الأفارقة طالبو اللجوء في إسرائيل: بين الطرد والقتال في غزة

Photo of author

By العربية الآن



المصير المجهول لطالبي اللجوء الأفارقة في إسرائيل: إما الطرد أو القتال في غزة

طالبو لجوء أفارقة يحتجون على سياسة الترحيل الإسرائيلية (شترستوك -أرشيف)
طالبو لجوء أفارقة يحتجون على سياسة الترحيل الإسرائيلية (شترستوك -أرشيف)

حصلت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية على شهادات مباشرة من طالبي لجوء أفارقة، حيث عُرض عليهم الانخراط في المجهود الحربي في غزة من قبل مؤسسات تابعة للجيش الإسرائيلي، وذلك مقابل وعد بمساعدتهم في الحصول على إقامة دائمة في إسرائيل. هذا الأمر يضعهم في موقف خطر يهدد حياتهم، وهو ما يتعارض مع القيم الأخلاقية كما ورد في تقرير الصحيفة.

التقرير، الذي نشر في 15 سبتمبر/أيلول، أظهر أن أي طالب لجوء أفريقي انخرط في المجهود الحربي لم يحصل بعد على وضع قانوني رسمي، حيث أن من بين حوالي 30 ألف طالب لجوء أفريقي معظمهم وصلوا إلى إسرائيل منذ نحو عقد، تمت الموافقة على عدد قليل جداً منهم فقط.

يُذكر أن السلطات الإسرائيلية تصنف طالبي اللجوء بأنهم هربوا من بلدانهم بسبب مخاوف مبررة أو اضطهاد. ولكن بدلاً من منحهم حقوقهم، تستغلهم إسرائيل كأدوات تنفيذية في حلقات من العنف.

من هم طالبو اللجوء من أفريقيا؟

تشير جمعية مساعدة المهاجرين العبرية إلى أن عدد طالبي اللجوء الأفارقة في إسرائيل تجاوز 45 ألف شخص، وهو ما يزيد بحوالي 15 ألفاً عن الرقم الذي ذكرته “هآرتس”، التي قدرت العدد بحوالي 30 ألف.

التقرير يُظهر أن نسبة 73% من هؤلاء طالبي اللجوء هم من إريتريا و19% من السودان، أغلبهم فروا من النزاعات والإبادة. مع زيادة الصراعات في هذه المناطق، ارتفع عدد طالبي اللجوء منذ عام 2018.

تواجه هذه المجموعة صعوبات في سوق العمل، حيث تُعطى لهم رواتب منخفضة وعادة ما يُجبرون على العمل في وظائف يرفضها الإسرائيليون. كما أصدرت الحكومة مؤخرًا قوانين تحد من فرص العمل المتاحة لهم، مما يزيد من فقرهم ويجعلهم عرضة للاستغلال.

أكثر من 45 ألف طالب لجوء أفريقي يعيشون في دولة الاحتلال الإسرائيلي (شترستوك)
أكثر من 45 ألف طالب لجوء أفريقي يعيشون في دولة الاحتلال الإسرائيلي (شترستوك)

مشروع منظم

تحدث تقرير “هآرتس” عن مشروع منظم لم يُفصح عنه، تديره وزارة الدفاع الإسرائيلية، يستهدف حوالي 30 ألف طالب لجوء أفريقي، معظمهم من الشباب. معظمهم حاصلون على وضع مؤقت لأن الحكومة لم تتعامل مع طلباتهم بشكل مناسب.

تُظهر إحصائيات الاحتلال أن 0.5% فقط من الطلبات تضمنت أسبابًا قانونية، والباقي صنفوا كمهاجرين دخلوا البلاد بشكل غير قانوني بحثًا عن فرص عمل، ما يمنعهم من الحصول على حماية قانونية دولية.

في المقابل، تمنح الدول المتقدمة نسبة 82% من طلبات اللجوء من إريتريا والسودان، مما يزيد من تعقيد وضعهم في إسرائيل.

تقيم وزارة الدفاع المستوى الذي يمكن أن تنهال فيه المساعدات على طالبي اللجوء من خلال استغلال رغبتهم بالحصول على وضع دائم.

يُظهر التوجه العسكري الإسرائيلي أن هناك جهوداً واضحة بينها وبين وزارة الداخلية للتعامل مع اللاجئين بطريقة تضمن أن يتم إدماجهم بشكل أكثر جدية في المجتمع.

وتجري عمليات استدعاء لطالبي اللجوء من قبل الشرطة دون تفسيرات واضحة، حيث يتم إخبارهم لدى وصولهم أن المؤسسة تبحث عن عناصر مميزة للانضمام إلى الجيش.

