الباتيك الإندونيسي: فن تقليدي يجسد روح وطبيعة جاوا

Photo of author

By العربية الآن

الباتيك: فن يعكس روح وتراث جاوا

الباتيك في إندونيسيا.. فن تقليدي يعكس روح جاوا وبيئتها

vendors at a trade fair this month in jakarta to mark national batik day [yasuyoshi chiba/afp]
بائعون في معرض تجاري بجاكرتا احتفالا باليوم الوطني للباتيك (الفرنسية)
سولو، إندونيسيا- غوناوان ستيونو هو الجيل الرابع من صانعي الباتيك والبائعين في عائلته، وينتمي إلى المدينة الملكية التاريخية سولوكرتا أو سولو في جاوا الوسطى، والتي تعرف أيضًا بعاصمة الباتيك في إندونيسيا. وقال ستيونو: “الباتيك هو فن خاص أصله إندونيسي -خاصة جاوا- حيث يُستخدم الشمع والصبغ لتشكيل التصميمات”.

تاريخ وتقنيات الباتيك

ويؤكد ستيونو أن الأصل الدقيق للباتيك ما يزال غامضًا، إلا أنه يُعتقد أنه يعود إلى العصور القديمة عند استخدام القماش كملابس وصبغه بألوان متنوعة إضافة للرموز. وبدأ الاستخدام بالشمع في إندونيسيا، مع تقنيات مماثلة في مصر وماليزيا وسريلانكا والهند وأجزاء من الصين.

الألوان تعكس البيئة

يقول ستيونو: “ألوان باتيك سولو تعكس الطبيعة المحيطة، حيث تتواجد أشكال البني والبيج والذهبي. بينما المناطق القريبة من البحر غالبًا ما تفضل الأزرق والأخضر، وتستخدم المناطق بالقرب من البراكين النشطة ألوانًا كالأحمر والبرتقالي”.

a craftswoman makes traditional batik using a tool with melted wax to draw patterns on fabric at a local batik shop in surakarta, central java, on july 30, 2024 [yasuuoshi chiba/afp]
امرأة ترسم أنماطًا بالشمع على قماش في متجر باتيك محلي بسوراكارتا، جاوا الوسطى (الفرنسية)

رمزية ووظائف الباتيك

يضيف ستيونو: “لا يمكن ارتداء الباتيك بشكل عشوائي، فلكل تصميم وظيفته الخاصة ومعناه وفلسفته. تتضمن المناسبات الخاصة للاستخدام تصميمات للحوامل، والنساء اللواتي أنجبن حديثاً، والأطفال الذين يتعلمون المشي، وحفلات الزفاف، والجنائز وأيضاً الترقيات.”

رابط المصدر

تحديات الباتيك في العصر الحديث

منذ قرون وإندونيسيا تُعرف بصناعة الباتيك، والتي تواجه الآن تحديات كبيرة للحفاظ على رواجه في العصر الحديث. يبرز الخبير ألفا فيبيلا برياتمونو من سولو أهمية إدراك فن الباتيك ضمن سياق أوسع من مجرد كونه فن نسيج. يقول برياتمونو: “يجب معرفة أن الباتيك عملية صبغ باستخدام الشمع لتشكيل التصميم، ويمكن استخدامه على مواد مختلفة كالسيراميك والخشب والجلد”.

التصاميم الحديثة وتحديات العودة للجذور

يشير الخبير إلى أن بعض التصاميم الحديثة تستخدم مواد كيميائية لتكسير الشمع قبل الطباعة، مما يخرجها عن الإطار التقليدي للباتيك. يقول برياتمونو: “نحن بحاجة لدعم الباتيك لأبعاده الفنية، الثقافية والفلسفية، فهي مصدر قوته الحقيقي”. ويوضح أهمية تعليم الجمهور والشباب عن الباتيك الحقيقي وتقدير المنتجات الأصلية في ظل التحديات الاقتصادية والمنافسة مع الأقمشة المستوردة الرخيصة.

برامج تعليمية وإحياء التراث

يعمل برياتمونو على تطوير برامج تعليمية لتعريف الشباب بأبسط رموز الباتيك، بالإضافة إلى برامج صديقة للبيئة تستخدم الأصباغ الطبيعية في عملية الإنتاج. كما يسعى إلى تجديد الصناعة في سولو، مع استمرارية حوالي 40 إلى 50 بائعًا في المنطقة، رغم تأثيرات الأحداث التاريخية والجائحة الأخيرة.

