العاصفة تكشف تراكمات الكيان الصهيوني في المنظمة الدولية
الأمم المتحدة وأمينُها وأفرادُها ومعاهدُها وأنظمتُها.
كمَ من الحريقة والذبح قام بها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني قبل مواجهة طوفان المسجد الأقصى، وهو يحاول إقناع العالَم بالكذب والافتِراء؛ مدّعيًا بأنه يُدافِع عن نفسه ضد الجُماعات الفلسطينية الإرهابية التي تسعى لاتّلاف اليهُود في العالم، وتُعيد ذِكرَى المحرقة النازية المُزَوَّرة.
علْيَة لا يُغَفَر
كانت غَب الكيان الصهيوني يتوقّع مُسبَقًا أن طَلبَ المجموعة العربية للحُصول على عضوية كاملة لفلسطين في الأمم المتحدة سيَحُظى بأغلبية ساحقة، ولهذا جاء ممثلُهُ الدائم في الكيان الصهيوني بِالأمم المتحدة مُستعِدًا لهذا المُوقَف، وحامِلا معه آلة صغيرة جدًا لتَقطيع الوُثائق والمَواد، بِأِنَّها بَدت وكأنها مُصنّعة خصّيصًا لهذا المُوقَف، وفي خِطابه الذي سَبق التصويت على الطَلب، أخرَج آلتَهُ وأدارها ثم أدخل فيها نسَخة من مِيثاق الأمم المتحدة لتَتُحول في ثَوانٍ مُعَدودة إلى شَظايا.
وكما تَلقَت دولة الكيان الصهيوني مسؤولية الإبَادة الجماعيّة الشاملة التي يُقوم بها في غزة على حماس وكتائب المُقاوَمة الفلسطينية المُسَلّحة؛ قام ممثِل الكيان الصهيوني الدائم في الأمم المتحدة بفِعلِهِ وقَطع ميثاق الأمم المتحدة وألقى باللَوم على الأفراد الذين سيصوتون لصالح القرار بِمنح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة، قائلا “إن الدُوَل التي سَتصوت لصالح مِشْروع قرار بِشأن عضوية فلسطين تمزّق ميثاق الأمم المتحدة بأيديها”، مُتّهِمًا الجُمعية العامة للأمم المتحدة بالوُقاحة، وأنها “اختارت مُكافَأة النَازيين الحاضِرين بِالحقوق والامتيازات”، وأنها فَتحت الأمم المتحدة أمام الجِهاديين “الذين يرتكبون الإبادة الجماعيّة والمُلْتَزِمين بِإقامَة دولة إسلامية في جميع أنحاء إسرائيل والمنطقة والذين يُقتلُون كل رجل وامرأة وطفل يهودي”، وأنها “ترتكب عِلّة لا يُغَفَر،.. وتُبصِق على القُيَم نفسها التي وَضَعَتها”، وأنها تنتهك الميثاق وتتجاوز مجلس الأمن وتستهزئ بِمَعنى “مُحَبة السَلام، لِأَنّها تُحَابي الفلسطينيين الذين وَصّفهم بأنهم “مُحَبي الإرهاب”.
وكالعادة لم ينس ممثِل الكيان الصهيوني التَذكير بِالمحرقةِ النازية ضد اليهُود، مُضيفًا أن هذا اليوم “سيكون عارًا على الأمم المتحدة، التي تأسّست في أعقاب القَتل المُنهَجي لستة ملايين يهودي، لِأَنّها لا تُهتَم بِميثاقها التأسِيسي، وتُدفع بنظام إبادة جماعيّة آخر يُهدد وجود الشعب اليهودي”. أما وَزير خَارِجِيَة الكيان الصهيوني “يسرائيل كاتس”، هجومًا حادًا على الأمم المتحدة بعد إصدار القرار، مُعتبرًا إياه بِأنه “مُكافَأة لإرهابيي حماس بعد ارتكابهم أكبر مَجَزَرة ضد اليهود منذ المحرقة”.
تَرتكب دولة الكيان الصهيوني في قطاع غزة أبشع حُرُوب الإبادة الجماعيّة التي عرفها التاريخ، والتي أُصابت رُكنَهُ العالَم جَمِيعًا، دُون أن تُهتَز لها شَعرة واحدة في جِسدِها المُتَلَبِد الذي يتغذى على الأكاذيب والتَضَليل والقُرْصَنَة والابتزاز والعُنصريّة، وتُتَّهم المُقاوَمة الفلسطينية بالإرهاب والتَطرف ومُعاَداَة السامية، في الوقت الذي تَحتلُ فيه أرض فلسطين وتُستَبيح كل شيء دون رادع أو جازر.