كما ورد في التقارير، يتم العمل على إقناع البقية بأن تواجدهم يساعد في المجهود الحربي، وقد يتعرضون لعواقب في حال الرفض.

الطرد والترحيل كان الخيار الأول للتخلص من طالبي اللجوء الأفارقة في إسرائيل ثم انتقل إلى توظيفهم في حرب الإبادة (شترستوك)
الطرد والترحيل كان الخيار الأول للتخلص من طالبي اللجوء الأفارقة في إسرائيل ثم انتقل إلى توظيفهم في حرب الإبادة (شترستوك)

انحدار دون قاع

تجلى تناقض ممارسات الاحتلال بخيار الطرد والترحيل للطالبي اللجوء ليصبحوا وقودًا في صراعاته، فبين عامي 2005 و2012، عبر العديد من الأفارقة إلى إسرائيل عبر صحراء سيناء. وفي 2017، أُعلنت خطة لترحيل 20 ألف مهاجر أفريقي تحت شعار “إما السجن أو الرحيل”.

رافق ذلك صعود اليمين الإسرائيلي الذي دعا لعزل هؤلاء المهاجرين، مما أدى لزيادة المعاناة والعنف ضدهم. ورغم ذلك، يبدو أن عملية استغلال اللاجئين قد انتقلت من الطرد إلى استهدافهم للتجنيد، كما أشار تقرير “هآرتس”.

تظل إسرائيل مستمرة في انتهاك حقوق طالبي اللجوء وفق المعايير القانونية الدولية، حيث أن اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951 تشدد على عدم الإعادة القسرية وضرورة معالجة الطلبات بشكل سريع.

استنزاف قوات الاحتياط بالجيش الإسرائيلي بسبب استمرار القتال في غزة (جميع الصور تصوير المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي)
استنزاف قوات الاحتياط بالجيش الإسرائيلي بسبب استمرار القتال في غزة (الصحافة الإسرائيلية)

مؤشر على استنزاف الجيش

منذ 7 أكتوبر، يعاني الجيش الإسرائيلي من نقص واضح في عدد جنوده، وقد كان هناك تحذيرات مسبقة من هيئة الأركان العامة بشأن نقص حاد في الموارد البشرية نظرًا للخسائر الكبيرة في صفوفهم.

وخلال الفترة الأخيرة، انتقد عدد من الجنرالات الإسرائيليين السابقين أسلوب القيادة الذي أدى إلى تقليص القوات العسكرية، ما ترك الجيش ضعيفًا من حيث العتاد والموارد البشرية.

وتشير جميع المعطيات الحالية إلى أن الاحتلال قد يلجأ إلى طرق جديدة للتجنيد، مثل الموظفين الأجانب واللاجئين بسبب نقص الموارد.

الأفارقة طالبو اللجوء في إسرائيل بين الطرد والقتال في غزة.webp طالبي اللجوء في إسرائيل طالبي اللجوء في إسرائيل
إسحاق بريك وجّه انتقادات لقادة الجيش بسبب تصوراتهم التي عملت على تقليص حجم الجيش (الصحافة الإسرائيلية)

رد فلسطيني

في ردٍ رسمي على محتوى تقرير “هآرتس”، أدانت حركة حماس ما ورد فيه، مشيرة إلى أن تجنيد الاحتلال لطالبي اللجوء الأفارقة للقتال في غزة هو تجسيد لانحدار أخلاقي عميق.

وأضاف بيان الحركة أن ذلك يمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، ويستغل الحاجة الماسة للاجئين من أجل الزج بهم في صراعات عنيفة، ويؤكد على ضرورة محاسبة قادة الاحتلال على انتهاكاتهم للقوانين الدولية.

مزدوجو الجنسية والمرتزقة

قبل الكشف عن مساعي تجنيد طالبي اللجوء، تناولت عدة تقارير انضمام مرتزقة من دول أخرى إلى الجيش الإسرائيلي، إذ أعربت حكومة جنوب أفريقيا عن قلقها من انضمام مواطنين جنوب أفريقيين إلى الجيش الإسرائيلي، محذرة من العواقب القانونية التي قد تواجههم.

وفي تركيا، تم مناقشة مشروع قانون يهدف لاستبعاد الجنسية عن الأتراك الذين ينضمون للجيش الإسرائيلي، كما أُثيرت دعوات في البرلمان الفرنسي لمحاكمة المواطنين الفرنسيين مزدوجي الجنسية الذين يقاتلون مع الجيش الإسرائيلي.

إن استغلال الاحتلال لطالبي اللجوء الأفارقة في صراع سياسي وعسكري يمثل سابقة خطيرة يجب أن تستدعي استجابة المجتمع الدولي وتطوير آليات فعالة للتصدي لمثل هذه الممارسات.

المصدر : الجزيرة



رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.