“الضيق يضطر الشخص إلى ركوب الصعب”.. النازحون في رفح يلجؤون إلى مخيم سابق تابع لكتائب القسام

Photo of author

By العربية الآن



“الضيق يضطر الشخص إلى ركوب الصعب”.. النازحون في رفح يلجؤون إلى مخيم سابق تابع لكتائب القسام

النازحون يُضطرون لنصب خيامهم داخل ثكنة عسكرية تابعة لكتائب القسام رغم خطورة الأمر نظرًا لعدم توفر بدائل
النازحون يقيمون خيامهم داخل ثكنة عسكرية سابقة تابعة لكتائب القسام نظرًا لعدم توفر بدائل (الجزيرة)
غزة- بالقرب من برج خرساني مُخصص للتدريب، ويحمل الشعار الرسمي لكتائب عز الدين القسام، الفرع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، يُحفر خميس المصري الأرض لتثبيت خيمته الجديدة.

ويعي المصري الخطر المترتب على العيش في موقع عسكري ينتمي إلى كتائب القسام، ولكنه يجد مبررًا في غياب البدائل التي يمكن أن تستوعب عدد النازحين الكبير.

وتقع الثكنة العسكرية، المحليا تعرف باسم “موقع الـ17″، غرب مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، وقد تم إخلاءها من قبل كتائب القسام في بداية الحرب التي يخوضها الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي ضد قطاع غزة.

النازحون من رفح يعيشون في ثكنة عسكرية لكتائب القسام بعد عجزهم عن العثور على مأوى آخر
الملاجئ التي احتضنت النازحين بسبب التهجير من قبل كتائب القسام (الجزيرة)

ضرورة عاجلة

يُقوم الجيش الإسرائيلي بقصف مناطق تابعة لحركة المقاومة والمنازل التي يُزعم أنها تحتضن أعضاء منها بانتظام.

حسب شهادة أحد النازحين، قام هو وآلاف آخرين بالتجوال بحثا عن مساكن بعد فرارهم من رفح، إلا أن جهودهم باءت بالفشل. بحثوا في عدة مناطق داخل قطاع غزة، ولكن بعد فشلهم، عادوا إلى دير البلح حيث علموا بوجود ملجأ مؤقت بإشراف كتائب القسام، ليُقرروا الاستقرار ونصب خيامهم هناك.

أكد النازحون ضرورة ملحة لاقامة مأوى لهم داخل الملجأ نتيجة للظروف القاسية التي يمرون بها، وفي الأشهر السابقة، كان السكان يتجنبون تلك المنطقة خوفا من قصف الاحتلال، ومع ذلك، قرر النازحون من رفح الاقتراب منها بناءًا على الحاجة الماسة.

تقدّر وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن حوالي 150 ألف شخص قد نزحوا من رفح بعد بدء العدوان الإسرائيلي على المدينة، حسب تصريحات لويز ووتريدج المتحدثة باسم الوكالة.

طلب جيش الاحتلال يوم الاثنين الماضي من سكان شرق رفح مغادرة منازلهم، وقام بعمليات عسكرية هناك. فيما قرر، السبت، التوسع في العملية وطلب من سكان وسط المدينة التحلي بالرحيل. دعا سكان رفح إلى النزوح باتجاه منطقة المواصي الساحلية التي تمتد من دير البلح شمالا، عبر خان يونس جنوبا حتى رفح شديدة الجنوب.

ألمح المراقبون إلى انزعاج المنطقة نتيجة للتجمع الكبير للنازحين وندرة البنية التحتية.

ريما الخور تحضر الطعام لأفراد عائلتها داخل معسكر اللاجئين التابع لكتائب القسام
ريما الخور النازحة تحضر الطعام لأسرتها داخل مرافق الكتائب العسكرية (الجزيرة)

قرار الهجرة

أثار إعلان الجيش الإسرائيلي بداية هجومه على رفح، حالة من الخوف في نفوس عائلة السيدة بدر صالح (72 عاما)، مما دفعها لاتخاذ قرار الهجرة، لكن واجهت صعوبات مالية كبيرة تعترض طريقها، مما اضطرها لبيع قطع صغيرة من المجوهرات التي تملكها زوجات أبنائها وبناتها لتتمكن من توفير التكاليف.

تحدّثت قائلة “أنفقنا 1200 شيكل (320 دولارًا) لإجلاءنا عبر سيارة نقل، كان علينا بيع قطع من الذهب والحلي التي كانت في ملكية بناتي وزوجات أبنائي لهذا الغرض”.

