصولها
لذا قامت السلطة بتنفيذ عمليات قمعية ضد الشهود الذين يمثلون النخبة من الأكاديميين والمفكرين وطلبة الجامعات من أجل إنهاء هذا الفصل من قصصهم التي تحكي عن حماس وحركات المقاومة الأخرى، وتبرأت دولة نتنياهو بحجة أن ما يقوم به هو دفاع عن النفس، وبالتالي، فإن هذا الشاهد لا يندرج تحت إشادة الارتباطات التي تحاول فرض تقوية "السجن" في غزة بالكامل، على الرغم من وجود البراهين والأدلة الساطعة التي تدين جميع الأعمال المدبرة وغير الإنسانية.
قد أكتسب الحق تأكيداً منذ ظهور طوفان الأقصى، ونشأت حركات أحرار العالم التي دمرت كل ما يتعلق بـ "الحريات" التي ادعى الغرب حمايتها ودفاعه عنها يستضيف الكثيرون من الذين خانوا ديارهم، بوصفهم نباتات سامة بيعت ذممها على الأرجح ستعود إلى نموها بمجرد إظهار الحقيقة بكل تفاصيلها، لذلك ومع تلك الوقفات التي غيرت المسارات والمخططات التي طمح المتحالفون تنفيذها، فإننا نتوقع إحياء الحراك العربي / الإسلامي حتى ولو من خلال التقليد الذي عاش عليه لفترات طويلة، لأن ما قامت به إسرائيل في لحظتها الأخيرة في غزة وما تفعله حالياً في رفح من اجتياح يُعتبر أخطأ استراتيجياً وسياسياً بمعنى الكلمة، على الرغم من أن حركة حماس وافقت على الهدنة ملقية كرة اللهب في وجه الاستفزاز الصهيوني، وعلى الرغم من عدم ثقتنا في جميع الاتفاقيات معهم بسبب خرقهم للعهود، إلا أن ما تفرضه السياسة في كثير من الأحيان يتطلب صبرًا ومهارة في فهم الموجود بين السطور.
بعد أن تم تأكيد الحق وأقرت المرأة العزيزة بأنها هي التي شغفت به، أصرت على أن ينفذ أو يُسجن، وبالتالي كان السجن هو الخير لسيدنا يوسف، وهذا هو الموقف الأفضل لأهل غزة، فالحصار الذي تعرضوا له كان الأنسب لهم لأنهم لا يمكن أن يُهانوا على أيدي عدو خائن للعهود وعالم متواطئ لهذه الإبادات، وشقيق وجيران اتفقوا على أن يجعلوا غزة في غياب الاعتبار وتقويض حركات المقاومة بدعم من وعود لا أساس لها من التطبيق، فأصبحوا معارضين لمجريات الحقيقة التي غمرها التناقض في العالم بأسره، لذا دفع الحراك الجامعي في أميركا وأوروبا الحكومات إلى تكثيف الإجراءات الأمنية والتعامل مع المتظاهرين بطرق توحي بأن السحر سينقلب على الساحر في النهاية.
صوت غزة وصل إلى أعلى السماء وارتد إلى الأرض بأكملها، وسيخرج من السجن كما خرج يوسف للاهتمام بشؤون الناس، سيكون الصوت الذي يرتجف في العالم ويعيد هوية الإسلام ويعتني أيضًا بحقوق الناس، لأن الحق دائمًا ينتصر.
أصبحت الحقيقة واحدة من الضحايا التي بدأت تتحرر فصولها بالتدريج، على الرغم من الخجل، من خلال أنظمة إعلامية كرست جهودها لكسر احتكار المعلومات والكذب والتضليل الواضح وتشويه الحقائق وتلاعبها باستمرار في كل أنحاء العالم من خلال مزاعم الحيادية في نقل الواقع التي أثارت استياء الحكومة الإسرائيلية وردت بإغلاق ومصادرة وقتل واستهداف الصحفيين، منها إغلاق مكتب الجزيرة في تل أبيب، وذلك بعد أن جسدت الجزيرة بفرقها المهنية الثقة العميقة حتى وصلت إلى جوهر الحقيقة.
ضغط حرية التعبير وتقييد نقل الحقيقة يتجسد بوضوح في إغلاق مكتب قناة الجزيرة في تل أبيب وقمع التظاهرات الطلابية في الجامعات الأميركية والأوروبية وهما الحدثان الذين يتجهان نحو منح الحق صوتًا وصدى في أنحاء العالم، فتوزيع المعلومات وتبادل الأخبار الفورية جعل الجزيرة تحت مرمى انتباه الحكومة الإسرائيلية التي سارعت إلى الإغلاق والمصادرة لكل ما ينقل الواقع، بينما كان قمع التظاهرات الطلابية استخدامًا للسلطات لتقييد حق الطلاب في التعبير عن آرائهم واحتجاجهم على الأحداث السياسية وانتهاكات حقوق الإنسان.
صوت غزة وصل إلى أعلى السماء وارتد إلى الأرض بأكملها، وسيخرج من السجن كما خرج يوسف للاهتمام بشؤون الناس، سيكون الصوت الذي يرتجف في العالم ويعيد هوية الإسلام ويعتني أيضا بحقوق الناس، لأن الحق دائما ينتصر.