الاحتفاء بمئوية «ملوك العرب»
اختتمت دارة الملك عبد العزيز احتفالية كبرى في مدينة الرياض بمناسبة مرور مئة عام على صدور كتاب «ملوك العرب» للكاتب اللبناني أمين الريحاني. حيث تم توزيع نص رسالة تاريخية كتبها الملك عبد العزيز إلى الريحاني، تعكس العلاقة الوثيقة التي جمعت بينهما.
في الرسالة، عبّر الملك عن سعادته بلقاء الريحاني بعد أن علم بوصوله إلى البحرين، وعبر فيها عن شوقه لرؤيته بعد فترة من الفراق. يُذكر أن الكتاب يُعد توثيقاً فريداً لرحلة الريحاني إلى الجزيرة العربية ما بين 1922 و1924، حيث قدّم من خلاله وصفاً دقيقاً لشخصيات وأحداث تلك الفترة.
ندوة للأكاديميين والمفكرين
شارك في الندوة نخبة من الأكاديميين والمفكرين، الذين ناقشوا المحتوى والأبعاد المختلفة للكتاب. وتركز النقاش حول إسهامات الريحاني الأدبية ومدى أهمية توثيق تاريخ المنطقة.
وفي كلمته خلال الندوة، أشار الأمير فيصل بن سلمان إلى أهمية النظر في العلاقة بين الريحاني والجزيرة العربية وفهم كيف تفاعل الريحاني مع ثقافات المنطقة.
رؤية الريحاني للجزيرة العربية
أوضح الأمير في كلمته أن الريحاني جاء إلى الجزيرة العربية بتصورات مسبقة، لكنه سرعان ما تأثّر بحكمة الملك عبد العزيز وانفتاحه على الآخر. حيث تبين له أن التجربة المباشرة في التعامل مع الشعب السعودي لا تتطابق مع التصورات البعيدة.
“من تجربة شخصية لا أكاد أعرف شخصًا كان عنده تصورات سلبية مسبقة عن هذه الدولة إلا وتشكلت عنده نظرة أكثر إيجابية بعد زيارتها والتعرف على شعبها” – الأمير فيصل بن سلمان
كما نقل الأمير أيضاً عن الريحاني مدى انبهاره بالشخصية القوية للملك عبد العزيز، وكذلك اهتمامه المعرفي بتاريخ المنطقة والسياسات العالمية.
كلمة أكاديمية حول تأثير الريحاني
شارك الدكتور أمين ألبرت الريحاني بكلمة مصورة، تسلط الضوء على إرث العميد الراحل وتأثير كتبه، خاصة «ملوك العرب»، التي حظيت بتقدير كبير من المفكرين العرب والغربيين. وتناولت الندوة مواضيع متنوعة تشمل الأبعاد الأدبية والتاريخية لكتابه.
المشاركون أبدوا إعجابهم بالأسلوب الأدبي الرفيع والنظرة العميقة للواقع التي تناولها الريحاني في كتاباته، وعكست انعكاساً حقيقياً للتاريخ والسياسة في زمنه.
ندوة علمية تعزز الفهم الأدبي والتاريخي
انطلقت جلسات الندوة التي تناولت الأدب والتاريخ في كتاب الريحاني، بمشاركة متحدثين بارزين من مختلف التخصصات، حيث تم استعراض تأثير الكتاب على صعيد الفكر العربي والعالمي. وقد نوقشت إسهامات الريحاني المتعددة التي جعلته شخصية فريدة في الأدب والسياسة.
كما أشار الدكتور عبد اللطيف الحميد إلى تأثير الملك عبد العزيز على جذور التاريخ السعودي وكيف شكلت عائلته المعايير الثقافية والسياسية في البلاد.
**التاريخ السعودي والإرث الثقافي**
يعتبر أمين الريحاني أحد أبرز مؤرخي التاريخ السعودي، وقد أبدى الملك سلمان اهتمامًا خاصًا بأعماله. وفي هذا السياق، أشار الدكتور الحميد خلال ورقته بعنوان “السعودية كما رآها الريحاني” إلى أن السعودية أعادت طباعة كتاب “ملوك العرب” في طبعته الخامسة قبل خمسة وأربعين عامًا، ما يعكس استمرارية اهتمامها بإرث الريحاني مع اقتراب الاحتفاء السعودي العربي المئوي بأعماله.
### العلاقات السعودية اللبنانية
من جانبها، اعتبرت الدكتورة زهيدة درويش، أستاذة الأدب الفرنسي في الجامعة اللبنانية، أن هذه الاحتفالية تمثل تجديدًا للجسور بين السعودية ولبنان. وأوضحت أن وصف الريحاني للقاءه بالملك عبد العزيز يعكس العلاقة الممتدة بين البلدين منذ أكثر من مائة عام.
### التحول الثقافي في السعودية
أضافت درويش أن الاحتفاء يأتي في وقت مهم للسعودية التي تشهد تحولاً كبيرًا في مختلف المجالات، مع تنوع ثقافي وجغرافي واضح، وما يتميز به المجتمع السعودي من ازدهار ورخاء يعكس اعتزازه بهويته.
### الهوية في كتابات الريحاني
تطرقت درويش إلى المقدمة التي جاءت في الكتاب، حيث تطرقت إلى إشكالية الهوية وعلاقتها بالآخر، مشددة على أن هذا السؤال كان من بين الدوافع الرئيسية لزيارة أمين الريحاني لشبه الجزيرة العربية، مما زوده بمادة غنية لوضع مؤلفه.
### أفكار الريحاني وتأثيرها
وبينت أن الريحاني كان قد تكوّن وعيه كطفل من صورة مغلوطة للعربي، مما يكشف عن أحكام نمطية شائعة. كما أضافت أنه بفضل فضوله المعرفي، بدأ مسيرته للبحث عن حقائق جديدة.
### الفيلم القصير والندوة الثقافية
عرض خلال الفعالية فيلم قصير يستعرض سيرة أمين الريحاني، ويبرز كتابه كأحد أهم الأعمال الأدبية التي وثقت الحياة في المنطقة العربية في بداية القرن العشرين، مؤكدًا على تأثير هذا الكتاب في توثيق الثقافة العربية ورؤى الريحاني حول مستقبل المجتمعات العربية.
### دعم التراث الثقافي
سعت “دارة الملك عبد العزيز” من خلال هذه الندوة إلى إحياء التراث الثقافي العربي وتعزيز الوعي بأهمية توثيق تاريخ المنطقة ومجتمعاتها.