عندما واجهت العائلة صعوبات في تحديد الوجهة، اتجهوا نحو منطقة المواصي، وسافروا من هناك إلى الزوايدة، ثم استقروا في الموقع العسكري لكتائب القسام. يتألف العائلة من النساء والأطفال فقط، حيث بقي الرجال جميعهم في شمال القطاع.

الأونروا تقوم بتقدير نزوح حوالي 150 ألف شخص من رفح بسبب العدوان الإسرائيلي
النازحون يشتكون من تكاليف المواصلات المرتفعة للفرار من رفح (الجزيرة)

ريما الخور تروي تجربتها في العيش مع عائلتها في العراء، بعد قرارهم بالنزوح من رفح خوفا من الإعتداءات العسكرية، وبعد نقل خيمتهم القريبة من الحدود المصرية، توجه زوجها للبحث عن سيارة لينقلهم، لكن تفاجأ بغلاء الأسعار بسبب نقص الوقود.

نظراً لفقدانهم للموارد المالية،توجب على العائلة الإبيت في البراري بعد تفكيك المخيمة. وفي اليوم اللاحق، عثر الرجل على عائلة أخرى قبلهم لنقلهم مقابل مبلغ مالي، اتجهوا نحو بلدة القرارة الملاصقة لخان يونس، لكن لم يجدوا مكانا لتركيب مخيمهم، فانتقلوا نحو دير البلح، ثم نحو الزوايدة، وعادوا مرة أخرى إلى دير البلح. هناك أُبلغوا عن وجود مركز استضافة داخل موقع كتائب القسام، وقرروا الذهاب إليه.

داخل الموقع الجديد، واجهت العائلة نفس المعضلة، حيث لم يتمكنوا من تركيب المخيم الغير مجهز والمصنوع من الأخشاب والنايلون بسهولة، لذا اضطروا أيضا للاقامة في البراري لليلة إضافية.

تقول السيدة للجزيرة نت إن نزوح الناس بشكل جماعي، كان مرعبا للغاية، وبكت لمدة 4 أيام متواصلة. تدرك الزوجة خطورة المكان، ولكنها تبرر وجودها هنا بالقول “المضطر يفعل ما يستطيع، تجولنا في كل المدن ولم نجد ملجأً”.

مفارقات

“هل وجدنا ملجأ آخر؟” بهذا السؤال، برر خالد بلح النازح من رفح، اختياره للاقامة في الموقع العسكري لكتائب القسام.

وصرح للجزيرة نت “إلى أين نذهب؟ إن وجدتم لنا مأوى أفضل سنترك هذا الموقع الخطر فورا، لماذا نأتي إلى موقع عسكري إلا لضرورة؟”.

وفي رأي خالد، يعتبر من الغرائب أن يُضطر النازحون للإقامة في هذا المكان الخطر، بعد ان دفعوا مبالغ ضخمة للخروج من رفح. وأضاف أنهم دفعوا 300 دولار للنقل، و 500 دولار للمخيم من اجل الجلوس في هذا الموكان المهدد بالقصف.

وبصعوبة شديدة، توصل باسم لوز، بموافقة ادارة المركز الذي كان يحتضنهم في رفح، على تقديم المخيم الذي تألف من 15 فردا. وبعد تحويل العائلة 1700 شيكل (456 دولار) لسائق الشاحنة التي نقلتهم لدير البلح، قرر لوز البقاء في الشارع حتى العثور على مكان مناسب.

وعندما سُمع بوجود الموقع العسكري لكتائب القسام، سارع إليه وركب المخيم هناك. وقال للجزيرة نت “قد نشعر بالخوف هنا، ذلك صحيح، لكننا مضطرون، كنا سنجلس في الشارع، هذا الموقع أفضل من الشارع على الرغم من الخطر”.

يؤكد إسماعيل الثوابتة مدير الإعلام بغزة أن المحافظة الوسطى التي تشمل دير البلح، غير ملائمة لاستقبال النازحين من رفح. وأكد للجزيرة نت أن عدد السكان في المحافظة حوالي نصف مليون فرد معظمهم من النازحين، وبالتالي ليست مهيأة لاستقبال المزيد من النازحين.

وأضاف أن الاحتلال يشن هجمات على المحافظة الوسطى، وفي غضون 15 ساعة (ليلة الجمعة) قتل فيها 40 شخصا من النازحين من رفح. وحذر من أن استمرار الهجمات على رفح وإغلاق المعابر الحدودية سيؤدي لمأساة ومجاعة خطيرة في القطاع.

المصدر : الجزيرة



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.