### البحث عن منقذ
في كتابه “البحث عن منقذ”، يتناول الباحث فالح مهدي الشعوب التي تعاني من الظلم والإذلال، وكيف يرتبط مصيرها بمعيار شامل يتطلع إلى منقذ يأتي ليحقق العدالة ويدفع عنهم الظلم. هذا المنقذ، الذي استعار اسمه من أساطير الأديان، ينتظر أن يعود عبر آليات البعث أو النشور ليحقق ما فاتهم من حياة كريمة. عبر العصور، اكتسب هذا المخلص أسماءً متنوعة، كـ”كريشنا” في الهندوسية، و”بوذا” في البوذية، و”زرادشت” في المجوسية، بالإضافة إلى مفهوم المسيح المنتظر والمهدي المنتظر في الديانات الإبراهيمية.
### الانتظار كمفهوم روحي
تنطلق فكرة الانتظار من الاعتقاد بأن الشر لا يمكن أن يُواجه بالقوى البشرية الفانية، بل يتطلب دعم القوى الإلهية. لذلك، يتمسك الأفراد بتقاليد دينهم لتسريع استجابة هذه القوى، وإلا يعيشون في حالة من الانتظار الدائم. هذا الانتظار ليس فراغًا، بل هو ترقب لأمل في مستقبل أفضل، حيث يعيش المؤمنون في حالة من الفقد والعاطفة، غير قادرين على التعامل مع الحاضر أو الماضي.
### الأسطورة وواقع الفقر
تظهر الحاجة إلى بطل في كل مجتمع ضعيف، يتطلع إليه المقهورون كرمز للأمل. تحيك الجماهير حول هذا البطل أساطير تعبر عن ضعفهم، مثلما حدث للعراقيين بعد مقتل عبد الكريم قاسم، حيث حولوا ذكراه إلى جزء من أسطورتهم. حتى في وفاته، استمروا في تطلعاتهم إليه كبطل.
### الأبطال في عصر تغيرت فيه المفاهيم
ليس من الضروري أن يكون البطل غائباً أو مميزاً بصفات خارقة، فقد يكون أحد الأشخاص العاديين الذين يعيشون بيننا. يرتبط مصير الجماهير بمصير البطل، فهم يرونه كحامٍ لهم، بينما يسعى البطل للحفاظ على الصورة التي تكونت عنه.
كما تبرز فكرة البحث عن قائد للمجتمعات المتخلفة في أطروحة مهدي، وهي قضية قديمة وجديدة في ذات الوقت. فمع غياب العدالة، يصبح لزاماً على كل جيل العثور على منقذ جديد يجسد آمالهم.
### العبودية والحرية
في الواقع، يمثل البطل في كثير من الأحيان شخصًا يعيش في حالة من الخيبة، حيث يضطر الناس للعيش تحت نير البطل الذي لا يعتبر رمزًا للوحدة الوطنية، بل يصبح دافعاً لصراع دائم بين الهويات المختلفة. وعندما يكثر الأبطال، يؤدي ذلك إلى انقسامات تؤدي إلى حروب أهلية قد تطول بسبب أسباب متأصلة.
### البحث عن البطل الحقيقي
عندما تكون حياة الناس في خطر، تتفاقم الجرائم والظلم. لكن مع توفر الحرية والعدالة، سيظهر بطل حقيقي من بين الناس، يستحق أن يُقتدى به، فيكون فنانًا، موسيقيًا، شاعرًا أو مهندسًا يتقاسم التطلعات مع الجميع.
البحث عن البطل نسق متجدد يتجلى في المجتمعات المستقرة، حيث يرتبط الشهرة بالقدوة والإنسانية بدلًا من الثروة والمصالح الضيقة.