إلا أن دماء الأَبْرار من الضُعَفاء والنساء والأطفال، الّتي أريقت في قطاع غزة تحت القَصف والدمار الذي لم يُترُك فيها شيء، أيقظت العالم، ودفعته إلى إعادة التفكير في مواقِفِه العمى التي يُسانِد فيها الكيان الصهيوني طيلة العقود الماضية، مُعتمدًا على مَا يُقدمه من أكاذيب وتلفيقات، وما يُقوم به من حَجب لحقيقة ما يُقوم به ضد الشعب الفِلسطيني، وما يُسببه له من مُعَاناة.
فكَم من الحرقة، وكَم من الذبح قام به ضد الشعب الفلسطيني قبل مُواجهة طوفان المسجد الأقصى، وهو يحاول إقناع العالم أنه يُدافِع عن نفسه بالكذب والافتِراء ضد الجُماعات الفلسطينية الإرهابية التي تسعى لاتْلاف اليهُود في العالم، وتُعيد ذِكرَى المحرقة النازية المُزَوَّرة.
توقع الكيان الصهيوني في التصويت لإعطاء فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة أن يزداد عدد المعارضين للقرار تحت تأثير مزاعم حرب الإبادة الجديدة التي يتعرض لها الشعب اليهودي في فلسطين منذ المحرقة النازية.
التصويت ينقض الأكاذيب
فضحت حرب الإبادة الجماعية التي يقوم بها التحالف الصهيو-أميركي في غزة؛ دولة الكيان الصهيوني، وكشفت حجم الأكاذيب التي يضلل بها العالم منذ عدة عقود، بعد أن تابع العالم تفاصيل هذه الحرب الهمجية الوحشية على مدار الساعة، بالألوان الطبيعية على الهواء مباشرة، لأكثر من سبعة أشهر حتى الآن.
وظهر ذلك جليا في حصول الطلب على موافقة ١٤٣ عضوا، ومعارضة تسعة أعضاء، وامتناع ٢٥ عن التصويت، في حين حصل قرار رفع تمثيل فلسطين في الأمم المتحدة في نوفمبر/ تشرين الثاني ٢٠١٢م على موافقة ١٣٨ عضوا واعتراض تسعة أعضاء، وامتناع ٤١ آخرين عن التصويت.
كانت صدمة الكيان الصهيوني في التصويت على إعطاء فلسطين عضوية كاملة أنه لم يصوت لصالحه من الدول المعتبرة سوى الولايات المتحدة والأرجنتين،إضافة إلى المجر والتشيك وبالاو وثلاث دول جزرية في غرب المحيط الهادئ، حيث يبلغ إجمالي سكانها أقل من ١٥٠ ألف نسمة.
١٤٣ بلداً في العالم لم تعد تهتم بقطع علاقاتها مع كيان صهيوني، أو بتعرضها لعقوبات اقتصادية أو تكنولوجية أو عسكرية، أو بتدخلات انقلابية مشبوهة. تأثرت قرارات الدول الغربية بشكل كبير نتيجة لتداعيات الحرب الجماعية ضد غزة، مما أثر سلباً على التصويت لصالح إدراج فلسطين كعضو كامل في الأمم المتحدة. الدول الغربية الامتنعة عن التصويت بلغت ٢٠ دولة من إجمالي ٢٥، معظمها دول أوروبية وكندا، وتحتفظ بعلاقات قوية مع كيان صهيوني، مثل بريطانيا وألمانيا وإيطاليا. الدول المعترضة على القرار كانت أقرب إلى الموافقة عليه، وكان يتوقع من كيان صهيوني ازدياد الضغط بسبب مزاعم حرب الإبادة الجديدة التي يواجهها الشعب اليهودي.
الدول الغربية الأخرى صوتت جميعها لصالح القرار، بما في ذلك فرنسا وإسبانيا والبرتغال وأستراليا، باستثناء إستونيا التي لم تشارك في التصويت، مما يعد صدمة كبيرة لكيان صهيوني، ومؤشر على تداعيات قادمة.
على الرغم من الانتصارات التي حققتها فلسطين في هذا التصويت، لا يزال هناك ألم بسبب الانقسام الفلسطيني وضعف الحوار بين الأطراف وتوحيد الصف ضد كيان صهيوني، في مرحلة تاريخية غير مسبوقة في تاريخ القضية الفلسطينية.