التقدم الصناعي الأولى لليابان وجوانبها

Photo of author

By العربية الآن



التقدم الصناعي الأولى لليابان وجوانبها

shutterstock 181360289 1715781353
لم تمكن التضاريس الجبلية لكثير من الجزر اليابانية من تطوير الزراعة إلا بزراعة الأرز (شترستوك)
رسمت السلطات اليابانية التقسيمية تابعة للإمبراطور ميجي رسميا في عام 1868، وواجهت اليابان تحدٍ صعبٍ في سبيل التنمية، خاصة بعد التقسيم والهرمية والانحياز في الحكم.

وضعت الإدارة الجديدة خطة تشمل جوانب متعددة من الحياة، واعتمدت تجربة الدول الغربية والاستفادة منها كأساس لبرنامج تقدم شامل، وركزت الخطة على النقاط التالية:

  • إحداث ثورة في الصناعات: خاصة الثقيلة منها والتي تتضمن صناعة المحركات والسيارات والأسلحة، ولذلك ركز الإمبراطور على برامج الدراسات في الخارج واستقدام المعلمين، وقادت هذه الثورة الصناعية إلى مشاركتهم في المعارك الصعبة،
    • استيلاء: على اقتناء الخامات اللازمة لتلك الصناعات.
    • تعليم: نشط اليابانيون جهودهم في تطوير المناهج الدراسية في المدارس. واسند الإمبراطور اختيار الشبان اليابانيين المتميزين للدراسة في أميركا وأوروبا، مع التأكيد على احتفاظهم بالهوية والقيم اليابانية. كان الهدف الأسمى من ذلك هو تعزيز هوية اليابان وتطويرها دون التخلي عن التقاليد المجتمعية، حيث كانت الغايتهم الرئيسية بناء القوة الذاتية للبلاد لمواجهة التأثير الغربي الذي يهدد سواحلها، بدلا من أن تصبحوا سفراء للحضارة الغربية. وهذا يعكس رؤية مهمة ويستحق التأمل.

    ترك الإمبراطور ميجي البوذية جانبا وعمل على تجديد بعض خواصها، مما أتاح للشنتوية التوافق مع فكرة توحيد اليابان تحت راية الإمبراطورية التي يعتقد أنها نسلت من ألهة.

    ولا شك أن من إنجازات هؤلاء الطلاب المبتعثين كان التركيز على اكتساب المعرفة العملية التي يمكن تطبيقها، بدلا من التركيز فقط على الحصول على الشهادات العليا واحترامها. هدفوا صوب جوهر المعرفة، وسعوا نحو تحقيق حلمهم بوجود يابان أكثر قوة، دون الالتفات لاستكمال الدراسة أو الحصول على الشهادات. وهذا ما تؤكده القصص والأخبار بشكل واضح.

    وبدوره، استقدم الإمبراطور نحو ثلاثة آلاف أستاذ جامعي ومهندس وخبير أوروبي، ونشرهم في المناطق المحددة كمراكز للتصنيع والتعليم والابتكار في اليابان. تم توفير الحوافز وإقامة المصانع بينما كان زعماء الفئات الريفية والساموراي يديرون هذه المصانع والمراكز، وكانت هذه خطوة عملية نحو نقلم المجتمع التقليدي في اليابان، لتحسين نظام التعليم الياباني وجعله أكثر تقدما وحرية من نظيراته في الدول الغربية.

    • زراعة: الطبيعة الجبلية لجزر اليابان شكلت عقبة أمام تطور الزراعة، واعتمدوا بشكل رئيسي على زراعة الأرز. كانت مصادر طعامهم الأساسية تعتمد على الصيد، لذا كان عليهم تحسين طرق زراعتهم وزيادة الموارد الغذائية.
    • دين: رأى القادة الدينيون بالدين كوسيلة لقيادة الشعوب، ورغم انتشار البوذية والشنتوية في اليابان، إلا أن البوذية كانت الدين الرئيسي في البلاد، وعندما تولى الإمبراطور ميجي الحكم، وجد أن تعاليم البوذية تعرقل مسعاه نحو توحيد البلاد والتنمية المرغوبة. لذا قام بتنحية البوذية جانبا والبدء في إعادة صياغة بعض من تعاليمها. وأتاح ذلك للشنتوية التوافق مع فكرة توحيد اليابان تحت راية الإمبراطورية المقدسة.

    وفي الوقت نفسه، كان على اليابان أن تواجه الجهات التبشيرية المسيحية التي وصلت على سواحلها مع السفن الراسية.

    أفضت الجهود التي بذلتها اليابان إلى تحقيق نجاح كبير وتحقيق تقدم صناعي في البلاد.

    ويجب الإشارة إلى أن اليابان، على الرغم من استيعابها للعلوم الغربية ونجاحها في التطبيق، لم تكتف بتقليد الأفكار، بل قامت بتطويرها وإضافة لمساتها الخاصة للصناعات.

    مع التقدم السريع في المجال العلمي والصناعي والنهضة الزاهية التي شهدتها اليابان، انتشرت شبكة الخطوط الحديدية المتقدمة، وتطورت وسائل النقل البرية والبحرية لنقل المواد والأفراد في بلد محاط بالمحيط وطبيعته الجغرافية التضاريسية الصعبة، والذي يعاني من نقص في الموارد.

    اندلعت الحرب، وانتصرت اليابان وفرضت سيطرتها على منشوريا وشبه الجزيرة الكورية، وأجبرت الصين على تكبد تكاليف الحرب. تمت هذه الأحداث بين عامي ١٨٩٤-١٨٩٥ في نهاية القرن التاسع عشر.

    وقد ركزوا على بناء ترسانة عسكرية قوية قادرة على مواجهة التحديات القادمة، مما زاد من حاجتهم للمزيد من الموارد والوقود اللازمين. وشهد الإنتاج والاستهلاك من الفحم الحجري نموا كبيرا، مع اتجاه الأنظار نحو الدول المجاورة مثل الصين وكوريا وإندونيسيا.

    وفي ظل هذه التطورات، باتت اليابان تعبر عن قوتها واستعدادها لمواجهة أي تحديات لتعزيز سيادتها وتأمين احتياجاتها، وانكشفت المنافسة مع الصين حيث كانت التوترات قائمة بالأصل بسبب مناطق مثل منشوريا وشبه الجزيرة الكورية.

    وفعلا، اندلعت الحرب وخرجت اليابان منتصرة وفرضت سيطرتها على منشوريا وشبه الجزيرة الكورية، وأجبرت الصين على تحمّل التكاليف الناجمة عن الحرب. وقعت هذه الأحداث في الفترة بين عامي ١٨٩٤-١٨٩٥ في ختام القرن التاسع عشر.

    كانت الخطة اليابانية مدروسة ونجح اليابانيون في بذل أقصى جهدهم معتمدين على فكرة تقدمهم وإثبات وجودهم على الساحة العالمية. ورغم نجاحهم، برزت عمليات قتل وحشية في حملاتهم، خاصة ضد الشعب الصيني والكوري، حيث استنزفوا طاقاتهم في عمليات التعدين والاستغلال. كان اليابانيون يركزون بشكل أساسي على تطوير قدراتهم الصناعية وقوتهم العسكرية، دون الاكتراث بالمبادئ الأخلاقية، حيث كان المصلحة تتحكم في كل شيء.

    الآراء المطروحة في هذا المقال هي آراء الكاتب وقد لا تعكس بالضرورة رأي قناة الجزيرة.



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.