التهجير والمغادرة الأولى من جباليا

Photo of author

By العربية الآن



التهجير والمغادرة الأولى من جباليا

منطقة مدمرة جباليا مخيم المصدر: الجزيرة نت
استهداف منطقة سكنية واسعة في جباليا بشكل عنيف وفظيع من الطيران الإسرائيلي (الجزيرة)
أصبحت القوات الاحتلالية معتادة خلال هذا النزاع، كلما أرادت توغلًا في منطقة ما، أن تقوم بتدبير مُسبق عبر عملية استهداف واسعة لهذه المنطقة بوساطة أنواع مختلفة من الهجمات، وقصف المناطق السكنية بالأسلحة الجوية، واستهدافها بالمدافع بشكل مكثف وجنوني؛ بهدف تخويف وفزع المدنيين الذين لم ينقادوا لتهديدات الاحتلال بالانتقال والنزوح نحو جنوب القطاع، وكذلك بهدف إحداث أكبر عدد من الخسائر البشرية وتدمير الحياة والبنية التحتية، وهذا ما تعرض له أهالينا في بيت حانون، وبيت لاهيا المجاورتَين للمدنيتين جباليا.

هذا ما حصل وعايشناه في جباليا، حيث حوالي الساعة 12 ظهر يوم 22/12/2023 – وبعد نقل ابنتي لدار العزاء وهي مصابة بجراح خطيرة وأثناء عملية إزالة أنقاض القصف

فُعال حمم وقذائف يتساقطن علينا غزيرًا وعشوائيًا، وكذلك طيران حربي يقصف مربع سكني جنبنا أكثر من مرة، حيث كنا نستغيث بالأطفال ونتجمّع معًا، بحثًا عن مكان آمن في الإقامة لنا.

في تلك اللحظات العصيبة التي هلت الدموع من الأعين، نادت زوجتي بحنين وأخبرتني بأن أغادر فورا إلى مكان آمن، وأنها ستتبعني. مع اقتراب قوات الاحتلال منا، وتعرضنا لنيران القذائف، كانت القرارات صعبة والنتائج أصعب؛ فاضطررت للرحيل وقالت لي توكل على الله.

سلكت الطريق بلا هدف، همُّي على عائلتي، وخاصةً ابنتي سعاد المصابة، التي لم يمضِ على إصابتها إلا ساعتان. توجهت جنوبًا نحو مدينة غزة، حيث وجدتني بين الأصدقاء والأهل والجيران، وتوجهنا إلى مركز إيواء في مدرسة يافا لكونه الأقرب لنا.

في هذه الأثناء الصعبة، كنا ننتظر بفارغ الصبر أي أخبار تبشّرنا بسلامة أهلنا في جباليا، وفي تقريب المغرب جاء الخبر بأن أهلي قد نزحوا إلى مركز إيواء مدرسة يافا، بسبب استمرار القصف العنيف على منطقتهم.

سمعت زوجتي بأن عمي عطية قد تعرّض لقصف جوي بعد مغادرتنا المكان، مما أدى إلى تدمير المبنى السكني والإضرار بالمنازل المجاورة، بما فيها عمارتنا التي غادرناها في بداية الحرب.

وفي ظل هدوئها الملموم ورقتها النابضة بالحنان، اعتذرت ابنتي لعدم قدرتها على الوقوف؛ نتيجة لإصابتها في الساق. بيننا ساد الصمت الثقيل الذي لا يُوصَف، وبعد لحظات قمت بالتحية لوالدي وزوجتي واطمأننت على سلامتهم.

وجدت العائلة في حالة يُدمى القلب، وجدران الدموع تشقّ طريقها وجوههم مغطاة بالرماد والدمار من القصف، وتم تخصيص فصل دراسي خاص لإيواءهم في ظروف صعبة.

عرفت من زوجتي بأنها قررت إنقاذ الأولاد والعائلة من الخطر بعد قصف منزل عمي عطية، فسارعت بتسليم الأولاد بعض الحقائب الطارئة المعدة سلفًا.

هممت بالانضمام إليهم ولكن منعني الأصدقاء بسبب الخطورة المحيطة، واقتصر وصولي عليهم في الصباح. بعد التعب والإرهاق، انطمأنت شيئًا ما وتوجّهت إلى مدرسة فهد الصباح لزيارة العائلة.

ولنحكي بقية القصة مع انبثاق شمس جديدة، فالله حينئذ يكون معنا.

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.