الآفاق المستقبلية للباتيك

يرى برياتمونو وآخرون أن المستقبل واعد، مع تعزيز إندونيسيا للباتيك داخل البلاد وعلى الساحة الدولية بدعم حكومي. ويُصوّر هذا الاهتمام في قمم آسيان حيث يرتدي القادة الباتيك، معتبراً هذا الفعل كمحاولة لترويج الباتيك كرمز ثقافي وعالمي.
رابط المصدر

دور الباتيك في الثقافة الإندونيسية

يشتهر الباتيك، الفن التقليدي للطباعة على القماش بالنقوش اليدوية، بأنه لباسٌ مميز في السياسة والثقافة الإندونيسية. ارتدى قادة من مختلف أنحاء العالم الباتيك أثناء مؤتمر التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي (آبيك) عام 2013 في إندونيسيا. كما يرتدي العديد من الشخصيات العامة في إندونيسيا الباتيك بشكلٍ منتظم، مثل جيبران راكابومينغ راكا، نائب الرئيس المنتخب السابق ووزير السياحة ساندياجا أونو.

الباتيك في الحياة اليومية

يُعتبر الباتيك جزءًا من الحياة اليومية في إندونيسيا، حيث يُرتديه الموظفون العموميون والعاملون في المكاتب كجزء من “يوم الجمعة العادية”. وتحتفل البلاد بيوم الباتيك الوطني في 2 أكتوبر من كل عام، مما يعكس أهمية هذا التقليد الثقافي.

جيل جديد وتحديات الصناعة

تنقل عائلات مثل عائلة ستياءوان موهبة صنع الباتيك من جيل إلى جيل، لكن الأجيال الشابة تفتقر أحيانًا إلى الرغبة في مواصلة هذا العمل نظرًا لتحدياته المالية. عائلة الصحفي سيفاول عريفين من سولو معروفة ببيع الباتيك، ولكنه اختار اتجاهًا مختلفًا ليصبح صحفيًا، مشيرًا إلى تحديات استمرارية الأعمال العائلية التقليدية.

singapore’s then-prime minister lee hsien loong and his minister for defence ng eng hen (left) wear batik on an official visit to jakarta in april this year [bay ismoyo/afp]
رئيس الوزراء المنتهية ولايته في سنغافورة لي هسين لونغ في زيارة لإندونيسيا يقف بجانب الرئيس جوكو ويدودو (يمين) وأمامهما وزيرا الدفاع بالبلدين يوقعان وثائق وجميعهم يرتدون الباتيك (الفرنسية).

إحياء الهواية التقليدية

يهدف ستياءوان من خلال ورشاته في كامبونغ بتيك كاومان إلى إحياء اهتمام الشباب بحرفة الباتيك. يتيح متجره للزوار التجربة عمليًا عن طريق صنع تصميماتهم الخاصة من الباتيك، مما يُقدّم لهم تجربة التعلم والمشاركة في هذا الفن التقليدي.

الطالبة والسائحة ريزكا، البالغة من العمر 19 عامًا، شاركت في ورشة العمل لتعلّم شيء جديد، وتعتبر هذه الطريقة إحدى وسائل جذب الشباب والاستمرار في الحفاظ على هذا التراث.

إحياء فن الباتيك الإندونيسي التقليدي

gunawan setiawan is the fourth generation of batik makers in his family [aisyah llewellyn/al jazeera]

غوناوان ستياءوان يرتدي قميصا ذا لون ماروني ويحمل قميصين بتصاميم زرقاء وهو في غرفة مغطاة بالألواح الخشبية مع كراسٍ منسوجة (الجزيرة)

الفن الإندونيسي والتاريخ الإبداعي

ريزكا، طالبة دراسات في جامعة سورابايا، أعربت عن اهتمامها الشديد بكافة أشكال الفن الإندونيسي. وأكدت على الأهمية البالغة لفهم التاريخ الإبداعي لإندونيسيا، موضحة أن فن الباتيك يتميز بقدرته على التكيف مع الزمن والتطور ليواكب الأحداث الجارية، رغم كونه يعد من الحرف التقليدية القديمة. وتعتقد ريزكا أن مسؤولية حفاظ على هذا الفن تقع على عاتق الأجيال الحالية.
رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.